البث المباشر

شرح فقرة: يا عصمة الخائف المستجير

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:22 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا عصمة الخائف المستجير " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا عصمة الخائف المستجير، يا مَنْ هو بعباده خبير بصير، يا مَنْ هو علي كل شيء قدير). 
بهذه العبارات يختم احد مقاطع الدعاء، حيث تتناول العبارة الاولي منه احد مظاهر عظمته تعالي او رحمته تعالي حيال عبده، فيما هو - اي العبد - خائف، ومستجير وفيما يواجهه الدعاء بأن الله تعالي هو: عصمة للعبد المذكور. 
تري ما هي النكات الكامنة وراء هذه الظاهرة؟ 
من البين ان شدائد الحياة متنوعة، وان ردود الافعال حيالها لكذلك، بيد ان الملاحظ هنا، ان الشدة التي يعاني منها العبد: الخوف.
والسؤال: ماذا نستخلص من عبارة (الخائف)؟ هل يتداعي الذهن الي ان الخائف ما هو: من الآثار المترتبة علي الذنب، وتبعاً لذلك فان العبد يظل خائفاً من نتائج ذلك؟ ام ان الخوف هنا دنيوي كمن يخاف من العدو مثلاً أو من التهديدات المتنوعة التي تجعل الشخصية غير آمنة مثلاً؟ من خلال سياق المقطع من الدعاء نستخلص بان الخوف هنا دنيوي بدليل ما سبق من العبارات التي وردت في المقطع مثل (يا جابر العظم الكسير).
وفي ضوء هذا النمط من الخوف الدنيوي ماذا يصدر من العبد؟ الدعاء يقول بان العبد (مستجير)، اي: يستغيث بالله تعالي من الشدة التي يعانيها. 
والسؤال الآن، هو: ما هو جواب السماء، او الدعاء لهذا العبد الخائف المستجير؟ 
الجواب هو: ان الله تعالي هو (عصمة) للشخصية المذكورة، اي: يمنع من وصول الأذي إليه، بصفة ان العصمة هنا بمعني: المنعة، بحيث يمنع تعالي من وصول الاذي. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مَنْ بعباده خبير بصير)، تري: ماذا نستلهم من العبارة المذكورة؟ 
هذا أولاً، ثانياً: ما هي الرابطة او العلاقة الموضوعية بين صفة رحمته تعالي بأنه (عصمة) وبين صفة عظمته وعلمه بأنه تعالي(خبير بصير)؟ 
في تصورنا، ان صفة (خبير) تظل متناولة لما سبق من الظواهر المتصلة بشدائد العبد، سواء أكان العبد من نمط من هو طفل صغيرأو شيخ كبير او عظم كسير او خائف مستجير ... الى آخره، ان الخبرة هنا تعني: ان الله تعالي عالم بنمط الشدائد لدي هذا العبد او ذاك واما صفة (بصير) فهي بدورها تتناول المعرفة بعباده تعالي، إلا ان الفارق هنا هو: ان الخبرة هي اعم من جميع الانماط المرتبطة بعلمه تعالي، بينما (البصير) تعني انه تعالي (بصير) بما هو ظاهر من شدائد عبده، مقابل انه تعالي في الحالات جميعاً يظل في عون العبد. 
امّا العبارة الاخيرة من المقطع فهي (يا مَنْ هوعلي كل شيء قدير) وهي عبارة لا تخفي صلتها بما تقدم من مظاهر عظمته تعالي ورحمته تعالي، فما دام الله تعالي في عون عبده: (الخائف المستجير، او صاحب العظم الكسير، أو الطفل الصغير) أو الشيخ الكبير، حينئذ بالضرورة فإنه تعالي (قدير)، حيث ان خبرته تعالي بعباده من حيث ما هو لديهم خفي او ظاهر، وبصره بما ظاهر من اشدائه عباده، هذه الخبرة وهذا البصر مقرون - بطبيعة الحال - بالقدرة علي اعانة عباده تعالي وانقاذهم من الشدائد المشار اليها. 
اذن، عبارة (يا مَنْ هو علي شيء قدير) تتجانس تماماً مع سبقها من طرح الظواهر. 
يضاف الي ذلك ان الذهن ينتقل من الادراك لقدرته تعالي في رفع الشدائد، الي الادراك بانه تعالي قادر علي كل شيء وليس في الحدود التي عرض لها مقطع الدعاء: كما هو واضح.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة