البث المباشر

أسطورة المحاربات الأمازونيات ۱

الإثنين 1 يوليو 2019 - 13:02 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم أعزاءنا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحياتنا الخالصة المحملة بأريج المحبة نبعثها اليكم حيث يسرنا أن نلتقيكم من جديد عند محطة اخرى من المحطات التي تجمعنا مع حكايا الشعوب وأساطيرها في عالم يحفل بالغرابة والغموض والرموز والدلالات عبر برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا. ندعوكم لمرافقتنا.
اخوتنا المستمعين أخواتنا المستمعات أسطورتنا لهذا الأسبوع تبدو غريبة الى حد ما من حيث أبطالها ومن حيث مصدرها ودلالاتها ومغازيها، إنها أسطورة رواها القدماء عن قبيلة تدعى الأمازون كان جميع أفرادها من النساء المحاربات اللواتي لم يخضعن لرجل في حياتهن بل طالما هزمنه وأذقنه الويلات حيث هنالك منحوتات إغريقية قديمة تصور المعارك بين الإغريق ومحاربات الأمازون.
الأمازونيات اللواتي ورد ذكرهن في هذه الأسطورة يمثلن نساءاً عرف عنهن ببغضهن الشديد للرجال لدرجة أنهن كن يقتلن أطفالهن اذا ولدوا ذكوراً، وكانت مملكتهن مقتصرة على النساء وويل لعاثر الحظ من الرجال اذا قادته خطاه الى دخول حريم ارضهن فهو ملاق حتفه لامحالة فالأمازونيات محاربات باسلات وفوارس لايشق لهن غبار، برعن في الرماية فلاتخطأ نبالهن ولاتحيد عن قلوب الرجال لتستقر فيها وتدميها. اما رماحهم الطويلة فتحمل الموتى الزئام بساحات الوغى والقتال، تخر أمامها عزائم الشجعان وتفر منها جموع بني آدم من الذكور كما أن فؤوسهن ماضيات ذات نصلين تحصد الهامات كما يحصد المنجل سنابل القمح في الحقول.
أعزاءنا الكرام وقد وردت في كتب وألواح المؤرخين الإغريق القدماء الكثير من الأساطير عن الأمازونيات فذكروا أنهن اول من روض الخيل وإمتطاها من بني البشر وأنهن خضن عدة حروب ضد أثينا وغيرها من المدن الإغريقية القديمة لكنهم إختلفوا حول موقع مملكتهن فذكر بعضهم أنها تقع في الأناضول الى الجنوب من البحر الأسود وأن كلمة امازون معناها بدون رجل في الإغريقية القديمة، فيما زعم فريق آخر بأن أرض الأمازون تقع الى الشمال في اوكرانيا وهناك ايضاً من قال إن مملكة الأمازون تقع في شمال افريقيا وزعم بأن اسمها مشتق من كلمة امازيق أي أقوام البربر الذين إستوطنوا تلك الأصقاع منذ فجر التاريخ.
رغم إختلاف المؤرخين حول مكان مملكة الأمازون إلا أنهم إتفقوا على أنها كانت مملكة واسعة تتكون من عدة مدن ذكروها بالاسم وأن ملكة الأمازونيات كانت فائقة الحسن والجمال وغاية في الشجاعة والإقدام. لكن نقطة ضعف الأمازونيات الوحيدة والأمر الوحيد الذي كن يحتجن اليه بطبيعة الحال كان الرجال لغرض التكاثر وذلك لكي لاتقل أعدادهن وينقرضن ولهذا السبب كانت الأمازونيات البالغات يذهبن في رحلة جماعية لمرة واحدة في السنة الى احدى المدن الواقعة عند حدود مملكتهن فيضعن أسلحتهن جانباً ثم تنصب كل واحدة منهن خيمة ويتربصن حتى يأتي اليهن رجال تلك المناطق ممن يعلمون قصتهن ومسلكهن فيتزوجون منهن ليوم واحد فقط، وهذا اليوم اليتيم خلال السنة كان هو يوم السلم الوحيد بين الأمازونيات ومعشر الرجال أما في سواه فلم يكن هناك شيء في الدنيا أحب الى قلب الأمازونية من إذلال الرجل وقتله.
أعزاءنا الأفاضل وعند عودة الأمازونيات من رحلة الزواج السنوية كانت الحوامل منهن ينتظرن بفارغ الصبر حتى يلدن ليرن ما أنجبت بطونهن وويل للمولود اذا كان ذكراً لأن المسكين كان يقتل فوراً او يترك في البرية ليموت جوعاً وتلتهمه الحيوانات المفترسة. وفي أحيان نادرة قد يكون في قلب الأم ذرة من الرحمة فتحمل مولودها الذكر لتتركه عند مشارف احدى البلدات او المدن الإغريقية ليلتقطه سكانها ويربوه.
وأما اذا كان المولود أنثى فكانت تستقبل بالحفاوة والتبريك وتبدأ الأم بتعليم ابنتها فنون القتال والكر والفر منذ نعومة أظفارها وإضافة الى شجاعتهن وصلابتهن فقد عرف عن الأمازونيات ايضاً صبرهن وشدة جلدهن، ومن عجائب ما ذكره المؤرخون الإغريق حول قدرة التحمل لديهن هو أن الأمازونية بإمكانها عند الضرورة البقاء فوق صهوة جوادها لعدة أيام بدون أن تترجل وخلال هذه المدة يكون غذاءها وشرابها الوحيد هو دماء الحصان الذي تمتطيه عن طريق جرح صغير تشقه في رقبة الحيوان وتمص الدم منه.
ورغم كل ما ذكره القدماء حول قسوة الأمازونيات وكرههن الأعمى لجنس الرجال لكن ذلك لم يمنع من أن تقع بعضهن صريعات سهام العشق والهوى، ففي بعض الروايات ذكروا أن الأمازونيات في غزواتهن وحروبهن كن يقتلن جميع الأسرى من الرجال لكن أحياناً كان البعض من الشباب يستثنون من القتل لكي يكونوا عبيداً. وكان العبد من الرجال يؤخذ الى مملكة الأمازون ليقوم بالأعمال المنزلية كالطبخ والتنظيف في بيت سيدته.
مستمعينا الأفاضل ومن قصص عشق الأمازونيات ايضاً ما ذكرته احدى الأساطير الإغريقية من أن ملكة الأمازونيات هيبوليتا أحبت بطلاً إغريقياً وهربت معه الى أثينا حيث تزوجا وأنجبت منه طفلاً وقد كان هروبها زواجها سبباً في حرب مدمرة نشبت بين الأمازونيات وسكان مدينة أثينا الإغريقية. وفي ملحمة الإلياذة هناك ايضاً ذكر للأمازونيات تحت اسم النسوة اللائي يحاربن الرجال اذ تروي الملحمة أنهن قاتلن مع جيش طروادة ضد الإغريق وأن البطل اخيل وقع في حب ملكتهن. أما في أسطورة هرقل الإغريقية فقد كانت مهمته التاسعة في سرقة حزام ملكة الأمازون السحري وقد إستقبلته الأمازونيات بحفاوة كبيرة نظراً لما تناهى لسمعهن من قصص عن شجاعته الكبيرة ومغامراته الخارقة لكن هرقل قابل حفاوة الأمازونيات بالغدر فقتل ملكتهن وسرق حزامها ثم فر هارباً.
أما المؤرخ الإغريقي الشهير أعزائي الأفاضل هيرودوث فقد أسهب في حديثه عن الأمازونيات وذكر عنهن قصة طريفة يمكن تلخيصها في أن الإغريق خاضوا حرباً شرسة ضد الأمازونيات حتى هزمهن وقتلوا وأسروا الكثير منهن وقد حملوا أسيراتهن في ثلاث سفن أبحرت بهن الى أثينا، لكن خلال الرحلة البحرية تمكنت الأمازونيات الأسيرات من فك وثاقهن وقمن بقتل جميع البحارة الإغريق ثم قدن السفن على غير هدى حتى رست بهن عند أحد الشواطئ الجنوبية لروسيا. وقد تصادف وصولهن الى تلك البقع المائية مع قدوم مجموعة من الشباب السيبيتيين الذين كانوا في رحلة صيد فنشب بين الفريقين قتال عنيف إلا أنه سرعان ما إكتشفوا أن أعداءهم ليسوا سوى نساء لذلك إنسحبوا من المعركة وعوضاً عن القتال أخذوا يتوددون الى الأمازونيات ويتصنعون اللطف والرقة حتى روضوهن ثم إتخذوهن زوجات وأصبحوا شريكاتهن في كل شيء حتى في الصيد والقتال. لهذا اشتهر السيبيتيون بين الأمم القديمة بأن نساءهم محاربات باسلات يقاتلن مع الرجال في ساحات الوغى.
مستمعينا الأكارم على امل أن تكونوا قد إستمتعتم معنا بالقسم الأول من أسطورة المحاربات الأمازونيات نرجو منكم أن تكونوا بإنتظارنا عند القسم الثاني من هذه الأسطورة في حلقة الأسبوع المقبل بإذن الله. من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران كنتم مع برنامج حكايا وخفايا الى اللقاء.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة