البث المباشر

علي (ع) في الآية (الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)-۱

السبت 28 سبتمبر 2019 - 10:53 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 40

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ الارض والسّماء، ووليّ النّعم والالاء، وازكى الصلاة والسلام على محمّدٍ واله الاصفياء. ايها الاخوة الاعزّة الاكارم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، واهلا بكم مع ايةٍ اخرى من كتاب الله المجيد يكون لامير المؤمنين عليٍّ عليه السلام نصيبٌ منها، تلك هي اية المودّة، او كما يسمّيها البعض اية القربى، قوله عزّ من قائل: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" الاية الثالثة والعشرون من سورة الشورى المباركة. وفي البدء، يحسن بنا الاشارة الى انّ العبارة الاولى من الاية، هي عبارةٌ نبوية، تكرّرت على لسان الانبياء السابقين، حتّى انتهت الى المصطفى خاتم النبيين، صلوات الله عليه وعلى اله وعليهم اجمعين، ائتماراً بما امر الباري جلّ وعلا، وهذه بعض النصوص القرانية الشريفة:
"قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ " (سورة الأنعام الآية ۹۰). قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً " (سورة الفرقان الآية ٥۷). "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ" (سورة ص الآية ۸٦). وعلى لسان الانبياء عليهم السلام تكرّرت هذه الاية الكريمة في سورة الشعراء خمس مرّات: "وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ"، ثمّ علي لسان هودٍ ايضا في سورة هود كذلك: " يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" (الآية ٥۱). فهذا على اتّفاقٍ في النصوص، انّ الانبياء والرسل عليهم السلام لم يطلبوا من اقوامهم واممهم اجراً على تبليغ لرسالة، كذا رسول الله محمدٌ صلّى الله عليه واله، وذلك واضحٌ في صدر آية المودة: (قل لا اسئلكم عليه اجرا)، امّا الاستثناء في العبارة التالية فقد جاء على نحو الاستثناء المنقطع، كما يرى الشيخ المفيد اعلى الله مقامه، يعني انّكم ايها الناس، لستم مسؤولين اجراً على تبليغ الرسالة، لكنّكم مسؤولون غدا عن مودّة قرباي، لقوله عزّوجلّ: "إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى". 
ولعلّ متسائلا يتساءل ايها الاخوة الافاضل، ما الدليل على انّ القربى يراد بهم قرابة النبيّ الخواصّ؟ وهنا يبعثنا المتسائل الى البحث عمّا جاء من الروايات في ظلّ اية المودّة. فنجد في كتاب (ما نزل من القران في عليّ ) انّ الحافظ ابا نعيم يروي بسندٍ ينتهي الى ابن عبّاس يقول: لمّا نزلت الاية : "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين امرنا الله بمودّتهم؟ فقال: عليٌّ وفاطمة وابناهما. رواه الحسكانيُّ الحنفيُّ في (شواهد التنزيل)، واحمد بن حنبل في (فضائل الصحابة)، والطبرانيُّ في (المعجم الكبير)، وسؤال المسلمين في هذه المصادر بهذه العبارة: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ يعني انّهم فهموا انّ كلمة القربى في الاية هي قربى رسول الله صلّى الله عليه وآله، لكنّهم استبعدوا ان تكون الكلمة شاملةً لجميع قرباه، فسألوه من مِن قرباه اولئك الذين وجبت على المسلمين مودّتهم يا ترى؟! وكلمة (وجبت) واضحةٌ ايضا في فهمهم لوجوب مودّة قربى النبيّ صلّى الله عليه واله، وهلّ دليلهم يومها انّ الله تعالى لايسأل عباده غداً الاّ ما اوجب عليهم. 
ونقرأ ايها الاخوة الاعزة في بعض النصوص المروية، انّ المسلمين لمّا نزلت الاية كان سؤالهم لرسول الله صلى الله عليه واله: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين افترض الله علينا مودّتهم؟ فاجابهم بقوله: (عليٌ وفاطمة وولدها). كذا جاء في نصوصٍ اخرى هكذا: يا رسول الله، فمن قرابتك هؤلاء الذين يجب ودُّهم؟ وواضحٌ من منطقهم فهمهم انّ الاية ناطقةٌ بوجوب المودّة، انّما الذي لم يكن واضحا لديهم فسألوا عنه هو من اولئك القربى، فبينهم رسول الله لهم بقوله صلّى الله عليه واله: (عليٌ وفاطمة وولدها). كما في (فضائل فاطمة عليها السلام) من كتاب (مقتل الحسين عليه السلام) للخوارزميّ الحنفيّ، او (عليٌ وفاطمة وولدها)، كما في السمط الثاني من كتاب (فرائد السمطين) للجوينيّ الشافعيّ او (عليٌ وفاطمة وولداهما)، كما في (احياء الميت بفضائل اهل البيت) للسيوطيّ الشافعيّ، وروى قريبا من ذلك الهيثميُّ الشافعيّ في باب فضل اهل البيت من كتابه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)، والطبرانيُّ في (المعجم الصغير)، والمتّقي الهنديُّ في (كنز العمّال)، وابن حجر الهيثميُّ في (الصواعق المحرقة)، والدولابيّ في (الذرية الطاهرة)، وغيرهم. الا انّ الحافظ ابا نعيم الاصفهانيّ يورد روايةً اخرى في هذا الباب، وذلك في ترجمته لشخصية الامام جعفر الصادق عليه السلام من كتابه (حلية الاولياء)، عن جابر بن عبد الله الانصاريّ، انّ اعرابيا جاء الى النبيّ صلّى الله عليه واله فقال: يا محمّد، اعرض عليّ الاسلام، فقال له: "تشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وانّ محمّدا عبده ورسوله". فتساءل ذلك الاعرابيّ: تسألني عليه اجرا؟ فاجابه النبيُّ صلّى الله عليه واله قائلا: "لا، الا المودّة في القربى". فعاد الاعرابيّ يستفهم: قرباي او قرباك؟ فاجابه رسول الله صلّى الله عليه واله: "قرباي". فقال الاعرابيّ: هات ابايعك، فعلى من لا يحبّك ولا يحبّ قرباك لعنة الله! فقال النبيّ:"آمين".
ونحن نقولها ايضا متابعةً لرسول الله آمين. والحمد لله على اتمام النعمة واكمال الدين، بولاية امير المؤمنين، وابنائه الائمة الطيبين، وصلّى الله على محمّدٍ وآله الميامين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة