البث المباشر

شرح فقرة: يا ملهم العرب والعجم

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ملهم العرب والعجم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا ملهم العرب والعجم، يا كاشف الضّر والالم، يا عالم السّر والهمم). 
العبارات المتقدمة، تتناول جملة من مظاهره تعالي، ومنها: عبارة (يا ملهم العرب والعجم)، وهي عبارة تتطلب شيئاً من توضيحها، فماذا نستلهم منها؟ 
العرب والعجم يشكلان المجموعة البشرية، امّا لو تساءلنا لماذا ورد العرب مقابل العجم؟ 
حينئذ نقول: بما ان الحديث هو عربيّ، أو بما ان اللغة العربية هي لغة القرآن والحديث، حينئذ تكتسب هذه اللغة اهميتها، ومن ثم: تكتسب الامة موقعها المتسم بالاهمية ايضاً، ولذلك يرد مصطلح (العرب) مكتسباً اهمية من خلال اهمية الرسالة، ومن هنا ايضاً جاء الاقوام الاخرون جميعاً، وقابل الاسلاميين الذين اكتسبوا الاهمية المذكورة، والان خارجاً عن هذا التصنيف الثنائي، يعنينا ان نحدثك عن ظاهرة (الالهام) حيث جاء النص بعبارة (يا ملهم العرب والعجم). فماذا نستلهم منها؟ 
ان الذهن قد يتداعي من عبارة (يا ملهم)، الي الاية المباركة القائلة: «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا»، فتكون عبارة (يا ملهم العرب والعجم) تعني: ان الله تعالي منح البشرية جميعاً أو ركبّ الكيان البشري وفق تركيبة عقلية هي: الهام البشر معني الخير والشر، وما يترتب علي هذا الفهم من نتائج العمل العبادي، حيث ان البشرية بمقدار ما تعمل بمبادئ الخير الملهم: تكون قد اكتسبت رضاه تعالي ونجحت في دنياها والعكس هو الصحيح ايضاً، اي: بمقدار ما تنصاع الشخصية الي الشر: تتحدد نتائج سلوكها في اليوم الآخر، من حيث مصيرها السلبي. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا كاشف الضّر والالم)، فماذا نستخلص منها؟ 
الضرّ هو مطلق الشدائد السلبية التي يواجهها الانسان. اما الالم فيعني: الشدة الحسية، طبيعياً قد يستخدم (الالم) - بصفته مصطلحاً يخضع الي الاستخدام المجازي أو الواقعي - ولكن بما ان وروده هنا جاء في قبالة (الضر) حينئذ استخلصنا الدلالة المتقدمة، والمهم هو: ان مقطع الدعاء يستهدف الاشارة الي ان الله تعالي يرعي عباده ويغدق عليهم نعمه: ظاهرة وباطنة، وان رعايته للعبد لا تنحصر في احد اشكال الشدة، بل ان الله تعالي في عون عبده مطلقاً سواء اكانت الشدائد مادية أو معنوية. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا عالم السر والهمم). فماذا نستلهم منها؟ 
ان النصوص الشرعية طالما تشير الي ان الله تعالي عالم بالسر وبالعلانية، ولا يخفي عليه شيء الا ان الدعاء الذي نتحدث عنه الآن يشير الي ان الله تعالي عالم بالسرّ، وبنمط آخر من السلوك الداخلي غير العلني الا وهو: (الهمة) التي يتميز بها هذا الشخص او ذاك، اي: ما يهمه من الامر، أو ما هو لديه من العزم، وهو امر داخلي اي: الاهتمام او العزم لممارسة هذا الشيء او ذاك: يظل داخلياً وليس سلوكاً علنيا، وبذلك يستطيع قارئ الدعاء ان يكتشف نكتة العبارة المذكورة وهي: انه تعالي يعلم الافكار او الخواطر التي تدور في ذهن الشخص او يعلم كذلك ما يهم به الشخص من سلوك، وبكلمة اكثر وضوحاً، ان الله تعالي يعلم السرّ (وهو اعم من ان يكون مجرد خاطر) ويعلم ما هو عزم علي ممارسة هذا السلوك او ذاك، وبهذا نتبين جانباً من النكات الكامنة في العبارة المتقدمة، سائلين الله تعالي ان يوفقنا الي ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة