البث المباشر

جهل الثقة بالمرأة

الإثنين 18 نوفمبر 2019 - 10:19 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 41

ضيوف البرنامج: سماحة الشيخ جعفرالعساف الباحث الإسلامي من لبنان والسيدة هدى علوي الباحثة الإجتماعية من طهران
المحاور: أعزائي المستمعين نرحب بكم في برنامجكم الأسبوعي من الواقع الذي نقدمه كالمعتاد من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وموضوع حلقة اليوم مستمعينا سيكون عن حالة طالما خلّفت آثاراً سلبية وأدت في نفس الوقت الى تعطيل اهم ركن من اركان مجتمعاتنا في أن يُبدع او يُنتج او يُحقق نجاحات، هذا الركن المهم والأساسي مستمعينا الأعزاء هو المرأة لذلك ما سنتناوله في حلقة اليوم هو جهل البعض في ثقته بها والذي لايسمح او يفسح المجال لها لأن تأخذ دورها الحقيقي في الحياة أبداً. دعونا مستمعينا الأفاضل نستمع اولاً الى قصة الشابة إشراق وكيف كانت تعيش مع أبيها ومن ثم نعود وإياكم لتوجيه بعض الأسئلة الى ضيفي البرنامج الكريمين سماحة الشيخ جعفر العسّاف الباحث الإسلامي من لبنان والسيدة هدى علوي الباحثة الإجتماعية من طهران لأجل تسليط الضوء أكثر على موضوع الجهل فكونوا معنا
أحبتي المستمعين إشراق شابة في مقتبل العمر تعيش في منزل بسيط الحال تعودت كل صباح أن تقوم بإعداد الإفطار والشاي لأبيها ولما تخرج تكون الأعمال المنزلية الأخرى هي أهم ما يشغل بالها باقي الوقت حتى يعود الأب ليجد كل شيء نظيفاً وكل شيء مهيئاً حسب ما تعود عليه عندما كانت زوجته على قيد الحياة. نعم أحبتي فقد تولّت إشراق المسؤولية بعد وفاة والدتها وأصبحت تهتم بالبيت وخاصة بأبيها الذي كان يشعر بالراحة والسعادة دائماً مما تُنجزه إبنته في البيت او ما تقوم به لأجله. لمَ لا وهي لاتخرج إلاّ قليلاً؟ ولاتتصل بأحد إلاّ نادراً، لقد تعوّت إشراق على هذه الحياة لكنها بمرور الوقت وفي بعض الأحيان كانت تشعر بالغبن لأنها ليست كالأخريات ممن يعشن في الزقاق نفسه فوالدها قد أخرجها من المدرسة وهي لم تكمل الدراسة الإبتدائية بعد وحجته في ذلك أنها قد تعلمت ما يُمكّنها أن تقرأ وتكتب كما أنه ينحدر من عائلة محافظة جداً لايسمح أفرادها لبناتهم أن يمارسن عملاً معيناً خارج البيت ولا أن يُكملن تعليمهن ولا أن يكنّ لهن صديقات يتصلن بهن ولا، ولا... نعم فاللاءات كانت كثيرة في هذه العائلة وهي مخصصة للنساء طبعاً ظناً أن ذلك كان يُعتبر تصرفاً وسلوكاً من شأنه أن يجلب للعائلة راحة البال ويُبعدها عن مشاكل الحياة.
ولكن اعزائي المستمعين هل يمكن أن ننظر الى الحياة من ثقب إبرة أم من الأفضل أن ننظر اليها من أوسع الأبواب؟
أحبتي عرفنا الآن كم إن إشراق كانت تعاني من ظلم أفكار والدها وجهله بما يحصل بالحياة من تطوّر وهذا ما كان يمنع الإبنة من مزاولة أي حق من الحقوق التي منحتها لها قوانين الأرض كما منحتها لها ايضاً قوانين السماء ولكن دون أن يعلم الأب فهو بكل تأكيد ماكان يعرف أنه يظلم إبنته وما كان يدري أنه بتصرفه هذا إنما يتسبب في حرمان إبنته في ممارسة حق من حقوقها الإنسانية. وفي يوم عاد الأب الى البيت فلم تكن الأبنة موجودة، دخل غرفتها فلم يجدها ومن ثم صعد الى الطابق العلوي. نزل مرة أخرى، دخل المطبخ، نظر من الشباك الى حديقة المنزل الصغيرة ولكن دون جدوى، فقد تأكد أن إبنته قد خرجت ولكن الى اين؟ ومتى ستعود؟ ماذا حصل حتى تخرج إشراق دون أن تنتظر والدها لتخبره؟ كيف يتصل بها؟ ولمن يلجأ؟ فهي وعلى حد علمه أنها لاتمتلك أحداً تذهب اليه ولاتمتلك نقوداً لتشتري شيئاً مثلاً ولاتعرف الطرق لكي تذهب وتعود لوحدها! فأخذ القلق يُساوره لا بل أخذ الغضب والإنزعاج يُسيطران عليه، عاد وتسائل مع نفسه من جديد، كيف تخرج دون أن تستأذن مني؟ كيف تخرج دون أن تنتظرني؟ هل نسيت بأنني أبوها؟
بعد ما عجز الأب من معرفة المكان الذي ذهبت اليه إبنته حاول أن يشغل نفسه ببعض الأشياء رغم ثورة الغضب التي إنتابته فدخل المطبخ لإعداد شيء يأكله، توقف قليلاً! لايعرف ماذا يُعد؟ فهو ما ألف ذلك قبلاً، حاول رغم صعوبة ذلك أن يُعد شيئاً. مرت أكثر من ساعة لكنه أثناء إعداده الطعام كان فكره مشغولاً تماماً بإبنته وقلقه كان يتزايد وهو يعلم أن إنشغاله في إعداد الطعام لايمكنه أن يُبعده عن التفكير بإبنته. أشعل الأب النار لطهي الطعام وفي هذه الأثناء رنّ جرس التلفون، قفز من مكانه مُسرعاً، لم ينتبه لحاله أبداً ونسي أن يُطفأ النار. كان جُل همه أن يرد على الإتصال، فمن سكون؟ حتماً إنها إبنته. قال في نفسه: ياألهي أخيراً إتصلت إشراق، لكني سأعاقبها وأوبّخها وأحاسبها. لا هذا لايكفي بل سأضربها حتى لاتكرر فعلتها! بلهجة عنيفة رفع سماعة الهاتف وقال: ألو أين أنت؟ لكنه سمع صوتاً آخر يقول له: عذراً هل هذا منزل الآنسة إشراق؟ تعجّب الأب من الصوت، أولاً لأنه كان صوتاً لرجل، ثانياً كيف عرف هذا الرجل رقم تلفون المنزل؟ ومن هو الذي يجرأ الإتصال بإبنته؟ أجاب الأب ببعض الخشونة قائلاً: عفواً هذا منزل والد إشراق ولكن أريد أن أعرف من تكون انت؟ وماذا تريد؟ قال له الرجل بكل أدب وإحترام: أرجو المعذرة أنا جارك أبو سعيد، إتصلت لأشكر الآنسة إشراق على ما بذلته مع زوجتي كثيراً فقد عدت الان من عملي وعرفت من زوجتي أنها قد خرجت وأن إبنتك إستطاعت أن تساعدها في مراحل العلاج طويلاً حتى شفيت ولولاها لما كان يمكن لغيرها أن يستمر معها فإبنتك إشراق ذكية جداً وصبورة جداً في معالجة المرضى والان زوجتي ستعود لتمارس عملها خارج البيت كما ستعود لتؤدي دورها مع أسرتها.
بالتأكيد أعزائي المستمعين إندهش الأب مما سمعه، كان ذلك بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة اليه، لايدري ماذا يفعل. عاد الى المطبخ وفكره بات مشغولاً أكثر والغضب الذي ورثه من عائلته تغلّب عليه وقرر عندما تعود إبنته أن يُؤنبها ويُعاقبها لأنها وحسب إعتقاده فعلت جرماً يجب محاسبتها عليه. وهو منشغل بالتفكير إنتبه الى ما أعده في المطبخ قد بدأ يحترق بل أخذت النار تتصاعد قليلاً، إرتبك من الموقف وتعجّل في إطفاء النار، صرخ مع نفسه أين أنت؟ تتركين أباك لوحده؟ لكن النار بدأت ترتفع وتزداد. إستشاط غضباً وحاول أن يُخمد النار بأي وسيلة وأمسك بقطعة قماش ووضعها على النار، لسعت النار أصابعه! بل بدأ الموقف يزداد سوءاً ولايدري ماذا يفعل. وهنا وجد إبنته أمامه ودون شعور منه ورغم كل ما توعّد به لها نسي ما قاله بحقها خاصة بعد أن تمكّنت إشراق من إطفاء النار معه وأسرعت لإحضار الدواء لمعالجة حروقه. إبتسم الأب فضمّ إبنته الى صدره وقال لها: لولاك لكنت الآن محترقاً ولولاك لكان أبوك... وهنا أوقفته إشراق قائلة: لا ياأبي العزيز لاتقل هذا الكلام بل يجب أن أعتذر منك كثيراً فطوال المدة التي مرت كنت أعالج جارتنا ام سعيد دون أن أقول لك ولم أقول لك إني تعلمت ذلك من الكتب التي كنت أستعيرها وأقرأها في البيت عن التمريض. قال لها الأب: أنا ايضاً أعتذر فقد كنت جاهلاً بأهميتك ودورك، الآن عرفت قيمتك ياأبنتي ومنذ اليوم عليك أن تمارسي عملاً يليق بك ويعود بالنفع على الآخرين.
المحاور: مستمعينا الأعزاء لتسليط الضوء على الموضوع اكثر نتوجه الى فضيلة الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان ليشرح لنا عما أوصى به الإسلام من ضرورة إعطاء المرأة حقها في البيت كما في المجتمع وماذا عن الرجل أن يتصرف إزاءه؟ فلنستمع معاً
العساف: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
بعد أن سمعنا هذه المشكلة التي تفضلتم بها وهي من برنامج من الواقع أود أن أقدم هذه الملاحظات بعضها تكون للأب وبعضها للبنت. أنا أريد أن أبدأ بالمبدأ الإسلامي العام الذي جعله الله سبحانه وتعالى مبدأ للأساس التعامل فيما بين الناس سواء كان بين الرجل والمرأة او بين الذكر والأنثى او الأب والبنت او البنت والأب وهكذا لذلك يقول هذا المبدأ الإسلامي في قوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (سورة الحجرات۱۳ )، هذا المبدأ الإسلامي الذي يطلب من الناس أن يلتفتوا الى هذا التميز او الخصوصية في الرجل والخصوصية في المرأة لايعني أن للرجل ميزة على المرأة او للمرأة ميزة على الرجل ليبدأ هذا التميز في الحياة الدنيا لذلك الله سبحانه وتعالى يقول إن هذا ما تتطلبه طبيعة الحياة في خلقة البعض بعضهم ذكوراً وبعضهم إناثاً ولكن المبدأ الأساسي الذي ينبغي التفاضل فيه بين الناس هو معيار التقوى ومبدأ التقوى يعني التقوى هي التي تعني أن الإنسان الذي يكون منسجماً مع التعاليم الإلهية هو الإنسان الذي يكون أفضل من غيره لذلك أتوجه للأب هنا لأقول له إن معاملتك مع إبنتك بعدما سمعنا هذه المشكلة لاتنطلق من معيار التقوى، لاتنطلق من معيار الإلتزام بالمعايير الإلهية لأن القيمومة للأب على البنت لاتعني أن يتصرف بإبنته كما يشاء لأنه للأسف كما سمعت في هذه المشكلة أن الأب قد منع إبنته من التعلم ومن الخروج من المنزل وقد حطم حياتها وقد منعها من حقوقها الطبيعية في الحياة وهو التعلم والخروج من المنزل وان ترى مستقبلها وحياتها ولكن للإسف حصرها في امر متعب جداً وهو أنه حصرها لخدمة البيت لذلك اتوجه للأب لأقول له أن هذا التصرف منافي لتعاليم الإسلام ولاينسجم مع التقوى التي أرادها الله سبحانه وتعالى. إن قيمومتك على إبنتك ورعايتك لها يتطلب منك أن تبذل قصارى جهدك لتكون في مصلحتها، علينا أن نستمع الى الحديث الشريف الذي يقول "أحبب لغيرك ما تحب لنفسك"، الأب الذي يمنع إبنته من التعلم والخروج من المنزل هل يرضى لنفسه أن يحبسه أحد في بيته او يمنعه من الخروج وان يجعل حياته جحيماً؟ هذه المسئلة تتنافى مع روحية الإسلام وروحية الإنسانية التي جعلها الله تعالى في الإنسان. وهنا ايضاً أتوجه الى هذه الفتاة لأقول لها عليها أن لاتيأس، نعم كثيرا مانسمع أن بعض الآباء او بعض الأهل يسرفون بحق أبناءهم وقد يظلمونهم وكثيراً ما نسمع أنه بذكاء الأب او البنت او حنكة الأولاد إستطاعوا أن يصلوا الى حقوقهم بالطرق التي يريدها الله سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين.
المحاور: وبعد أن إستمعنا الى ماقاله الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان نتوجه الى الأستاذة هدى علوي الباحثة الإجتماعية من طهران لسؤالها عن دور المرأة وكيف يمكن أن ننظر الى أهميتها في بناء مجتمعنا الإسلامي وماهي إنعكاسات مشاركتها الرجل في مناحي الحياة؟ فأجابت مشكورة
العلوي: بسم الله الرحمن الرحيم بإعتبار أن المرأة نصف المجتمع والبانية للنصف الآخر، هذه مقولة نسمعها دائماً ولكن أحياناً ومع الأسف الشديد نكون أقل إعتزازاً بدور المرأة ونعتبر هذا نوع من الشعار ليس إلا. حقيقة المرأة اذا لم تكن متسلحة بالعلم النافع، لانقول كل العلوم نافعة وكل العلوم مجدية وبناءة في بناء المجتمع يعني علوم فقهية، علوم دينية، علوم رياضية، كيمياء، فيزياء، أحياء، العلوم البناءة للإنسان اما هناك بعض العلوم التي تسبب خدشاً لحياءها والخروج عن المعتقدات والأعراف هذه العلوم حقيقة ينهى الإسلام التزود بها إن صح التعبير إلا أنه ليس تزود لأنه للأسف الشديد هو نوع من الحمل غير الصحيح لذلك بعض الآباء يارعون بهذه العلوم في منع بناتهم من العلوم الصحيحة فتبقى المرأة الى حد ما مشغولة في امور البيت ونحن لانقول أن أمور البيت هي مسؤولية قليلة او مسؤولية متدنية وتحط من شأن المرأة لا إطلاقاً لأنها شيء مكمل لشيء آخر، العلوم الأكاديمية إضافة الى العلوم المنزلية اضافة الى الحرف اليدوية كل هذه من الأمور الواجب تعلمها او من المستحسن تعلمها في أي شكل من الأشكال التي تحبها وتهواها ولكن ليس بالإجبار وهذا شيء مهم ولكن المسئلة إذا كانت المرأة غير متسلحة بالعلم الصحيح فلاتستطيع أن تبني نفسها إضافة الى أنها لاتستطيع ان تبني الجيل الذي هي مسؤولة عنه بإعتبارها أم او بإعتبارها اخت كبيرة او بإعتبارها جارة، القضية الأهم هي أن تكون أكثر وعياً في حياتها واكثر وعياً بدورها حتى تستطيع أن تمثل الرسالة التي خلقها الله تعالى من أجلها. الله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان خلقه خليفة، لم يقل خلقت الذكر او خلقت الأنثى ليكون خليفتي في هذه الأرض، خلق الإنسان ليكون خليفته على الأرض، خليفته من خلال تسلحه بالعلم ومن خلال بناءه للأرض وإعمارها ومن خلال بناءه للإنسان الذي يعمر هذه الأرض اذن مسؤولية المرأة في هذه الدنيا من ولادتها الى وفاتها هي مسؤولية بناء وعطاء إضافة الى الأخذ لمسببات هذه الأمور يعني هذه المواد البنائية ووسائل العطاء فأكيد لها دور مهم في بناء الأسرة، في بناء المجتمع وفي بناء الإنسانية من الأول الى الآخر. ولنا في الزهراء سلام الله عليها وفي زينب الحوار سلام الله عليهم القدوة الحسنة في مثل هذه الأمور وعلى المرأة أن تتمثل بأقوالهم وسيرتهم وعلى الآباء ايضاً أن يتمثلوا بسيرة الإمام علي وسيرة الإمام الحسين عليه السلام في فتح المجال للتعلم والتزود الصحيح بالعلم النافع والحمد لله رب العالمين.
المحاور: في ختام حلقة اليوم نشكر ضيفي البرنامج على حسن المشاركة كما نشكر لكم حسن الإستماع الى برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، الى اللقاء وفي أمان الله.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة