البث المباشر

أسطورة الزومبي ۱

الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 10:48 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم أحبتي الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل المراحب بكم في جولة لنا اخرى في عالم الحكايا والقصص والأساطير عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا حيث الغموض والأسرار والخفايا التي تغلف هذه القصص والأساطير والتي نحاول من خلال هذا البرنامج محاولة الربط بينها وبين الواقع، ندعوكم أيها الأعزة لمرافقتنا عند ما اعددناه لكم في حلقة هذا الأسبوع.
مستمعينا الكرام حكايتنا لهذا الأسبوع يغلب عليها طابع الأساطير التي تحاول الربط بين عالمين، عالم الموتى وعالم الأحياء. إنها أسطورة الزومبي او الموتى الأحياء التي تمخضت عنها مخيلة الانسان في جزيرة هايتي وجنوب افريقيا والتي كثيراً ما نراها على شاشات التلفزيون والسينما بالنظر الى طابع الإثارة والرعب الذي تتميز به والتي أضفاه عليها بعض كتاب الخيال فنحن نشعر بالخوف أحياناً وبالإثارة والمغامرة والتقزز من كل تلك الدماء التي تغطي وجوه تلك الكائنات العائدة من الموت حيث تتحطم حجارة القبور وشواهدها وتبدأ بالخروج أجساد بدأ تحللها كيميائياً. ومن الواضح أن القوى العقلية للأموات الذين عادوا من العالم الآخر متدنية للغاية وهمهم الأكبر هو زرع الرعب بين الناس وقتل أكبر عدد منهم ولكننا مع ذلك لانشعر بخوف أبداً من أن نجد يوماً ما جيشاً منهم يجوب في شوارعنا لأنها وببساطة أسطورة حتى ولو كان لها بعض الأسباب والمبررات من الواقع.
ولكن اعزائي المستمعين هل جاءت فكرة هذه الشخصيات من محض الخيال ام أن لها أساساً يمكن دراسته والتأكد من مصدره وحيثيات ظهوره رغم أن هذه الأسطورة تعتبر بالنسبة الى الكثيرين مجرد تسلية لاأساس لها فإننا نجد ما يدعمها بصورة قوية ليس فقط من قبل شهود عيان يؤكدونها بل مما هو اكثر من ذلك بكثير وهذا ما نجده في جزيرة هايتي فقد ظهرت أسطورة الزومبي في هذه الجزيرة وهي واحدة من جزر البحر الكاريبي حيث شوهد فيها او هكذا روي أموات لم تبدأ جثثهم للتحلل بدوا للجميع وكأنهم نصف احياء فكان الميت يمشي ويأكل ويشرب ويسمع ويتحدث ولكنه كان مسلوب الارادة بشكل كلي تقريباً ولايستطيع التفكير بل ولايحمل أي ذاكرة لفترة حياته.
مستمعينا الأكارم يعتقد الأهالي تلك الظاهرة هي من فعل السحر الأسود الذي يمارس بالفعل على نطاق واسع في جزيرة هايتي من قبل السحرة والمشعوذين ويقوم الساحر بهذا العمل عادة كي يجعل من الزومبي عبداً يعمل في حقله وليكستب احترام الناس وخوفهم ولكن الأمر لايحدث بشكل علني لأن هناك قانوناً صارماً في هايتي يمنع منعاً باتاً تحويل الانسان الى زومبي فقانون العقوبات الخاص بهايتي يضم فقرة تنص على أن عقوبة إعطاء مواد محددة الى شخص ما حتى اذا لم يؤدي ذلك الى الموت الفعلي بل الى جعله يمر في حالة سبات طويل تكون مماثلة لعقوبة الشروع بالقتل، واذا تم دفن الشخص الذي تناول تلك المواد بعد ذلك تكون العقوبة مماثلة لعقوبة القتل بغض النظر عما يحدث بعد الدفن. وبصورة اخرى تعد هايتي موطن الزومب الأصلي الذي يأتي من التعاليم الخاصة بديانة الفودو فوفقاً لهذا الدين فإن الكهنة او من يمكننا وصفهم للمشعوذين والذين يطلق عليهم البوكور هم من يقوموا بإستخدام الزومبي لخدمة اهداف خاصة بهم.
أجل أحبتي الأفاضل من الناحية التاريخية ترجع كلمة الزومبي في أصلها الى كتبات هاييتية تعود للعام ۱۸۷۱ إلا أن الشهادة الموثقة الأولى لدينا هي تلك التي ادلت بها المختصة بالفلكلور والكاتبة زورا نيل هورستون التي تحدثت في العام ۱۹۳۷ عن سيدة كبيرة في السن نسبياً ظهرت فجأة في احدى قرى هايتي قبل أن يتعرف عليها أفراد احدى الأسر هناك، المشكلة أن تلك السيدة كانت قد دفنت قبل ثلاثين عاماً عندما كان عمرها تسع وعشرين سنة وقد قامت زورا بدراسة الحالة إلا أن كلما تمكنت من الحصول عليه هو بعض الاشاعات التي تحدثت عن مادة دوائية قوية قادرة على إحداث حالة موت ظاهرية.
أيها الكرام تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أما العالم إدموند فيد ديفيس الأنتربولوجي الكندي والمختص بعلم النباتات الطبية والكاتب فقد ركز دراساته على ثقافات السكان الأصليين في أماكن مختلفة من العالم وبخاصة في الأمريكيتين، وقد قام بأبحاث عديدة حول موضوع الزومبي وأعلن ديفيس أن أبحاثه أوصلته الى مسحوقين قويين اذا تم إيصالهما الى مجرى الدم عن طريق جرح مثلاً فبإمكانهما تحويل شخص حي الى زومبي، إحدى هاتين المادتين هي سم مستخرج من سمكة المنفاخ والأخرى هي مادة كالقلوانيات كتلك الموجودة في نبات الداتورا من نباتات الزينة. ووفق ما إكتشفه ديفيس إن الكهنة البوكور يقومون في بعض الحالات بخلط ذلك السم بمواد اخرى يتم إستخراجها من الغدد الخارجية والجلد لضفدع القصب وهي مواد قادرة على التسبب في موت الانسان، وفي حال خلط هذه المواد بنسب معينة وتقديمها لشخص ما في طعامه فهي لن تؤدي الى موته فحسب بل سيصبح في حالة من الموت الظاهري لعدة ساعات تنخفض خلالها نبضات القلب والتنفس الى حد كبير.
مستمعينا الأحبة وفي هايتي التي ترتفع فيها درجات الحرارة وتشح فيها الثلاجات الخاصة بالموتى فإن أقارب الميت يسارعون الى دفنه وهذا يعني أن حالة الدفن قد تتم لمن هو في حالة موت ظاهري فقط. يقول ببيس إن ضحايا هذا النوع من السموم يجب أن يتم إخراجهم من قبورهم في غضون ثمان ساعات وذلك لتجنب الإختناق. ويستغل الكاهن الفرصة ليخرج الضحية ويعطيه المادة المستخرجة من نبات الداتورا التي تكون فاعليتها أقوى اذا كان الضحية يؤمن بتأثيرها وهو ما يضعه في تصرف الكاهن، فرغم وعيه بما يدور حوله إلا أنه غير قادر على أن يتصرف بشكل طبيعي. ومايجب علينا معرفته هو أن غراماً واحداً من مادة تزيد سميتها عن غرام الثيانيد بألف مرة من شأنه أن يتسبب في حالة شلل كامل إلا أن الدماغ يبقى واعياً بما يدور حوله في حين يحدث الموت بعد بضع ساعات بسبب الإختناق وقصور القلب ولايوجد ترياق يمكن أن يوقف عمل هذه المادة السامة إلا إن استطاع الانسان البقاء على قيد الحياة مدة أربع وعشرين ساعة فهذا يعني أنه يكون قادراً على الخروج من حالته تلك والعودة الى حياته الطبيعية.
أيها الكرام جولتنا بين رحاب أسطورة الزومبي او الموتى الأحياء لم تنتهي بعد حيث سيكون لحديثنا صلة في الأسبوع المقبل بإذن الله حول هذه الأسطورة التي تردد بين الحقيقة والخيال، الحقيقة التي يحاول العلماء والباحثون تقديم تفسير علمي لها والخيال الذي يميل اليه الانسان وخاصة في الأوساط التي يعيش فيها الجهل والأمية وإنعدام الوعي حيث يحلو له أن يطلق لخياله العنان جاعلاً من بعض الظواهر الغريبة التي ربما كان لها تفسير مادي وطبيعي أساطير قائمة بحد ذاتها.
أحبتنا الأفاضل من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران استمعتم الى برنامج حكايا وخفايا تقبلوا تحياتنا وشكرنا على حسن متابعتكم وكونوا معنا في حلقة الأسبوع المقبل من حكايا وخفايا شكراً لكم والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة