البث المباشر

تفسير موجز للآيات 61 الى 63 من سورة النمل

الثلاثاء 7 إبريل 2020 - 09:34 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 688

ِبسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين.. وصل وبارك وسلم على الحبيب محمد وآله الأطهرين..

إخوة الإيمان أهلاً بكم جميعاً في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة النمل المباركة هذه أولاً الآية الحادية والستون:

أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾

 

تعرض هذه الآية بدورها تعقيباً لسالفتها لمظاهر من الحيوة تبياناً لقدرة الله وحكمته في خلق الأرض بما في ذلك متطلبات الحياة ومقوماتها، فقوله تعالى: "أمن جعل الأرض قراراً" يشير الى نعمة خلق الله الأرض المستقرة التي لا تميل ولا تميد بأهلها لدى وقوع الزلازل بين الحين والحين في نقطة ما من الكرة الأرضية.

أما قوله عزوجل: "وجعل خلالها أنهاراً" أي وسط الأرض وفي مسالكها ونواصيها أنهاراً جارية ينبت بها الزرع ويحيا بها الخلق وقوله "وجعل رواسي" يشير الى الجبال الثوابت التي أثبت بها سبحانه الأرض ثم قال "وجعل بين البحرين حاجزاً" أي بين مصادر الماء العذب والملح لكي لا يختلطا، ثم ختم الآية بقوله "ءإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون" وهذا يماثل ما في الآية السابقة "ءإله مع الله بل هم قوم يعدلون" جاء توكيداً لوحدانية الله وإن كانوا لا يعون ذلك لعدم تدبيرهم.

نبهتنا الآية:

  •  باستقرار الأرض وثباتها بنحو يقال لمن فوقها، أن الأرض ثابتة لا حركة لها في حين أن الأرض تدور حول محورها وحول الشمس بسرعة فائقة غير محسوسة نظراً لرتابتها ونظمها.
  •  مصدر الكفر والشرك ومرده أساساً الجهل وعدم معرفة الحقيقة كما هي، ما يحتم علينا التبليغ والدعوة لذلك وتنوير الرأي العام.

والآن نستمع للآية الثانية والستين من سورة النمل المباركة:

أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾

 

تشير الآية لأحد المظاهر الدالة على وجود الله وحضوره جل وعلا في حياة الناس كلهم؛ قوله تعالى "أمن يجيب المضطر إذا دعاه" أي: هناك من يستجب لدعوة المكروب فيكشف ضره وكربه غير الله عزوجل.. وإجابة دعاء المضطر هي فعل ما يدعو به وهذا لا يكون إلا من قادر على الإجابة مختار لها ورأس المضطرين المذنب الذي يدعوه ويسأله المغفرة ومنهم الخائف الذي يسأله الأمن والمريض الذي يطلب العافية، والمحبوس الذي يطلب الخلاص، فإن الكل إذا أضاقت بهم الأمور وتقطعت السبل وتوحدت أمامهم الأبواب كلها ولا يجدون لهم مخرجاً، فزعوا الى رب العالمين.

وإنما خصّ المضطر وإن كان الله يجيب غير المضطر لأن رغبته أقوى وسؤاله أخضع، أما قوله عزوجل "ويكشف السوء" فهو يعني أنه عزوجل يدفع الشدة وكل ما يسوء، ثم يذكر نعمة أخرى بقوله عزوجل "ويجعلهم خلفاء الأرض" أي يخلف كل قرن منكم بتوارثكم سكناهم والتصرف فيها قرناً بعد قرن.

وقيل: يجعلكم خلفاء من الكفار بنزول بلادهم وطاعة الله بعد شركهم وعنادهم "ءإله مع الله قليلاً ما تذكرون" أي قليلاً ما تتعظون وتعتبرون.

وتشير آيات القرآن الأخر الإيمان الفطري لدى ركوبه البحر ولا يرى ولا يجد ما ينجيه من الغرق، فيدعو ربه مخلصاً له الدين، فمن الماديين ومناوئي الدين، من يرون أن الله وليد الخوف والطوارئ، تبريراً لإنكار الله؛ إنهم كما يقال لهم أن الإنسان لدى مواجته المشاكل والظروف الصعبة والأهوال، يلوذ عاجزاً خائفاً وجاهلاً بما يجول في الفكر وينسجه الخيال.

في الحقيقة أن المؤمن يخشى الله ويتكل عليه في كل الظروف والأصول ولحظات العمر، ولكن من شأن الخوف والأهوال تبديد سحب الغفلة وإزالة ظلال الضلال وأن لا يرى الإنسان إلا الله ولا يرى إلا معبوده الخالق سبحانه وتعالى ولا يدعو لقضاء حاجته إلا هو.

أفهمتنا الآية:

  •  معرفة الله بالفطرة هي الدليل للتوجه الى المنقذ والى القدرة المنجية في النوائب ومحن الحياة.
  •  كما تشير الآية السادسة والعشرون من سورة "ص" المباركة "يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض" منح الله الإنسان الحكم في الأرض، وقدرة التصرف بالطبيعة وتسخيرها واستشمار ما فيها من خيرات.

والآن نصغي وإياكم مستمعينا الأفاضل للآية الثالثة والستين:

أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ تَعَالَى اللَّـهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾

 

في ضوء ما تقدم تذكر الآية بنعمة الإهتداء الى الطريق لدى الإبحار والسفر في دجى الليل براً، بما نصب الله من الدلالات من الكواكب، أما قوله عزوجل "ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته" أي: إرسالها مبشرات بالمطر قبيل نزوله والرحمة تعني المطر.

أفادتنا الآية:

  •  ما في الطبيعة والعالم من سماء وأرض من الظواهر المنظمة والمترابطة لخير شاهد ودليل على أن للكون برنامجاً متقناً ومعلوماً، وهو ما لا يقدر عليه إلا الخالق سبحانه.
  •  ما من أحد أو شيء يضاهي الله إسماً ومنزلة، فإنه العالي الأعلى ومن يعلو على الكائنات كلها هو الله.

الى هنا تنتهي هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.. على أمل أن نلتقيكم على بركة الله في حلقة جديدة من البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة