البث المباشر

حديث: توسد الصبر واعشق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوي

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 11:07 بتوقيت طهران
حديث: توسد الصبر واعشق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوي

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 134

نص الحديث


قال الامام الجواد (عليه السَّلام): توسد الصبر واعشق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوي.

دلالة الحديث


هذا النص يحفل بأربع صور بلاغية، كل واحدة منها تحتاج الي تعقيب مفصل، الا اننا سوف نتناولها بشكل عابر: اتساقاً مع حجم الملاحظة. الحديث يشير الي اربعة مظاهر يتعين علي الانسان ان يعمل بموجبها وهي: الصبر، الفقر، الشهوة، الهوي. ويمكننا ان نذهب الي ان كل واحد من المظاهر المتقدمة قد اقترن بممارسة تختلف عن الاخري، حيث اقترن الصبر بالتوسد، والفقر بالاعتناق، والشهوة بالرفض والهوي بالمخالفة وبما ان هذه الملازمات بين الظاهرة وممارستها تقترن بصور فنية، لذلك يتعين علينا ان نعرض لها في ضوء بلاغتها.

بلاغة الحديث


قد يتساءل قارئ الحديث المذكور عن النكات الفنية الكامنة وراء كل من هذه السمات: بسلوك خاص، فنقول بالنسبة الي (الصبر) قد قرنه الامام جواد (عليه السَّلام) بالتوسد. سر ذلك ان هذه الاستعارة تتناول (الصبر) بصفته السلوك الوحيد الذي ينقذ الانسان من السقوط في الهاوية، اي الجزع، حيث لا مناص من ذلك، والا فإن المصيبة هي للصابر واحدة ولكنها للجازع هي مصيبتان من هنا، فان الراحة للصابر هي بمثابة وسادة يتكئ عليها تجسيداً لمفهوم الراحة. واما الفقر فقد استعار الامام له طابع (الاعتناق) بصفة ان المعانقة تعبير عن الحب، فاذا لم يحب الانسان، حينئذ تتحول حياته الي كراهية، والكراهية هي مصدر الامراض النفسية، بعكس الحب الذي هو مصدر الصحة النفسية، كما يقرر ذلك علماء النفس. وأما الشهوة فهي - كما يبدو من استخدامها - تعني، المتعة المادية (مثل الشهوة الجنسية) مقابل (الهوي) الذي يعني: المتعة النفسية، ولذلك نجد ان الامام (عليه السَّلام) قد طالب برفض الشهوة وليس بمخالفتها لأن المخالفة لا معني لها الا في حالة ما اذا كانت ذات طابع نفسي: كما سنوضح ذلك. اما المتعة المادية (وهي الشهوة) فتحتاج الي رفض، اي الي الامتناع من ممارستها حتي لا يترتب علي ذلك اي اذي دنيوي أو اخروي (اي العقاب). يبقي ان نحدثك عن الاستعارة الرابعة وهي عبارة: (خالف الهوي). ان الهوي (كما ذكرنا) يرمز الي الحالة النفسية مقابل (الشهوة) التي ترمز - ما قلنا - الي الحالة المادية او الجسدية، من هنا، فإن الامام الجواد (عليه السَّلام) خلع طابع (المخالفة للهوي)، وليس الرفض له، لأن الرفض يعني عدم الاقبال علي الشيء وهذا ما لا يتسق مع الهوي بصفته سلوكاً نفسياً، والسلوك النفسي يحتاج الي المخالفة، كمن يهوي مثلاً ان ينتقم من الآخرين، فعليه ان يخالف هواه ولا ينتقم منهم، بل العكس يحسن اليهم وهو ما اكده النص الشرعي دائماً حينما قال أحسن لمن اساء اليك، وهكذا.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة