البث المباشر

الطفلة العملاقة والفلاح

الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 10:55 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم أحبتنا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الذي يسرنا أن يجمعنا بكم عبر محطة اخرى نلتقي من خلالها بين حكايات الأمم الشعوب وخفاياها على مر العصور وفي مختلف أنحاء العالم الرحيب الحافل بالحكايا والخفايا، ندعوكم أيها الأخوة والأخوات أن تكونوا برفقتنا في جولتنا لهذا الأسبوع والتي يبدو أننا سنتوجه من خلالها صوب أعماق الشمال حيث بلاد الروس بقصصها وحكاياها واساطيرها المستلهمة من هذه الأرض البيضاء الواسعة المغطاة بالثلوج دوماً، تابعونا مشكورين.
مستمعينا الكرام حكايتنا لهذا الأسبوع تحمل عنوان الطفلة العملاقة والفلاح وهي أسطورة مستوحاة من التراث الروسي المفعم بالحكايا والأساطير المتأثرة الى حد ما بالأساطير الأوربية وربما يمكننا أن نعتبره جزءاً من التراث الأوربي وإمتداداً له. الأسطورة التي نحن بصددها في حلقتنا لهذا الأسبوع من الحكايا والخفايا تحمل مضامين إيجابية بناءة حيث تصور لنا الدور الفائق الأهمية والحيوي الذي يؤديه الفلاح او المزارع في بث الحياة في أرجاء العالم فمن دونه ومن دون العمل الذي يقوم به لأستحالت الحياة على الأرض. فالحكاية تدعونا الى أن لانستحقر عمل الآخرين وأن لايستبد بنا التكبر والغرور الى حد إلغاء دورهم مهما كان فلكل انسان دور في الحياة وهذا الدور ضروري من اجل استمرار الحياة وتواصلها. تعالوا معنا اخوتنا اخواتنا المستمعين والمستمعات لكي نتابع معاً أحداث هذه الأسطورة الطريفة.
أعزاءنا منذ زمن بعيد كان الناس في حقب غابرة يروون أشياء رائعة وكائنات غير طبيعية وغربية، في تلك الأزمان يقولون إن عائلة من العمالقة كانت تعيش في قلعة نيدك الضخمة ذات الأسوار الشامخة والأبراج التي كانت تطاول عنان السماء، على أن هذه القلعة لم يتبق منها الآن شيء سوى انقاضها وآثارها لكن ذاكرة السكان تحفل بالكثير من القصص والحكايات الى حد إثارة الفضول سمعوها من آباءهم وأجدادهم، يحكون عن القوة والهياكل الضخمة لأولئك العمالقة الذين كانوا يحييون حياة منعزلة في تلك القلعة من دون التعامل مع الناس لكنهم كانوا على ما يبدو يعيشون دون أن يقوموا بأدنى فعل يضر رحيمين متسامحين وطباعهم دمثة. كل الناس هناك يتذكرون أن ذلك الاقليم كان يتميز بسمة نبيلة وأصيلة من سمات القلاع القديمة في نيدك وعندما يروي الفلاحون تلك القصص والحكايا فإنهم يحكونها بعاطفة وعلى شرف ذكرى أسلافهم.
أيها الكرام من بين تلك القصص والأساطير التي تناقلتها الألسن عن تلك القلعة الحافلة بتلك الكائنات الضخمة قولهم إن الإبنة الوحيدة لملك القلعة إبتعدت في احد الأيام عن باب القلعة لتتمشى بين أشجار الصنوبر وكروم العنب حتى وصلت الى هضبة قريبة من مركز حكم البلدة أي الى المكان الذي يمكن منه السيطرة والاشراف على القرية حيث الوادي ينقسم الى قطع الأراضي والحقول الفلاحية. توقفت الطفلة العملاقة الطويلة مثل أعالي أشجار الصنوبر لتنظر الى الكائنات الغريبة التي كانت تتحرك هناك في الأسفل وتقوم بحراثة الأرض، تقدمت قليلاً ونظرت بفضول وإندهاش واذا بها ترى رجلاً يحرث التراب بمحراثه المربوط بزوج من العجول وخلال عدة دقائق راقبت الرجل بفضول وهو يحرث حقله، كان هذا المنظر مجهولاً وغريباً بالنسبة لها خاصة وأنها لم تكن تغادر القلعة إلا لماماً وإن غادرتها لم تكن تبتعد عنها كثيراً. فصارت تنظر اليه كما ينظر الأطفال الى النمل في جحره، كان منظر تلك الهيئات المتحركة رائعاً وهم يصنعون في الأرض خطوطاً طويلة ومتقاربة فيما بينها.
اعزاءنا نحييكم من جديد عبر برنامجكم حكايا وخفايا الذي تستمعون اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. احبتنا بينما كانت الطفلة العملاقة تحملق في ذلك المشهد اذا بها تقفز وتتطاير من الفرح حتى ملئت الوديان برذاذ قهقهاتها فما كان من الفلاح العامل إلا أن توقف متعجباً فيما جفلت العجول وتوقفت مذعورة. وقبل أن يأخذ الفلاح بالحسبان بما سيجري إقتربت الطفلة نحو الرجل والعجول وأخذتهم وهي في موجة من الفرح الطفولي لايوصف كما لو كانوا دمى للأطفال. عادت الطفلة الى القلعة، كانت سعيدة ومبتهجة وهي تعرض لقيتها على والديها وتهتف بفرح غامر: أنظروا أنظروا، انظروا ماذا عثرت! لاتوجد دمى اجمل من هذا! أليست جميلة حقاً؟ إنها دمى حقيقية حية، سترون كيف يتحركون ويصنعون خطوطاً مستقيمة ومتقاربة؟ وبينما كانت تتكلم وضعت الفلاح وزوجي العجول ونير الحراثة والمحراث على الطاولة الضخمة كأنها مسرح للحفلات ودفعتهم كي يبدأوا بالعمل، لكن الطفلة توقفت عن الكلام والضحك أمام النظرة القاسية لوالديها.
مستمعينا الأفاضل إزاء هذا المنظر، منظر الفلاح المسكين وعجليه وهم يرتعدون خوفاً قال العملاق صاحب اللحية الثلجية بحنان وجدية وهو ينظر الى إبنته نظرات عتاب: هل تعرفين حقاً ماذا احضرتي يابنيتي؟ هل تعرفين ماذا فعلت؟ هذا الذي تسمينه دمية إنما هو رجل فلاح، لقد أرعبتيه عندما كان منهمكاً في عمله وإقتلعتيه من بين الفواكه والثمار التي تغذينا عليها وتجعل أهلك يواصلون الحياة فمن غيره ما كانت الحياة ممكنة لنا، هذا العامل المسكين هو الأكثر نفعاً وفائدة من كل الرجال فالآخرون يمكنهم الحياة بفضل عمله وجهده هو الجهد الكثر نبلاً وعطاءاً فلا المطر ولاالبرد ولا الشمس اللاهبة قادرة على إبعاده عن الأرض التي يحرثها ويحرسها بحبه.
وأكملت الأم كلام الأب لتقول لإبنتها مؤيدة لكلام الأب: كل عامل ياعزيزتي يستحق الاحترام والفلاح هو أكثر الذين يعملون إنه ليس دمية، لا ياإبنتي هيا، هيا خذيهم بحذر شديد وبعناية الى نفس المكان الذي أحضرتيهم منه وحافظي عليهم من أي مكروه ولاتنسي أن من لايحترم ولايحب الفلاح والذي يصنع من الفلاح ضحية لأنانيته فإن بذلك يجلب على نفسه اللعنات من السماء. هنا احست الطفلة العملاقة وإبنة العمالقة بخجل شديد يغمر كيانها وبندم كبير على ما بدر منها فنكست رأسها وطلبت المعذرة وإلتقطت الفلاح وزوج العجول بحذر شديد وحملتهم وهم يهتزون في راحة يدها وأعادتهم كي يحرثوا أرضهم حقولاً جديدة.
وبذلك تنتهي إخوتنا اخواتنا المستمعين والمستمعات حكايتنا لهذا الأسبوع من برنامجكم حكايا وخفايا الذي استمعتم اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران آملين ان تكونوا قد امضيتم دقائق ممتعة ومفيدة مع البرنامج وبرجاء أن نجدد اللقاء بكم في الأسبوع القادم بإذن الله عند حكاية اخرى إن شاء الله وشكراً على طيب المتابعة الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة