البث المباشر

شرح فقرة: "أنت الرب الجواد بالمغفرة، ..."

الأحد 4 أغسطس 2019 - 14:06 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " أنت الرب الجواد بالمغفرة " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها ادعية الزهراء (عليها السلام)، حيث حدثناك عن احد أدعيتها الخاص بتعقيبات صلاة العصر، وانتهينا من ذلك الي مقطع ورد فيه: (انت الرب الجواد بالمغفرة، تجد من تعذب غيري، ولا أجد من يغفر لي غيرك، وانت غني عن عذابي، وانا فقير الي رحمتك، ...).
هذا المقطع من الدعاء امتداد لسابقه الذي ورد فيه: (سالتك لفقر وحاجة) وقد قلنا في حينه ان الفقر والحاجة وسواهما من المصطلحات الواردة في المقطع الاسبق من الممكن ان تكون مادية او معنوية أو كلتيهما، وهنا نجد ان الفقرات التي لاحظناها الآن أي (انت الرب الجواد بالمغفرة) تشير الي امكانية الدلالة المعنوية لمصطلح الفقر والحاجة تبعاً لقوله تعالي: «أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ» والمهم الآن هو ملاحظة النكات الدلالية التي يتضمنها مقطع الدعاء. 
العبارة الاولي تقول: (انت الرب الجواد بالمغفرة). تري: ماذا نستخلص من العبارة مع انها من الوضوح بمكان؟
النكتة هنا هي: ان الزهراء (عليه السلام) استخدمت مصطلح (الرب الجواد) دون غيره من المصطلحات الدالة علي العطاء: كالسخاء والكرم، سر ذلك، ان اللغويين يفرقون بين الجود وبين سواه بان الجود هو العطاء من غير سؤال، اي: ان الله تعالي يهب عطاياه لعباده من دون سؤال ايضاً ولا يقتصر عطاؤه علي من يسال. 
طبيعياً ان لكل موقف سياقاً خاصاً اي: ان الله تعالي - من جانب - يطالبنا بان ندعو ونسال ونلح في المسالة منه تعالي، ومن جانب آخر لا يتعارض هذا مع اعطاء الله تعالي ما يدور في خلد الشخص وايضاً فيما لا يحتسب. 
اذن في سياق العبارة المتقدمة، تشير الزهراء (عليه السلام) الي انه تعالي جواد يهب لعباده من العطاء حتي بدون السؤال وهو منتهي الرحمة وسعتها: كما هو واضح.
هنا نلفت نظرك الي ما قررناه الآن عبر العبارة الاخيرة من الفقرة وهي: (الجواد بالمغفرة)، اي: ان المغفرة من الله تعالي تتم حتي من دون سؤال. 
بعد ذلك نواجه عبارة (تجد من تعذب غيري ، ولا أجد من يغفر لي غيرك)، هذه الفقرة من الدعاء تنطوي علي جملة نكات دلالية في غاية الاهمية وفي مقدمة ذلك هو: التقابل بين الواجدين: الله تعالي والعبد، فالله تعالي واجد غير هذا العبد القارئ للدعاء بالنسبة الي معافيته: كالكافر والفاسق المصر وسواهما، اما العبد فلايجد غير الله تعالي غافراً له، وهذا التقابل من الطرافة بمكان لانه لا ينطوي علي مجرد المقارنة بين الله تعالي والعبد من حيث قصور العبد قبالة عظمة الله تعالي بل - بالاضافة الي ذلك (وهذا هو مورد الطرافة) ان العبد لا يجد الا الله تعالي، بينما الله تعالي يجد غير عبده القارئ للدعاء، وهذا يعني: ان العبد لا حول ولا قوة له ولا خيرة له بل هو مضطر لان يترقب غفران الله تعالي، بينما الله تعالي يمتلك ما لا حدود له من الخيرة: كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارة (وانت غني عن عذابي، وانا فقير الي رحمتك)، أن هذه الفقرة تبدوا وكأنها لا تختلف عن سابقتها القائلة:(تجد من تعذب غيري ولا أجد من يعفر لي غيرك)!! الا أن التأمل الدقيق يظهر لنا فارقاً طريفاً هو: غني الله تعالي وفقر العبد، وقد سبق ان قلنا: أن العبد لا خيرة له غير الله تعالي، بينما الله لا حدود لقدراته، وهذا المعني ذاته تقدمه الزهراء (عليها السلام) مشيرة الي ان العبد حينما يقول بانه لا يجد غير الله تعالي، وان الله تعالي يجد غير العبد القارئ للدعاء مع معاقبته، انما تؤكد جديدة من دلالات عظمة الله تعالي وتوحيده، الا وهو: غني الله تعالي عن الاخرين، وفقر الاخرين الي الله تعالي. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة