البث المباشر

شرح فقرة: يا من له ثناء لا يحصي

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 10:33 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من له ثناء لا يحصي " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من له ثناء لا يحصي، يا من له جلال لا يكيف، يا من له كمال لا يدرك، ...). 
والآن نبدأ حديثنا بملاحظة العبارة الاولي وهي: (يا من له ثناء لا يحصي)، فماذا نستلهم منها؟ 
الثناء هو المدح: فاذا نقلنا الظاهرة الي الله تعالي حينئذ نستخلص بان الثناء لله تعالي لايحصي، بمعني اننا مهما حاولنا او بذلنا طاقة لساننا فمن المستحيل ان نتمكن من اعطاء الله تعالي حقه من الثناء، والسر واضح في ذلك، فمادام الله تعالي موجوداً مطلقاً حينئذ لا حدود للمطلق، فكيف نستطيع ان نخضع للاحصاء لساننا إزاءه تعالي؟ وهذا يتداعي بأذهاننا الي ظاهرة متجانسة هي: ان الله تعالي ذكر في كتابه الكريم باننا لا نستطيع ان نحصي نعم الله تعالي، حيث ذكر «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا»، فالنعم مادامت لا تحصي: كذلك فان الشكر عليها أو المدح لها لا يحصي وهذا من الوضوح بمكان. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من له جلال لا يكيف). فماذا نستلهم منها؟
الجلال هو العظمة، والعظمة بدورها لا حدود لتصورها بالنسبة الي الله تعالي، بيد ان الملاحظ هنا، ان العبارة لم ترسم عظمته تعالي من خلال عدم الاحصاء بل رسمها من خلال (الكيف)، اي: عندما تحدث النص عن الثناء لله تعالي اخظعه لعدم الاحصاء اي (الكم) ولكن عندما تحدث عن (الجلال) اخضعه لعدم (الكيف). فما هو السر الكامن وراء ذلك؟ 
في تصورنا ان العظمة او الجلال ليست خاضعة لامكانية الاحصاء بقدر خضوعها لكيفية ذلك، بمعني ان تصورنا لما هو عظيم يرتبط بكيفية العظمة وتصور ماهيتها وليس تصور الاعداد الارقام لها: كما هو واضح، من هنا ذكر النص باننا لا يمكننا البتة ان نخضع عظمته تعالي (الكيف) مادامت العظمة لا حدود لتصورها من جانب وقصورنا - بطبيعة الحال - عن ادراك ذلك بطريق اولي. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من له كمال لا يدرك). فماذا نستلهم منها؟ 
الكمال هو لله تعالي بمعني عدم تصور النقص او السلب، فما دمنا من جانب لا يمكننا بان نحصي الثناء لله تعالي، ومن جانب آخر لا يمكننا ان نتصور كيفية الجلال او العظمة لله تعالي حينئذ فان (الكمال) لله تعالي، يظل بدوره غير ممكن: تصوره البتة، بمعني اننا لا نستطيع ان ندرك مدي عظمته تعالي من خلال (الكمال) الذي يتسم به تعالي، بخاصة ان القاصر أو الناقص (وهو البشر) لا يمكن تصور امكانية ادراكه لما هو (كامل)، وهكذا نجد تجانسا بين عدم الادراك مما هو كامل، وعدم الكيفية لما هو عظيم، وعدم الاحصاء لما هو ثناء لله تعالي، وكذلك فيما نلاحظه من السمات او مظاهر عظمته تعالي في هذا المقطع الذي استشهدنا بجملة من عباراته، ونستشهد بما تبقي من المقطع مثل: (يا من له قضاء لا يرد، يا من له صفات لا تبدل، يا من له نعوت لا تغير). 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة