البث المباشر

أسطورة أم الصبيان

الإثنين 1 يوليو 2019 - 15:21 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم اخوتنا المستمعين في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات وكل المراحب بكم في هذه المحطة الجديدة حيث نلتقيكم من جديد عبر برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا لنتجول معاً بين حكايا أمم الأرض وشعوبها على مر التاريخ ونسبر الخفايا الكامنة وراءها. ندعوكم أيها الأخوة والأخوات الى متابعتنا عبر ما أعددناه لكم في هذا الأسبوع.
أعزاءنا من بين الأساطير او إن صح التعبير الخرافات الشائعة بين عوام الناس في الشرق وخاصة البلدان العربية كاليمن وبلدان الخليج الفارسي وجنوب غرب ايران أسطورة ام الصبيان او التابعة او لليس وهو الاسم السومري لها حيث تفيد الأساطير السومرية بأن شيطان أنثى إرتبطت بالرياح وكان يعتقد أنها حاملة للمرض والموت ومسببة لهما. وقد ظهرت لليس لأول مرة في فئة شياطين الرياح وعواصف في سومر حوالي الألفية الثالثة قبل الميلاد كما ظهرت كشيطان ليلي في التراث اليهودي وتعود جذور كلمة لليس الى كلمة الليل في اللغات السامية. كما تشير بعض النقوش المسمارية الى تأثير بعض أنواع الرياح المسببة للأمراض. ولليتو الأكدية والتي تعني سيدة الهواء قد تعود الى الإلهه السومرية نينليل إلاهة رياح الجنوب وزوجة الإلهة إنليل والتي يعني اسمها ايضاً سيدة الهواء في بلاد الرافدين. حيث إرتبطت رياح الجنوب ببداية فصل الصيف والعواصف الترابية وسوء الصحة العامة. وقد ذكر أن قوة الشيطانة لليس تتزايد أثناء إنحسار القمر واعتقدوا أنها لو تشن حملة من الإرهاب ضد المرأة في فترة الحمل والولادة وعلى الأطفال حديثي الولادة وخاصة الذكور منهم كما تعهدت ايضاً بمهاجمة الرجال في النوم، كما يسود الاعتقاد بأن ثلاثة ملائكة كلفوا بجلبها من كهفها في البحر الأحمر وأرغموها أن تقسم كل ماشاهدت أسماءهم او صورهم على التنائن أن تترك الأطفال والأمهات في سلام. وأحياناً كانت ترسم دائرة سحرية حول سرير الطفل مع تعويذة او تنينة كتب عليها أسماء الملائكة الثلاث واسم آدم وحواء وعبارة عدا لليس او حماية هذا المولود من كل ضرر. وكثيراً ما كانت التنائن توضع في الزوايا الأربع للغرفة وكانت لليس تصور بشكل امرأة جميلة من رأسها الى الخصر ولكن من أسفل الخصر تبدو أشبه ما تكون بالنار، كما أنها تفضل الظهور بشكل البجعات والبوم والثعالب والقطط الوحشية والذئاب.
أعزائي الأفاضل لهذه الأسطورة جذور تاريخية قديمة كما رأينا كما زعموا أنها تمتد الى عهد النبي سليمان عليه السلام فقد روي في هذا المجال أن التابعة او أم الصبيان هو الاسم العربي للليس التي تحدثنا عنها عجوز شمطاء تهدم الدور والقصور وتقلل الرزق بالليل والنهار وتنشر الشر أينما حلت ويحيق أذاها بالنساء والأطفال والرجال. يقول إبن منظور في لسان العرب في هذا المجال "والتابعة الرئي أي المس من الجن ألحقوا الهاء للمبالغة او لتشنيع الأمر او على ارادة الداهية. والتابعة جنية تتيع الانسان وفي الحديث أول خبر قدم من المدينة يعني من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم امرأة كان لها تابع من الجن. والتابع هنا جني يتبع المرأة يحبها والتابعة جنية تتبع الرجل تحبه. وقولهم معه تابعة أي من الجن. وقد قيل والعهدة على الراوي أن سيدنا سليمان لما علم بأمرها أمر بجرها بالسلاسل والأغلال وعذبها عذاباً شديداً، وقال لها: كيف نخفف عنك العذاب والشر كله منك؟ فقالت: يانبي الله أنا التابعة التي أخلي الديار وأنا معمرة القبور وانا التي مني كل داء ومضرة. نومي على الصغير فيكون كأن لم يكن وعلى الكبير بالأوجاع والأمراض والعلل والبلاء العظيم والفقر، وأسلط عليه مالايقدر عليه. ونومي على المرأة عند الحيض او عند الولادة فتعقر ولايعمر حجرها. ونومي على التاجر في تجارته بعد الفرح بالربح فيها سيخيب ويخسر. وأخذت تعدد ألواناً وأصنافاً من العذاب والبلاء التي تمتحن به عباد الله وقد اعطته العهود والمواثيق، العهود السليمانية السبعة وأن من علقها فإنها لاتقربه في نفسه او اهله او ماله".
أعزاءنا الأفاضل نحييكم من جديد عبر برنامجكم حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. وما لبثت أيها الأخوة والأخوات هذه الأسطورة التي تحدثنا عنها قبل الفاصل أن إنتشرت في أرجاء مختلفة من العالم ومنها في الشرق وخاصة المناطق العربية بإسم أم الصبيان كما ذكرنا او التابعة من الجن فإنتشرت عنها الأساطير والمسميات حيث توصف بأنها انثى غول بشعة المظهر لها أرجل بحوافر البقر يمكنها أن تتخذ شكل امرأة جميلة فاتنة تظهر ليلاً او قبل طلوع الفجر بقليل لتغوي الرجال وتخطفهم لتتزوجهم او لتنزل عليهم لعناتها وسخطها إن هم رفضوا الزواج منها. وقد إرتبطت أسطورة أم الصبيان ايضاً بأنها قد تسبب الموت او الجنون عندما تظهر لشخص ما بشكلها الحقيقي في الظلام او عندما تطلق صرخاتها المرعبة وقد تعمد الى اكل البشر خصوصاً الأطفال في حالة مشاهدتهم لها بشكلها الطبيعي. هناك إرتباط ايضاً بين أسطورة أم الصبيان والسحر وأعمال السحر لإصابة امرأة بإسقاط الحمل او التسبب بنزيف أثناء فترة الحمل حيث ترى المرأة الحامل كما تفيد هذه الأسطورة أن امرأة زارتها في المنام ووضعت يدها على بطنها، وتصف النساء اللواتي زعمن رؤية أم الصبيان او التابعة بأنها امرأة غريبة الشكل وقبيحة المظهر وأنها وضعت يدها على بطونهن ولم تستطع هؤلاء النساء الحوامل أن يفعلن شيئاً او أن يتحركن. ويرجح بعض من يستمعون الى هذا الكلام أن أم الصبيان قد زارت هذه النساء الحوامل وأخذت أطفالهن منهن مما ادى الى سقوط الحمل.
أعزاءنا تجسد أسطورة أم الصبيان مدى الخوف والقبح الذي لاسلطان له كما أن في بعض الأساطير تكون نذيراً للرجال لعدم الوقوع في علاقات متعددة او مشبوهة مع نساء غرباء وترك الزوجة او الإبتعاد عنها. هناك قصص كثيرة تكلمت عن ظهور فعلي لأم الصبيان وهناك من يحكي أنه شاهد أم الصبيان وجهاً لوجه او حتى سمعها تنادي عليه ولكن تبقى الأسطورة عالقة في الأذهان وتبقى أم الصبيان أسطورة شعبية متداولة تحت أسماء عديدة منها أم الصبيان والتابعة ولليس في الثقافة السومرية وما الى ذلك. تحت كمسلمين اعزائي الأفاضل لاننفي بطبيعة الحال وجود الجن وقد أمرنا في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام بالايمان بالغيب ومنه الجن ولكن الذي ننفيه ونرفضه هو أن نعزو الأمراض وانواع الأذى التي يتعرض لها الانسان سواء كان طفلاً او امرأة او رجلاً الى كائنات خرافية لايمكن أن تلحق الذى بالانسان إلا بإذن الله سبحانه وتعالى. نحن نرجح أن مثل هذه الخرافات تنتشر عادة بين المجتمعات التي يتفشى فيها الجهل وتنعدم الثقافة حيث يعجز الانسان في مثل هذه المجتمعات عن علاج هذه الأمراض بالأساليب والطرق الطبية الحديثة ويجد نفسه عاجزاً عن تقديم تفكيرات علمية ومنطقية لها فيعمد الى نسبتها الى كائنات خرافية، الأدهى من ذلك أننا نراه يلجأ الى السحر والشعوذة في سبيل التخلص من هذه المسببات المزعومة بدلاً من اللجوء الى الله تعالى اولاً ثم الطب ثانياً.
أعزاءنا مستمعينا نودعكم وكلنا أمل في تجديد اللقاء بكم عند حلقة اخرى بإذنه تعالى من برنامجكم حكايا وخفايا آملين أن تكونوا قد إستمتعتم بما قدمناه لحضراتكم في حلقة هذا الأسبوع التي قدمت لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وأن تكونوا في إنتظارنا عند المزيد من الحكايا والخفايا ودمتم في رعاية الخالق عزوجل.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة