البث المباشر

شرح فقرة: يا خالق اللوح والقلم

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:33 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا خالق اللوح والقلم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا خالق اللوح والقلم، يا بارئ الذرّ والنسم، يا ذا البأس والنقم)، والآن نبدأ بحديثنا عن العبارة الاولي وهي: (يا خالق اللوح والقلم)، فماذا نستلهم منها؟ 
(اللوح والقلم) مصطلحان ورد في القرآن الكريم، ومن الواضح ان هذا الدعاء (الجوشن) وسواه، طالما يقتبس من النص القرآني ما يتناسب والسياق الذي يرد فيه هذا المقطع من الدعاء او ذاك. المهم الآن هو ملاحظة ما يعنيه هذان المصطلحان، وما يتداعي الذهن من خلالهما الي دلالات نبدأ لملاحظتها الآن ونحدثك اولاً عن مصطلح (اللوح المحفوظ)، فماذا يعني؟ 
ان مصطلح (اللوح المحفوظ) يرد في سياقات متنوعة ولكنه بعامة، يجسد موقعاً او مكاناً أو مجالاً او مستودعاً لما هو مقدس من الأمور: كنزول القرآن الكريم مثلاً وايداعه في السماء الرابعة في مستودع أطلق عليه مصطلح (اللوح المحفوظ) كما ورد في الاحاديث ومن ذلك مانلاحظه ايضاً في سورة قرآنية كريمة ورد فيها قوله تعالي: «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ». 
اذن اللوح المحفوظ مستودع مقدس: كما يلاحظ، ولكن ورد في تحديد هذا المستودع اكثر من تفسير، من ذلك: انه درّة بيضاء طولها وعرضها ما بين السماء والارض، وما بين المشرق والمغرب، والمهم هو: ملاحظة ان امثلة هذا المصطلح يرمز الي ما هو مقدسّ، ومن ثم: ما يتعين علي قارئ النص القرآني الكريم او الدعاء من ضرورة استلهام المعرفة المرتبطة بابداع الله تعالي، وبما اودعه تعالي مما هو مقدس. 
واما (القلم) فيجسد بدوره مصطلحاً ورد في القرآن الكريم في الآية المباركة القائلة: «ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» وهذا المصطلح يعني: لفت الانتباه علي أهمية (القلم) من حيث كونه يرمز الي الكتابة وما يترتب علي ذلك من المعطيات التي لامناص منها من حيث الحفظ لمبادئ الله تعالي - متجسدة في الكتابة، والا فمن الصعوبة بمكان ان يقتصر وصول مبادئه تعالي الينا بدون التدوين: كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا بارئ الذر والنسم)، فماذا نستلهم منها؟ 
هذان المصطلحان (الذر والنسم) وردا بدورهما في النصوص الشرعية، ويجسدان ايضاً: ابداع الله تعالي للظواهر، وهي ظواهر يرد القسم بها في القرآن الكريم: تعبيراً عن ابداعه تعالي وقدراته المطلقة، ومنها: ابداعه تعالي او خلقه نمطين من المخلوقات، احدهما: يتصل بنفس الروح، والآخر بنفس الريح، او لنقل: ابداع الانسان وابداع المادة حيث انهما: ينطويان علي الاشارة الي نمطي الوجود الروحي والمادي: كما هو متصّور في احد استلهامات الموضوع.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا ذا البأس والنقم)، فماذا نستلهم منهما؟ 
ان هذين المصطلحين يعنيان ما يقابل الثواب، ونعني به العقاب، حيث ان الثواب والعقاب يجسدان - في الدنيا ضبطاً اجتماعياً، لان الثواب وحده او العقاب وحده لا يؤتي ثماره في تعديل السلوك: كما هو واضح واما في الآخرة، فان الثواب والعقاب يظلان بدورهما: حصيلة لما يمارسه الانسان في دنياه من طاعة أو معصية والمهم في نطاق مصطلحي (البأس) و (النقم) نلاحظ بان(البأس) هو: الشدة او العذاب او القوة واما (النقم) فتعني: انه تعالي يرتب أثراً علي المعصية وهو: الانتقام من العصاة اي: ترتيب الاثر وهو العقاب الخاص المترتب علي ما يكرهه تعالي من السلوك. من هنا، فان مصطلح (البأس) ومصطلح (النقمة)يشتركان في مفهوم العقاب، ويفترقان من حيث الاشارة الي ان (البأس) هو مطلق العذاب مقروناً بالقوة، بينما النقمة هي: العذاب مقروناً بكراهية المعصية، والمهم هو: ان التلميح بهذا الشأن يظل اسلوبا يساهم في تعديل السلوك لقارئ الدعاء: كما هو واضح بحيث يحمله علي ان يتقي الله تعالي، ويبتعد عن المعصية. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة