البث المباشر

شرح فقرة: يا ذا الجود والنعم

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذا الجود والنعم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة، حيث بدء بهذا النحو: (يا ذا الجود والنعم، يا ذا الفضل والكرم، يا خالق اللوح والقلم)، نحن الآن مع مقطع يتحدث عن مظاهر متنوعة من عظمته تعالي، ولكن ضمن مجموعات متجانسة من الصفات، وفي مقدمتها: العبارتان: 
الاولي: (يا ذا الجود والنعم).
والثانية: (يا ذا الفضل والكرم) حيث نلحظ تجانسهما بنحو واضح، مما يتطلب إلقاء الانارة عليهما لملاحظة النكات الكامنة وراء ذلك. 
العبارتان المتقدمتان تحفلان بنكات دلالية لها جماليتها وعمقها وطرافتها، كيف ذلك؟ 
اولاً: ثمة عبارتان او صفتان تكادان في تصور البعض ان يكونا متماثلتين او مترادفين في الدلالة، وهي: الجود والكرم، ونلاحظ عبارتين او صفتين اخريين تتجانسان في دلالتهما هما: الفضل والنعم. 
ونلاحظ ثالثاً: ان صفة (الجود) وردت مقترنة بصفة (النعم)، ووردت صفة (الكرم) مقترنة بصفة (الفضل)، اذن: نحن الآن حيال عمارة او بناء هندسي، يتألف من طابقين متوازيين في خطهما افقياً، كما يتجانسان عمودياً، والمطلوب هو ملاحظة ذلك الآن، فماذا نشاهد؟ 
ينبغي ان نوضح اولاً: الفارق بين الجود والكرم.
ونوضح ثانياً: الفارق بين الفضل والنعم.
ونوضح ثالثاً: الصلة بين الجود والنعم، والصلة بين الفضل والكرم. 
اما الفارق بين الجود والكرم، فان النصوص اللغوية تشير الي انهما بمعني واحد في بعض التصورات، وهذا خطأ محض، لأن النصوص الشرعية لا تستخدم الترادف بتاتا واما التصورات اللغوية الاخري فيشير بعضها الي ان الفارق بين الجود والكرم هو: انالجود هو العطاء المقرون بالسؤال، اي: ان الله تعالي يمنح عبده العطاء اذا سأله ذلك، بينما الكرم هو: العطاء من غير سؤال، اي: ان الله تعالي يمنح عبده العطاء حتي لو لم يسأله. 
وهنا تصور ثالث لا نعتقد بصوابه ولكن التصور القائل بأن الفارق هو: العطاء مع السؤال والعطاء بغير سؤال، يظل هو الصائب والدليل علي ذلك هو ورود النصوص المتنوعة التي تتحدث عن هذه الفارقية مثل عبارة: (يا مَنْ يعطي من سأله، يا مَنْ يعطي من لم يسأله: تحننا منه ورحمة).
اذن الفارق بينهما بمعني ان الله تعالي في الحالات جميعاً يظل عند حسن ظن عبده، ومن ثم فان رحمته غير المحدودة، تظل متجانسة مع ما لاحظناه. 
اما الاجابة عن السؤال الثاني، وهو: الفارق بين (الفضل والنعم) فأمر يمكننا ملاحظته من خلال الدلالة اللغوية لهاتين العبارتين، حيث ان النعمة هي: السعة واللين والطيبة، بينما الفضل هو: الاحسان او الابتداء به من غير سؤال، وبهذا نتبين الاجابة عن السؤال الثالث، وهو: الصلة بين صفتي (يا ذا الجود والنعم) اي: بين صفة النعمة وصفة الجود، ثم: بين صفة (الفضل) وصفة(الكرم) علي النحو الآتي: 
قلنا ان الجود معناه: العطاء مع السؤال، وان الكرم هو العطاء من غير سؤال وقلنا: ان النعم هي: السعة والطيبة واللين، بينماالفضل هو: الاحسان ابتداءاً وبهذا تتسق عبارة (يا ذا الفضل والكرم) في صفتهما، لان الفضل احسان من غير سؤال والكرم عطاء بغير سؤال، بينما عبارة (يا ذا الجود والنعم) تعنيان مطلق العطاء والطيبة دون اقترانهما بابتداء ذلك، اي ان: ان الله تعالي في الحالات جميعاً، يمنحنا ما هو: عطاءات وهناءة عيش، ويمنحنا ما نسأله من العطاء والاحسان. 
اذن، اتضح لنا بجلاء: ما تحمله العبارتان المتقدمتان من الدلالات والنكات المتنوعة بالنحو الذي اوضحناه، سائلين الله تعالي ان يمنحنا من عطاءاته المتنوعة في الدنيا والاخرة، وان يوفقنا لممارسة الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة