البث المباشر

حديث: توسّد الصبر و اعتنق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوى

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 13:35 بتوقيت طهران
حديث: توسّد الصبر و اعتنق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوى

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 158

نص الحديث


قال الإمام الجواد (ع): توسّد الصبر، و اعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى.

دلالة الحديث


هذا الحديث يتضمن المطالبة بأربعة امور، اولها: ( توسّد الصبر) .... ولنحدثك عن هذه الظاهرة اولاً، حيث استخدم فيها الإمام عبارة (التوسّد) ، بالنسبة الى (الصبر)، بينما استخدم عبارات اخرى بالنسبة الى سواه، وهو امر يدعو الى الملاحظة المهمة من زاوية بلاغة الحديث... لذلك لا مناص لنا من استخلاص دلالة الظاهرة وبلاغتها،... ونبدأ الحديث عن الدلالة فنقول: الدلالة واضحة، الا وهي (الصبر)، ولك ان يتعين علينا ان نفهم بأن (الصبر) ليس مفردة من السلوك تماثل سائر مفردات السلوك، وذلك لان (الصبر) هو الارضية الوحيدة التي يعتمد عليها في ممارسة السلوك العبادي الذي فرضه تعالى علينا،... من هنا نجد ان النصوص الشرعية تشير الى اهمية الصبر اولاً، كالاشارة القرآنية الكريمة الى انه لا ينال ذلك الا ذو حظ عظيم... واما اهمية الصبر فيك في ان نجد ان الاحاديث الشرعية تلخص سلوك الانسان العبادي في نمطين من الصبر هما... الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، اي: ان الانسان يتعين عليه ان يصبر على ما تتضمنه الطاعات من جهة، كمشقة الحج، أو قيام الليل، او الخ ، ويتعين عليه ان يصبر عن المعصية، وهو: ان يؤجل الانسان ما يشتهيه من الممنوعات، اي: ان يصبر عن ممارسة الكذب والغيبة والعدوان والزنا و... الخ... بل ان قيام السلوك، اساساً – كما قلنا – قائم على تأجيل الاشباع للانسان، وهو جوهر دلالة الصبر... وهذا فيما يتصل بدلالة الحديث،... ولكن ماذا بالنسبة الى بلاغة الحديث؟

بلاغة الحديث


يقول النص ( توسّد الصبر) اي: ان الإمام الجواد (ع) استخدم الوسادة استعارة او رمزاً للصبر، حيث ان الوسادة اما ان تكون مما يتكأ عليه او امّا ان يتخذ للجلوس... ولكن الاتكاء هو الاكثر استخداما بدليل النص القرآني الذي يصف اهل الجنة في اتكائهم: كما هو واضح... والمهم: بلاغياً هو: لماذا انتخب الإمام الجواد عليه السلام (التوسد) ولم يختر الجلوس أو المعانقة كما استخدمها بالنسبة الى الفقر؟ الجواب: ان التوسد يجسّد اهم اشكال الراحة في اليقظة لانه عبارة عن اسناد الظهر الى الحائط، وهذا الاسناد يحقق اشباعاً تاماً للراحة التي يتوخاها بحيث لا يخشى المتوسّد اي حركة منه تفسد عليه جلوسه،... وهكذا الصبر... ان الصبر هو الوسادة التي نجعل الشخصية في اتم حالات التوازن، ولذلك ورد ان المصيبة للصابر واحدة وهي للجازع اثنان، وهذا يوضح بجلاء بان الصبر هو: تخفيف للمصيبة قبالة الجزع الذي هو مضاعفة لها... اذن: اتضح لنا بجلاء بلاغة الاستعارة القائلة (توسّد الصبر)، سائلين الله تعالى ان يجعلنا كذلك، وان يوفقنا الى الطاعة، انه سميع مجيب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة