البث المباشر

مسلم بن عقيل(ع)

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 13:24 بتوقيت طهران

لحيّكم مهجتي جانحه

ونحوكم مقلتي طامحه

وكم لي على حيّكم وقفة

وعيني من دمعها سافحة

وعدت غريباً بتلك الديار

أرى صفقتي لم تكن رابحة

كم عاد مسلم بين العدى

غريباً وكابدها جائحه

رسول حسين ونعم الرسول

اليهم من العترة الصالحة

لقد بايعوا رغبة ً منهم

فيا بؤس للبيعة الكاشحة

وقد خذلوه.. وقد أسلموه

وغدرتهم لم تزل واضحة

فيا بن عقيل فدتك النفوس

لعظم رزيتك الفادحة

سبقت أيام عاشوراء أيام مهمة ممهدة، كما سبقت واقعة عاشوراء وقائع حساسة ذات مواقف شديدة كان منها، بل وأهمها، نهضة مسلم بن عقيل رضوان الله عليه. فيعد أن وافت الحسين (عليه السلام) كتب اهل الكوفة آلافاً وفدت عليه من رسلهم، اقتضى الامر أن يبعث أبو عبد الله الحسين (سلام الله عليه) ابن عمه مسلم بن عقيل سفيراً من قبله، لتتم الحجة على الناس بعد شكواهم أن ليس عليهم إمام عادل، وبعد عرض رغبتهم في ابن رسول الله وسيد شباب اهل اجنة، الحسين بن علي.
الذي اجتمع عنده من الرسائل والمكاتيب ما مللأ خرجين، فكتب اليهم كتاباً دفعه الى هاني بن هاني السبيعيّ وسعيد بن عبد الله الحنفيّ، وكانا آخر رسله اليهم، وقد جاء فيه: "قد فهمت كل الذي قصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحقّ. وقد بعثت اليكم أخي وأبن عمي، وثقتي من اهل بيتي...".
والآن، من هذا يصفه الحسين صلوات الله عليه أنه أخاه وابن عمه، وثقته من أهل بيته؟!

*******

لنستمع أولاً لما يقوله خطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي عما تعنيه هذه العبارات الحسينية وما تكشفه من مقامات أول شهداء الهاشميين في الملحمة الحسينية وقبل يوم عاشوراء، مسلم بن عقيل (سلام الله عليه):
المحاور: ايها الاخوة والاخوات لنستمع اولاً لما يقوله خطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي عما تعنيه العبارات الحسينية وما تكشفه من مقامات اول شهداء الهاشميين في الملحمة الحسينية وقبل يوم عاشوراء مسلم بن عقيل (سلام الله عليه).
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، من كتاب لامامنا الحسين (عليه السلام) لاهل الكوفة في حق بن عمه سيدنا ومولانا مسلم بن عقيل قال: اني باعث اليكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي مسلم بن عقيل، في هذا الكتاب هناك مجموعة من الاشارات التي ترتبط بهذه الشخصية العظيمة الشهيد البطل وهو اول شهيد من بني هاشم قبل واقعة الطف، في يوم الطف كان اول الشهداء علي الاكبر بن الحسين لكن قبل يوم عاشوراء هو من بني هاشم وهو مسلم بن عقيل.
الاشارة الاولى: ان الامام الحسين اطلق الوثاقة لم يقل ثقتي في الفتيا او ثقتي في جمع الحقوق الاموال وانما اطلق الوثاقة، واطلاق الامام الحسين وهو العارف وكلام المعصوم حجة ينم عن المنزلة السامية الرفيعة لسيدنا مسلم بن عقيل.
الاشارة الثانية: ان الامام الحسين (عليه السلام) عبر اني باعث لكم اخي ووصف الاخوّة في الحقيقة مقام ومنزلة رفيعة مثل الامام الحسين (عليه السلام) يقول في حق بن عمه مسلم بن عقيل اخي اذا عرفنا ان الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله لما آخا بين المهاجرين والانصار ترك علي من دون ان يواخي احد من المهاجرين او الانصار فبكى قال يا رسول الله تركتني بلا اخ قال: يا علي ادخرتك لنفسي اما ترضى انت اخي في الدنيا والاخرة، في الحقيقة من خلال هذه الاشارة نعرف منزلة مسلم بن عقيل ومقامه بالنسبة للامام الحسين.
الاشارة الثالثة: في هذا الكتاب اذ عرفنا ان الحكيم يضع الشيء في موضعه والامام الحسين بلا شك حكيم وهو معصوم وهو من اهل البيت الذي اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فاختياره لمسلم لمجتمع الكوفة ويعلم الامام الحسين ان في مجتمع الكوفة آنذاك فيهم من اصحاب رسول الله كحبيب بن مظاهر وكمسلم بن عوسجة الاسدي وغيرهما، هذا يكشف عن ان شخصية مسلم شخصية جذابة تستطيع ان تستقطب هذه الوجوه وفعلاً الواقع العملي اثبت ذلك، في فترة وجيزة بايع مسلم على رواية الشيخ المفيد ثمانية عشر الف من اهل الكوفة وكتب كتاباً للامام الحسين اما بعد فان الرائد يدلب اهله وقد بايعني من اهل الكوفة كذا وكذا، في الحقيقة وارسل الكتاب الى الامام الحسين، فاذن من خلال هذا نعرف ان اختيار الامام لمسلم بن عقيل لهذه السفارة وتفضيله على غيره من بني هاشم يكشف عن المنزلة والمقام السامي لسيدنا مسلم بن عقيل.
النقطة الرابعة: في هذا الكتاب في الحقيقة التسليم الكامل لسيدنا مسلم بن عقيل، في الحقيقة التاريخ ينقل لنا ان مسلم لم يتلكأ وانما مضى في هذه المهمة الى ان وصل الى الكوفة من دون ان يتردد ومن دون أي شيء، وهذا ان دل على شيء انما يدل على التسليم، وتشير بعض النصوص التاريخية انه ودع الحسين وداع من لا يلتقي بعده وهذا يكشف عن انه كان عن علم بشهادته، قال: هذا الوداع والملتقى في الجنة، وهذا ليس بغريب على مسلم عمه امير المؤمنين علم المنايا والبلايا، اعطى حبيب بن مظاهر وميثم التمار والشهيد الهجري اترى يجود على اولئك ويظم على بن اخيه وهو يعلم انه اهل ومحل، فسلام على شهيدنا البطل باب الحوائج مسلم بن عقيل يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
نشكر لسماحة الشيخ باقر الصادقي مشاركته عبر حديثه الهاتفي المتقدم في الحلقة الثانية عشرة من برنامج "آل هاشم في طف كربلاء"، وايضاً نشكر لكم اعزائنا طيب الاصغاء لهذا البرنامج وحديثنا فيه عن سفير الحسين مسلم بن عقيل وما ادراك ما مسلم.

*******

نشكر لسماحة الشيخ باقر الصادقي مشاركته عبر حديثه الهاتفي المتقدم في الحلقة الثانية عشر من برنامج "آل هاشم في طف كربلاء" ونشكر لكم اعزاءنا إذاعة طهران طيب الاصغاء لهذا البرنامج وحديثنا فيه عن سفير الحسين مسلم ين عقيل وما ادراك ما مسلم؟
مسلم (عليه السلام) هو ابن عقيل بن أبي طالب، ذلك عقيل الذي قال أمير المؤمنين عليّ لرسول الله صلى الله عليه وآله فيه: إنك لتحب عقيلاً؟!
فقال: إي والله، إني لأحبه حبين، حباً له وحباً لحبّ أبي طالب له. وإن ولده (أي مسلم) لمقتول في محبة ولدك (أي الحسين)، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون. هكذا أنبأ رسول الله، ثم بكى صلى الله عليه وآله وقال: الى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي.
أما جده فأبو طالب، وما أدرانا من أبو طالب، حامي الرسالة والرسول، بمواقفه وخطبه وأشعاره (سلام الله عليه)، أما عم مسلم فهو علي أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وسيد الوصيين صلوات الله عليه وعلى أبنائه الائمة الميامين.
فمسلم بن عقيل سليل آل هاشم، ذلك البيت الاشم، بيت عبد المطلب شيبة الحمد. وأما اخوته فقد أنهاهم بعض المحققين الى ستة عشر أخاً وثماني خوات. شهد صفين مع عمه أمير المؤمنين، فكان على الميمنة مع الحسن والحسين عليهما السلام. وقد عده المؤرخون من فرسان المسلمين المعدودين، بعد أن اشترك في بعض الفتوحات الاسلامية.
وأما زوجته فهي السيدة المكرمة رقية بنت الامام علي (عليه السلام)، أبنة عمه، التي خلف منها عبد الله ومحمدا ً وأحمد وابراهيم وخديجة وقيل بعضهم من غيرها. وأما امه، فتسمى عليّة، أصلها من النبط بل من أشرافهم، من آل فرزندا سكان العراق القدماء.
ولد مسلم سنة اثنتين وعشرين من الهجرة النبوية الشريفة، فكان مدني النشأة، حجازي البيئة، تربى في دار عقيل في أول البقيع، وقد استنار بأنوار الامامة الزاهرة، واستمد معارفه من بحور الولاية الزاخرة، وشرب من رحيق المعارف الالهية، والحكم الربانية والعلوم القدسية، ويكفيه أنه صحب عمه باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله، وابني عمه الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة وريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله ووارثيه علماً وسخاءً وسؤدداً وهيبة.
فما ينتظر من مسلم بن عقيل الا أن يكون في ارقى درجات الصحبة والولاء، حتى أصبح سفير الحسين (عليه السلام) الى اهل الكوفة، معبراً عنه بأنه أخوه، وثقته من أهله، وأي شرف ذاك ناله مسلم!
وينشأ مسلم بن عقيل في بيت العز والشرف والكرامة والحنيفية المسلمة، فتنشأ فيه شمائل الكرم ومزايا الاخلاق وفضائل الاولياء. من الوفاء والنصيحة، والصبر والرضى، والبصيرة في الدين والصلابة في الحقّ، والعزم والمضيّ في طاعة الله، والشجاعة الغيورة، والشهامة الشامخة، حتى وصف بأنه كان مثل الاسد، وكان من قوته أن يأخذ الرجل بيده فيرمي به الى أعلى سطح الدار، وقد حير أعداءه يوم قاتلوه، إذ تقهقرت أمامه جحافلهم وهو وحده، فطلب لمواجهته مزيد عددٍ وعُدد، يقول فيه ذلك الذي طلب مخاطباً ابن زياد: أتظن أنك بعثتني الى بقالٍ من بقاقلة الكوفة، أو جرمقان من جرامقة الحيرة؟! ألم تعلم أنك بعثتني الى اسد ضرغام، وسيف حسام، في كف بطل همام، من آل خير الانام.
أجل، ومسلم ـ فضلاً عن ذلك ـ كان ذا سخاء كبير، وعلم وافر، وسلامة صدر، وإخلاص في العبادة والنية ووفاء وتضحية وإقدام، وفي الوقت ذاته كان مسلم مسلماً لأمر امامه الحسين (عليه السلام)، ومسلما ً لله تعالى في قضائه، حتى ذكر أنه رضوان الله تعالى عليه كان يقول وهو يقاتل ـ قبيل شهادته ـ:

هو الموت .. فاصنع ويك ما أنت صانع

فأنت بكأس الموت لا شك جارع

فصبراً لأمر الله جلّ جلالـه

فحكم قضاء الله في الخلق ذائع

وللحديث عن ثقة الحسين وسفيره مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) تتمة تأتيكم في الحلقة المقبلة من برنامج "آل هاشم في طف كربلاء" باذن الله، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة