البث المباشر

جلال الدين محمد -٦

الإثنين 17 يونيو 2019 - 11:48 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -٦

في الحلقات الماضية من هذا البرنامج ذكرنا بان اسرة الشاعر مولوي مع ثلاثمائة من مريدي والده بهاء وُلد قد غادرت ايران تزامنا مع هجوم المغول عليها، وتركت مدينة بلخ متوجهة لزيارة بيت الله الحرام.
وكان مولوي آنذاك في الثالثة عشرة من عمره وفي مدينة نيسابور التقى الشاعر والعارف الشهير فريد الدين عطار الذي اهداه كتابه (اسرارنامه) او كتاب الاسرار.
وبعد قليل نكون مع جلال الدين محمد في رحلته عبر الايام والزمان والعصر.
نعم حضرات المستمعين، سارت القافلة وجلال الدين معها، الرحلة كانت بالنسبة له رحلة الخيال الجذاب، الطرق المغبرة وقمم الجبال التي ناطحت السحاب، والسهول التي اعتنقت الارض من تحت السماء، اخذت برؤيا جلال الدين الى عالم ماوراء المحسوسات.
ومن محاورات والده طوال الرحلة مع شيوخ القافلة ومسنيها تعلم جلال الدين محمد دروساً لايصار الى تعلمها في المدرسة وارتوى من مناهل العواطف والافكار وهو يستمع الى قصص وحكايات تطلقها السن شباب القافلة فتزيل عن الروع والعقل ما علق بها من غبار.
نعم الى مشارف بغداد وبواباتها وصلت قافلة المهاجرين من بلخ كانت بغداد تبدو مكاناً آمنا في عيني جلال الدين اللتين ينطلق منهما معاني البراءة والطفولة.
اربعون عاما مضت على حكم الخليفة العباسي الناصر لدين الله انه كان يسعى ليعيد لبغداد عظمتها وجلالها جلال عهد الف ليلة وليلة بما زخرت به من اساطير.
الناصر لدين الله كان قد شيد في بغداد الابنية الفخمة والمساجد الضخمة والمدارس والتكايا وتمكن ان يعيد الى عاصمة بني العباس الامن والاستقرار، بعد ان انفرط عقديها لفترة من الزمان.
الهدوء الظاهري ابدل بغداد الى عاصمة اسلامية مزدهرة اغرقتها النعم والثروات وتزامنا مع قرب وصول قافلة بلخ الى بغداد او وصولها وصلت اليها قوافل المهاجرين واللاجئين قادمة من خراسان وحاملة معها الخوف من المغول.
كثرة المهاجرين من خراسان والحجاج العائدين من الحجاز الذين يئسوا من العودة الى ديارهم جعل بغداد على وسعتها تغص بالساكنين.
شيخ شيوخ مدينة بغداد الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي وبعدما علم بقدوم بهاء وُلد واسرته ومريديه، هب لاستقبالهم بكل حفاوة واقترح السهروردي على والد جلال الدين الاقامة في رباط او تكية في بغداد لكن بهاء ولد رفض هذا الاقتراح ونزل في مدرسة من مدارس مدينة السلام.
وما ان حلت اسرة بهاء وُلد في تلك المدرسة حتى شعر جلال الدين محمد ان حلما له قد تحقق. بلخ ونيسابور من مراكز ايران الثقافية آنذاك كانتا مليئتين بالمدارس ودور العلم بيد ان الفرصة لم تسنح لجلال الدين لان يعيش اجواء المدارس فيهما.
ففي بلخ كان جلال الدين صغير السن وفي نيسابور لم تقم اسرته طويلا من الوقت ليتخذ الى المدرسة فيها سبيلا.
وفي بغداد ولقلة معرفته باللغة العربية سعى جلال الدين محمد ان ينفذ الى عالم القيل والقال يفك رموز الافكار والاقوال الاجواء الروحانية في المدرسة جعلت جلال الدين يعي رغبة ابيه في العيش في هذه الاجواء. واذا كان هذا حال جلال الدين الولد فما هو حال والده بهاء وُلد؟ اجل كان الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي يعتبر وجود بهاء وُلد ومريده في بغداد غنيمة لاهلها لاتفوت في كثير من الايام كان السهروردي يلتقي بهاء وُلد وكان الاثنان ولعديد من الساعات يتحاوران ويتجاذبان اطراف الحديث في لغة فارسية سلسلة هذا التحادث جعل جلال الدين محمد اكثر انسا بالشيخ وانشد الطفل الصغير الى الشيخ الكبير بعدما سمع من ابيه ان السهروردي هو ايراني كان اهله يعيشون في ضواحي زنجان، وانه ينشد الشعر بالفارسية ايضا.
ولنترك بغداد والسهروردي وجلال الدين محمد لعديد من الايام ثم نعود واياكم الى شاعر العرفان يوم ساربه الزمان والقدر الى مدينة السلام.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة