البث المباشر

فاطمة من الذين يميز الله بهم الحق والباطل

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 11:03 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - فاطمة في القرآن والسنة: الحلقة 11

 

بسم الله الرحمن الرّحيم، الحمد لله آناءَ اللَّيل والنَّهار، وأشرف صلواته على النبيّ المختار، وعلى آله الهداةِ الأبرار، الطيبينَ الأطهار. أيها الإخوة الأعزّةُ الأكارم.. السّلامُ عليكم ورحمة اللهِ وبركاته، وأهلاً بكم مرّةً أخرى في رحاب القرآن الكريم، ورحاب البيت النبويّ الطاهر، وقد زها وزهر بفاطمة الزهراء صلواتُ الله عليها، حيث ترادفت الفضائل وتواردت الآياتُ الكريمات تعلن مناقبهم ومآثرهم، ومنها موقفُ المباهلة... إذ قال تعالى في مُحكمَ تنزيله المبارك: "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" . (آل عمران:الاية الواحدة والستون) وقد لا يتصوّر أحدنا- أيها الإخوةُ الأفاضل- ما لهذه الآية في أهل البيت من فضلٍ وشرف، حتّى يقفَ عند كلام سادةِ الكلام.. فيما يزيد على مئتين وخمسينَ مصدراً ومؤلفاً، ومنها كتاب (الفصول المختارة) للسيد الشريف المرتضي- وهو ما اختاره من (العيون والمحاسن) لأُستاذه الشيخ المفيد، حيث فيه قولُ المأمون يوماً للرضا عليِّ ابنِ موسى عليه السلام: أخبِرني بأكبر فضيلةٍ لأميرالمؤمنين عليٍّ يدلُّ عليها القرآن، فأجابه الإمامُ الرضا سلامُ الله عليه بقوله: ((فضيلتُه في المباهلة)) ثمّ تلا له آية المباهلة، ثمّ قال عليه السلام: "فدعا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه الحسنَ والحسين- عليهما السلام- فكانا ابنيه، ودعا فاطمةَ – عليها السلام- فكانت في هذا الموضع نساءَه، ودعا أميرَالمؤمنين- عليه السلام- فكان نفسَه بحُكم الله عزّوجلّ. وقد ثَبَت أنّه ليس أحدٌ من خلقِ اللهِ سبحانه أجلَّ من رسول الله صلى الله عليهِ وآلِه وأفضل من نفس رسول الله صلى الله عليه وآله بحكم الله عزّوجلّ" .

*******


أجل- أيها الإخوةُ الأحبّة - لم يختَر رسول الله في مباهلته إلاّ الأفضلَ من الخَلق، والأعزَّ والأحبَّ والأكرم عليه وعلى الله تبارك وتعالى من الرجال علياً وهو نفسُه، ومن الأبناء الحسنُ والحسين، ومن النساء فاطمة وهي سيدةُ نساء العالمين من الأوّلين والآخرين.. ومن واضحات سموّ مقامهم ما ذكره الإمامُ الحسنُ العسكريُّ عليه السلام في تفسيره، حيث جاء عنه: "إنّ جَبرئيلَ هو الذي لمّا حضَرسولُ الله صلّى الله عليه وآله وقد اشتمل بعباءته القَطوانية على نفسِه وعلى عليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحسين عليهم السلام، وقال: اللهمّ هؤلاءِ أهلي، أنا حربٌ لمن حاربَهم، وسلمٌ لمن سالَمَهم، محب لمن احبهم ومبغض لمن ابغضهم فكن لمن حاربهم حربا ولمن سالمهم سلما، ولمن أحبّهم محبّاً، ولمن أبغضَهَم مبغضاً. فقال اللهُ عزّوجلّ: لقد أجبتُك إلى ذلك يا محمد" . إذن- إخوتنا الأماجد- نفهم أنّ أهل البيت لهم الفضلُ الأعلى، بل والأفضليةُ العليا، حيث هُم وجودُ رسول الله روحاً وبدناً، نسباً ومعنى وقلباً وموقفاً وشخصاً وعصمةً ونَفساً ونفساً... هذا ما نحاول التعرّفَ عليه بعد هذه الوقفة القصيرة.

*******


كتب السيد ابنُ طاووس في مؤلّفه (الطرائف) يقول في شأن المباهلة: حَصَلت هذه الفضيلةُ للحسن والحسين عليهما السلام من بين أبناء جميع أهل بيتِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وأبناءِ أمتّه، وحصَلت هذه الفضيلةُ لفاطمةَ بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله من بينِ بناتِ النبيّ وبنات أهل بيته وبنات أمتّه، وحَصَلت هذه الفضيلةُ لأميرالمؤمنين عليٍّ عليه السلام من بينِ اقاربِ رسول الله صلّى الله عليه وآله ومن أهل بيته وأمتّه. وفي كتابه (متشابه القرآن ومختلفه) كتب ابنُ شهر آشوب: إنّ موضوعَ المباهلة كان ليتميزَ به المحقَّ من المبطِل، وذلك لا يصحّ أن يفعل (أي أن يباهَل) إلاّ بمن هو مأمونُ الباطن، مقطوعٌ على صحّة عقيدته، أفضلُ الناس عند الله تعالى. ولو أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وجَدَ من يقوم مقامَ عليٍّ وفاطمةَ والحسن والحسين عليهم السلام لباهَلَ بهم. وهذا دالٌّ على فضلهم، ونقصِ غيرهم. أمّا العلّامةُ الأميني، فقد كتب في مؤلَّفه (فاطمة الزهراء عليها السلام): إنّ آية المباهلة تنادي بالتصريح أنّ الصدّيقةَ الكبرى عليها السلام تُشارك في المباهلة، وقد جُعلَت بين أربعةِ معصومين: منهم معصومان ((أبناها)) الحسنُ والحسين عليهما السلام، ومعصومان ((أنفُسَنا)) النبيُّ الأكرم صلّى الله عليهِ وآله وسلّم وأميرُالمؤمنين عليه السلام. وأخيراً إذا كان الحسنان سلامُ الله عليهما أخصَّ الذرية نسبا ونسبة وسببا وحسبا فجعلا ابنيه في اية المباهلة و كان علي (ع) اخص الناس بالنبيّ رحماً وهدايةً وعلماً ومحبّةً حتّى صار نفسَه في آية المباهلة.. فإنّ فاطمة صلواتُ الله عليها هي أمُّ أبيها، وهي بضعةُ المصطفى بعشرات النصوص الشريفة المتواترة، وهي روحُه التي بين جنبيه، وهي الأعزُّ عليه من بين جميع الناس، وهي الأكمل في جميع الفضائل، فأصبحتِ المثال الأسمى للنساء، حتّى عبّرت آيةُ المباهلةِ عنها بـ ((نساءنا))، فسلامٌ عليها وهي سيدةُ نساء الأمّة، وسيدةُ نساء أهل الجنّة، وسيدة نساء العوالم جميعاً من الأوّلين والآخرين.. في الدنيا والآخرة، صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وأبنائها الطيبين.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة