البث المباشر

شرح فقرة: يا ذا الحجة والبرهان، يا ذا العظمة والسلطان

السبت 10 أغسطس 2019 - 11:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذا الحجة والبرهان، يا ذا العظمة والسلطان " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدّثك عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ (الجوشن الكبير) حيث حدّثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى مقطع ورد فيه: (يا ذا الحّجة والبرهان، يا ذا العظمة والسّلطان، يا ذا الرأفة والمستعان، يا ذا العفو والغفران).
ونبدأ بألقاء الاضاءة على ما تقدّم، ومنه عبارة: (يا ذا الحجّة والبرهان) ترى: ماذا نستلهم من تلك العبارتين؟
بالنسبة الى كلمة (الحجّة) وتماثلها من جانب مع (البرهان) ثمّ الفارق بينهما، يمكن الذّهاب الى ما يأتي: (الحجّة) مصطلح يقصد به تقديم كلّ ما يفيد العلم للانسان ويصبح بمثابه الشيء الملزم له، ومنه مثلاً: إرسال الانبياء عليهم السّلام لتبليغ مباديء السماء الى البشر.
واما (البرهان) فهو: تقديم ما هو قاطع من الادلّة على صدق الشيء، كالبرهنة مثلاً على وجود الله تعالى'>الله تعالى من خلال ابداعه للكون.
إذن اتّضح لنا الفارق بين الحّجة والبرهان، واتّضح لنا ان الحجة هي الالتزام، والبرهان هو التّدليل على ذلك.
بعد ذلك تواجهنا عبارة: (يا ذا العظمة والسّلطان)، ونتساءل الآن: ماذا نستلهم من هاتين العبارتين؟
(العظمة): لا تحتاج الى بيان، لأنها تعني بوضوح ما هو غير عادي وغير يسير، بل هو خطير كلّ الخطورة، وهو أمر ذو درجات في التجربة البشرية، ولكنّه بالنسبة الى الله تعالى'>الله تعالى فإنّ (العظمة) لله تعالى وحده، لانه مصدر الوجود الذي ينفرد به تعالى ممّا يعني ألاّ عظمة حقيقية إلا الله تعالى.
واما السلطان فهو السلطة او الهيمنة او السيطرة التي تنحصر في الله تعالى، بمعنى انه تعالى صاحب العظمة في قدرته وارادته وعلمه، ومن ثم فإنّ سلطنته وهيمنته على الكون تفرض فاعلّيتها المشهودة لنا.
اذن انه تعالى ذو عظمة ومن ثم ذو سيطرة على الكون، ولا أحد سواه في الفاعلية المشار اليها. 
بعد ذلك تواجهنا عبارة: (يا ذا الرّأفة والمستعان)، وهي عبارة تلفت الانتباه من حيث صياغتها، كيف ذلك؟
قد يتوقّع قاريء الدعاء أن تقول العبارة: (يا ذا الرأفة ويا ذا العون) بدلاً من يا مستعان، فما هو سرّ ذلك؟
في تصوّرنا، ان العبارة القائلة: (يا ذا الرأفة والمستعان) تعني اولاً هما انه تعالى رؤوف بعباده، شفيق عليهم، رحيم بهم، ولكنّ الرأفة اذا اقترنت بالاستعانة حينئذ تتصاعد فاعليتها، اي: عندما يرأف الله تعالى'>الله تعالى بعبده (كما لوستر عليه ذنوبه مثلاً)، حينئذ فأنّ (الستر) على الذّنب حينها يقترن بدعاء العبد وتوجّهه الى الله تعالى'>الله تعالى مستعيناً في رعايته الاستمرارية لعبده، وفي إمداده بالتوفيق في الطاعة، حينئذ فانّ العطاء يتضّخم حجمه عند العبد، وهو ما يتناسب والرحمة غير المحدودة لدى الله تعالى'>الله تعالى حيال عباده.
أخيراً نواجه عبارة ختم بها مقطع الدعاء الخامس عشر وهو عبارة: (يا ذا العفو والغفران)، والسؤال الآن: ما هو الفارق بين(العفو) وبين (الغفران)؟
الجواب: (العفو) هو: إزالة آثار الذنوب تماماً بحيث يعفّى أثرها، كما تعفي الريح مثلاً آثار الرّمال وأما المغفرة فهي ما يغطّى به الشيء ويستر، وبهذا تكون المغفرة غضّ الّنظر عن الذنب دون مسحه تماماً، بمعنى ان الله تعالى'>الله تعالى يستر على عبده مع تحسيسه بالذنب المستور عليه. 
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً، هو: (يا من هو ربّ كلّ شيء، يا من هو إله كلّ شيء، يا من هو خالق كلّ شيء، يا من هو صانع كلّ شيء).
هنا نلاحظ جملة نكات في هذا المقطع، منها: الفارق بين عبارتين تبدو ان وكأنّهما معنى واحد، وهما: الربّ وإلاله، يث انهما ترتبطان بالله تعالى، وكذلك عبارة (خالق) و (صانع) حيث ترتبطان بأبداعه تعالى، ولكن: لماذا استقّلت كلّ عبارة عن الاخرى؟
ختاماً نسأله تعالى أن يوفّقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة