البث المباشر

تفسير موجز للآيات 55 الى 59 من سورة الانفال

الإثنين 10 فبراير 2020 - 11:17 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 285

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على حبيبك وخيرة خلقك النبيّ المصطفى النبي محمدّ وعلى آله الطاهرين.

إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنتابع وإياكم تفسير سورة الأنفال.

ففي البدء، ننصت خاشعين لهذه التلاوة العطرة للآية الخامسة والخمسين من هذه السورة المباركة:

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ان شرّ الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون.

 

تبعاً لما تقدم، دذم سبحانه الكفار قائلاً "إن شر الدواب" أي: شر من يدب على وجه الأرض "الذين كفروا" واستمروا على كفرهم "فهم لا يؤمنون" هذا إخبار عن قوم من المشركين انهم لا يؤمنون أبداً، فخرج المخبر على وفق الخبر فماتوا مشركين.

أفادتنا الآية:

  • قيمة المرء- بعقلة وايمانه- وأن الكفر يخرج الإنسان من إنسانيته.
  • كثير من الدواب كالأنعام مفيد للإنسان –اما الكافرون- فهم دون حتى الأنعام وأقل منها قيمة.

والآن نستمع للآية السادسة والخمسين من سورة الأنفال المباركة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

الذين عاهدت منهم ثمّ ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون.

 

عقب الآية المذكورة، وصف سبحانه المشركين قائلاً "الذين عاهدت منهم" أي: من جملتهم والضمير العائد إلى الذين محذوف، اي: الذين عاهدت منهم، أي: من المشركين. وقيل: إن "من" مزيدة وإنما دخلت لآن معنى عاهدتم أخذت العهد منهم وكما قال ردف لكم. لأن معنى ردف قرب فعومل بما يعامل به وقيل معناه عاهدت معهم.

قيل: أريد به يهود بني قريظة فإنهم كانوا قدعاهدوا النبي صلى الله عليه وآله على أن لا يضروا به ولا يعينوا عليه عدواً ثم ما لأوا عليه الأحزاب يوم الخندق وأعانوهم عليه بالسلاح وعاهدوا مرة بعد أخرى فنقضوا فانتقم الله ومنهم "ثم ينتضون عهدهم في كل مرة" أي: كما عاهدتمهم نقضوا العهد ولم يفوا به" وهم لا يتقون" نقض العهد وقيل لا يتقون عذاب الله تعالى.

ما تعلمناه:

  • يجوز معاهدة الكفار والمشركين وماداموا متمسكين بذلك- لا يمكن نقض العهد.
  • من دوافع نقض العهد- عدم التقوى

نستمع الآن للآية السابعة والخمسين من سورة الانفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

فإما تثقفنهم في الحرب فشرد ربهم من خلفهم لعلهم يذكرون

 

ثم حكم سبحانه في هؤلاء الناقضين للعهود فقال للنبيٌ صلى الله عليه وآله "فإما تثقفنهم في الحرب" معناه فإما تصادفنهم في الحرب. أي: إن ظفرت بهم وأدركتهم "فشرد ربهم فنكل ربهم تنكيلا وأثر فيهم تأثيراً يشرد بهم من بعدهم ويطردهم ويمنعهم من نقض العهد بأن ينظروا فيهم فيعتبروا بهم فلا ينقضوا العهد ويتفرقوا في البلاد مخافة أن تعاملهم بمثل ما عاملتهم به وان يحل بهم ما حل بهم.

أفهمتنا الآية:

  • عدم الإكتفاء بقوى الخط الأمامي وتجاهل فتن العدو وما يخطط له وراء الجبهة، يجب ان يكون هناك بعد نظر وتعرف المتآمرين الأساس.
  • الاسلام، دين الراحة والرحمة –لكنه لا يصبر على الخيانة وتأزيم الوضع الأمني.

والآن نصغي بكلنا للآيتين الثامنة والخمسين والتاسعة والخمسين من سورة الأنفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إيهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين. ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون

 

في هاتين الآيتين الكريمتين اللتين انزلتا بعد نقض يهود المدينة العهد، قال العليم القدير في الأولى مخاطباً الرسول الأمين صلى الله عليه وآله "وإما تخافن من قوم خيانة" أي: إن خفت يا محمد من قوم بينك وبينهم عهد خيانة فيه لأن الخيانة إنما تكون بعد تقدم العهد ولم يظهر منهم نقض العهد بعد (فانبز إليهم على سواء) أي: فألق إليهم ما بينك وبينهم من العهد وأعلمهم بأنك قد نقضت ما شرطت لهم لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على استواء ولا تبدأهم بالقتال من قبل أن تعلمهم بنقض العهد حتى لا ينسبوك إلى الغدربهم.

فهذا معنى قوله على سواء.

وقيل معنى قوله على سواء على عدل، أي: إن كان بينك وبينهم عهد بغير مال، فأعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم. وإن كان العهد على مال فردّ المال عليهم ثم انقض العهد "إن الله لا يحبّ الخائنين" أي: بنقضهم، معناه: فلا تخنهم بأن تبدأهم بالقتال من غير إعلامهم بنقض العهد.

قيل: هذه الآية نزلت في بني قينقاع. وبهذه الآية سار النبي صلى الله عليه وآله إليهم.

عند ذاك، ولما تقدم الأمر بتقال الكفار عقبه سبحانه بوعد النصر والأمر بالإعداد لقتالهم فقال "ولا يحسبن الذين كفروا" أي: لا يحسبن الكافرون أنفسهم سابقين. وفي من قرأ " ولا تحسبن الذين كفروا" معناه ولا تحسبن يا محمد أعداءك الكافرين قد "سبقوا" أمر الله وأعجزوه وأنهم قد فاتوك فإن الله يظفرك بهم كما وعدك ويظهرك عليهم.

والسبق والفوت بمعنىً واحد.

وقيل: معناه لا تحسبن من أفلت من هذه الحرب أنه قد يسبق إلى الحياة. والخطاب للرسول صلى الله عليه وآله والمراد به غيره.

وقيل: إنه قاله تطييباً لقلبه في الهاربين كما طيب قلبه في المقتولين والمأسورين.

"إنهم لا يعجزون" أي: لا يعجزون الله ولا يفوتونه حتى لا يبعثهم الله يوم القيامة.

وقيل: معناه لا يعجزونك.

علمتنا الآيتان الكريمتان:

  • يكون الإلتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية- ساري المفعول ويبقى على قوته مادام لم يكن هناك خوف أوخيانة في الأمر.
  • إلغاء المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات يجب أن يكون كعمل بالمثل وبصورة عادلة- وابلاغ العدو مسبقاً بالأمر لا أن يتم غدراً فإنه خيانة.
  • على زعماء العالم الإسلامي الأخذ بزمام المبادرة لكي لا يخال للعدو أنه السباق وقادر على التسلط وفرض هيمنته على المسلمين.

 

مستمعينا الكرام إنتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة شكراً لحسن المتابعة. نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة