البث المباشر

تلقي وصايا الرب/ حوار مع السيد محمد الشوكي حول ظهور الإمام وكثرة ذكره واليأس منه/ خاطبتني بلقب عمي العباس

الإثنين 11 مارس 2019 - 17:36 بتوقيت طهران

(الحلقة: 248)

موضوع البرنامج:
تلقي وصايا الرب
حوار مع السيد محمد الشوكي حول ظهور الإمام وكثرة ذكره واليأس منه
خاطبتني بلقب عمي العباس

يا غائب الآل الذي ظهرت به

آياتهم من غيبة المستكتم

ها أنت تظهر كل آن آيةً

فيها المني لفراسة المتوسّم

من لا تري عيناه نورك مشرقاً

عند الصباح وفي المساء المُظلم

من لا يراك بكل شيءٍ حاضراً

تلقي وصايا الرب لمتعلم

لم يدرك الفتح المبين ولم يزل

في غفلة عن ربك المتعظم

مولاي فأخلق من سناك بصيرتي

وأجمع شتاتي في هواك ولملم

*******

بسم الله وله الحمد والمجد اللطيف الخبير والصلاة والسلام علي سراجه المنير البشير النذير المصطفي محمد وآله الطاهرين.
أهلاً بكم في حلقة أخري من برنامج شمس خلف السحاب، إفتتحنا هذا اللقاء بمقطع آخر من القصيدة الغراء في معرفة إمام العصر (عجل الله فرجه الشريف) ولنا أحباءنا وقفة تحليلية لهذا المقطع تحت عنوان: تلقي وصايا الرب
- تليها إجابة لسماحة السيد محمد الشوكي عن سؤال بشأن ظهور الإمام وكثرة ذكره واليأس منه
- ثم ننقل لكم حكاية أخري من حكايات الفائزين برؤية الطلعة المهدوية من سيرة السيد حيدر الحلي رحمه الله عنوانها هو: خاطبتني بلقب عمي العباس

*******

إعتدنا منذ عدة حلقات علي الوقوف عند مقاطع قصيدة لأحد إدباء الولاء في معرفة امام العصر وآداب التمسك بولايته (عليه السلام)، عنوان وقفة هذا اللقاء هو:

تلقي وصايا الله

يشتمل هذا المقطع علي حقيقة عقائدية مهمة تعتبر من أهم ركائز معرفة إمام العصر (سلام الله عليه) وتتفرع عنها معرفة أهم أركان التمسك الحقيقي والصادق بولايته
هذا الحقيقة العقائدية هي التي يبينها الحديث الشريف المروي عن خاتم الأنبياء (صلي الله عليه وآله) وخاتم الأوصياء المهدي الموعود (عجل الله فرجه)، وهو الحديث الذي إستلهمنا منه عنوان هذا البرنامج أي شمس خلف السحاب.
فقد أجاب النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) عن سؤال صاحبه جابر الأنصاري (رضي الله عنه) عن كيفية إنتفاع الناس بالإمام المهدي في غيبته بعد أن حدثه رسول الله عنها، فأجاب (صلي الله عليه وآله) بأن ذلك الإنتفاع يتحقق كما ينتفع الناس بالشمس إذا غيبتها السحاب، والوصف نفسه ورد في رسالة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لأسحق بن يعقوب والمروية في عدة من مصادرنا المعتبرة.
ويفهم من هذا التشبيه النبوي أن وجود الإمام المهدي وقيامه بمهام الهداية والإمامة في غيبته ضروري لإستمرار الحياة المعنوية والمادية علي الأرض مثلما أن وجود الشمس ضروري لإستمرار الحياة المادية علي الأرض وإن كانت غائبة خلف السحاب.
ومن هذا المنطلق العقائدي ينطلق أديبنا الولائي في مقطع هذا الحلقة من قصيدته المهدوية الغراء، ليعرفنا بأن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) يقوم في غيبته وبأساليب تتناسب مع شروطها بأظهار مستمر وغير مباشر لآيات الدين الحق في عقائده الأصلية وإيصالها الي الناس لكي يهلك من هلك عن بينه ويحيي من حيي عن بينه، قال الأديب:

ها أنت تظهر في كل يوم آيةً

فيها المني لفراسة المتوسم

آيات توحيد يجلّي عدله

حزم النبوة في معاد مبرم

آيات صنع الله ينشر فضلها

كرم الولاية من سما المتكرم

آيات تدبير يخصّ بلطفها

عزم الأمامة أمةً لك تنتمي

آيات تنبيه لمغبون عسي

أن يستفيق فينضوي في الحوّم

آيات إمهال لملعون وما

غلبّ اللعين إرادة المتحلّم

من هنا يظهر أدب مهم من آداب التمسك الصادق والعميق بولاية إمام العصر (أرواحنا فداه)، وهو أن يسعي المؤمن للبحث في ما يدور حوله ليري هذه الآيات المحمدية التي يظهرها خليفة الله المهدي ويجتهد لتعلم المنهج الرباني منها في تدبير شؤون العباد والسير علي وفقها. يقول أديبنا الولاء:

من لا تري عيناه نورك مشرقاً

عند الصباح وفي المساء المظلم

من لا يراك بكل شيء حاضرا

تلقي وصايا الربِّ للمتعلم

لم يدرك الفتح المبين ولم يزل

في غفلة عن ربك المتعظّم

وللوصول الي هذه المرتبة السامية من التمسك العميق بولاية إمام العصر (عجل الله فرجه) ينبغي للمؤمن أن يتوسل الي الله جل جلاله بأمام زمانه (عليه السلام) لكي يرزقه البصيرة اللازمة لرؤية أنوار الآيات المهدوية رغم حجب عصر الغيبة.
هذا أولاً وثانياً أن يتحلي بكتمان أسرار هذه المعارف لأن كشفها من الأمور التي نها عنها أهل البيت (عليهم السلام) لأنها تؤدي الي الإضرار بجهود الإمام (أرواحنا فداه) في التمهيد لظهوره إذ أن كشفها يؤدي الي وصولها الي الأعداء وقيامهم بالتالي بأعداد المكائد المضادة لعرقلة الجهود المهدوية.
والذي يعين المؤمن علي إمتلاك تلك البصيرة وهذه الأمانة في حفظ الأسرار هو دوام التوجه الي إمام زمانه (أرواحنا فداه) ودوام ذكره وتعميق حبه والإنقطاع إليه يقول أديبنا الولائي:

مولاي فأخلق من سناك بصيرتي

وأجمع شتاني في هواك ولملم

أرني فديتك ما تري وبما تري

وإجعل زمامي في يديك كذا فمي

أطلق لساني في ثنائك ممسكاً

عن غيره ببسالة المتكتم

وإنشر علي وجدي ذؤابتك التي

سترت دموع الواجدين البهم

مولاي وإستر عن سواك تقلبي

في برد كفك من أوار تكتمي

*******

أما الآن ندعوكم للفقرة اللاحقة من البرنامج وفيها إجابات خبير البرنامج عن أسئلتكم بشأن القضية المهدوية.

ظهور الإمام وكثرة ذكره واليأس منه

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم معكم في برنامج شمس خلف السحاب والفقرة الخاصة بالاجابة عن اسئلتكم، على خط الهاتف معنا مشكوراً سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد سلام عليكم.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة السيد الاخ احمد زيد يسأل ضمن رسالة طويلة السؤال التالي يعني فيما يرتبط بالاحاديث الشريفة التي تذكر ان من علامات ظهور الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) كثرة ذكره، يقول هذه مجموعة من الاحاديث في المقابل هناك احاديث اخرى قرأتها في كتاب اثبات الهداة للحر العاملي (رضوان الله عليه) ان الامام المهدي (سلام الله عليه) يظهر بعد اليأس منه بل بعد ان يقول بعض الناس انه توفي (سلام الله عليه)، كيف نجمع بين كثرة ذكره واليأس منه؟ تفضلوا سماحة السيد.
السيد محمد الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين.
الحقيقة كما اشار الاخ حفظه الله واكرمه ان هناك بعض الروايات التي تتحدث عن ولع لدى الناس يصير بذكر الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه قبيل ظهوره كما انه في المقابل هناك روايات اخرى تدل على ان ظهوره صلوات الله وسلامه عليه لا يكون الا بعد أياس كما ورد في بعض الاخبار وفي بعض الاخبار حتى يقول الناس مات، هلك، في اي وادي سلك وما الى ذلك.
الجمع بين هاتين الطائفتين من الاخبار هو جمع مرحلي يعني هاتان الطائفتان من الاخبار لا تتحدثان عن مرحلة واحدة وعن زمن واحد ومقطع زمني واحد حتى يكون هناك تنافي بين هذه الروايات وهذه الروايات وانما تتحدث هذه الروايات، هاتان الطائفتان من الاخبار تتحدثان عن مرحلتين متمايزتين:
المرحلة الاولى: هي مرحلة الغيبة وقبل الظهور، قبل ظهور الامام صلوات الله وسلامه عليه.
والمرحلة الثانية: هي مرحلة الظهور وارهاصات الظهور، الطائفة الاولى التي تتحدث عن ان الامام (صلوات الله عليه) لا يظهر الا بعد أياس وحتى يقول الناس مات او هلك وفي اي وادي سلك هذه الروايات واشباهها تتحدث عن فترة الغيبة الكيرى وطول الغيبة الكبرى يعني هذه الغيبة ستطول بالناس وتطول وتطول كثيراً حتى يدب اليأس الى نفوس الكثيرين لا الى نفوس الكل، هناك بعض الناس المؤمنين الذي الله عزوجل اعطاهم بصيرة في الدين، هذا الصنف من الناس هؤلاء لا تزيدهم كثرة الغيبة الا اصراراً وتصميماً واعتقاداً بالامام صلوات الله عليه وانتظار ظهوره لكن طائفة من النس وربما طائفة كثيرة والاكثر سوف يتسرب الى نفوسها اليأس وربما يدب في عقولها نوع من التشكيك بقضية الامام صلوات الله وسلامه عليه وهذا هو احد اهداف الغيبة، اختبار الناس وتمحيص الناس، حتى يرجع من رجع ويثبت من ثبت فهذه الروايات التي تتحدث عن ان الناس يصلون الى حالة من اليأس او قريب من اليأس او يشوب انفسهم شيء من اليأس او ربما حتى التشكيك بقضية الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه وبظهوره هذه الروايات تتحدث عن مخاضات الغيبة الكبرى التي تشتد فيها الفتن والمحن والابتلاءات على الناس بحيث لا يرون فرجاً كما ورد في بعض الاخبار الشريفة واما الطائفة الثانية التي تتحدث عن ان ذكر الامام صلوات الله وسلامه عليه سوف يكون على الالسن وعلى الشفاه كما ورد في بعض الاخبار انهم يشربون حبه ولا يكون لهم ذكر غيره فهذه الروايات تتحدث عن ارهاصات الظهور وقرب الظهور وبعد تحقق العلامات الكبرى يعني مثلاً النداء السماوي او الخسف او غير ذلك من العلامات التي وردت، العلامات الكبرى الحتمية التي وردت في الروايات الشريفة، السفياني او اليماني او ما الى ذلك فبعد ان تطول الغيبة بالناس يصلون الى حالة من اليأس لكن بعد ان تظهر بوادر الفرج وتتحقق العلامات الكبرى هنا يعود الامل من جديد الى نفوس الناس ويتصاعد تدريجياً كلما اقترب الناس من الظهور وكلما تراكمت العلامات المتحققة الى ان تصل الى مرحلة قريبة جداً من الظهور بحيث الامام صلوات الله وسلامه عليه يظهر ذكره على السن الناس وحبه في نفوسهم فلا تجد حديثاً في المجالس الا عنه صلوات الله وسلامه عليه، اذن هاتان الطائفتان من الاخبار تشيران الى مرحلتين متمايزتين والله العالم.

*******

نتابع تقديم هذا اللقاء بنقل حكاية أخري من حكايات الفائزين برؤية الطلعة المهدوية الرشيدة. عنوانها هو:

خاطبتني بلقب عمي العباس

يرجع تأريخ حكاية هذه الحلقة الي القرن الهجري الثالث عشر، وترتبط بالأديب الولائي المبدع السيد حيدر الحلي صاحب الحوليات الحسينية المؤثرة والمدائح المهدوية البديعة.
وقد إلتزم السيد حيدر في عدة من قصائده الحسينية أن تكون مراثيه لسيد الشهداء (عليه السلام) مشتملة علي دعوة الآخذ بالثأر الحسيني الإمام المهدي (عجل الله فرجه) للظهور والأخذ بهذا الثأر المقدس.
ومن أشد قصائده تأثيراً في هذا المجال قصيدته العينية المشهورة التي يقول فيها مخاطباً إمام زمانه (عجل الله فرجه):

يا غيرة الله إهتفي

لحمية الدين المنيعة

ماذا يهيجك إن صبرت

لوقعة الطف الفظيعة

أتري تمر فجيعةٌ

بأمرّ من تلك الفجيعة

وإثر إنشاء السيد حيدر الحلي لهذه القصيدة فاز عمه بلقاء إمام العصر (عجل الله فرجه) في عالم الرؤيا الصادقة، وفي هذه الرؤيا قال الإمام المنتظر (أرواحنا فداه) لعم السيد حيدر الحلي:
قل للسيد حيدر: لا يكثر العتاب، فالأمر بيد الله جل جلاله.
وقد أراد (عجل الله فرجه) أن موعد ظهوره بيد الله عزوجل، ونقل عم السيد حيدر الحلي هذه الرسالة المهدوية الي المخاطب بها أي السيد حيدر، فشكره السيد علي إبلاغه الرسالة، لكنه أخفي ألماً إعتصر قلبه توجه به الي كربلاء المقدسة ليبث ما به الي مولاه سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) وجده أيضاً فهو سيدٌ من الذرية الحسينية.
ذهب السيد حيدر الي كربلاء وبعد أن ألقي رحله في منزل إستأجره فيها، توجه الي الروضة الحسينية المباركة - وكانت ليلة جمعة - وتقرب الي الله عزوجل بزيارة مولاه الحسين (عليه السلام) في هذه الليلة المباركة، ثم خاطبه باثاً همه الذي إعتصر قلبه، قال: يا مولاي، يا أبا عبدالله، لماذا خاطبني مولاي صاحب الزمان عن طريق عمي؟ ألم أكن أهلا لأن يأتيني مباشرة في الرؤيا الصادقة؟
إنني أتمني بكل وجودي أن أري طلعته فماذا الذي حرمني من ذلك؟
تفايضت عينا السيد حيدر بالدموع وهو يخاطب مولاه الحسين (عليه السلام) بهذا الكلمات التي صدرت منه بقلبٍ منكسرٍ والله عزوجل عند القلوب المنكسرة كما ورد في الأحاديث النبوية، ولذلك لم يطل الأمر، حتي جاءه فرج الله الذي جبر قلبه المنكسر.
عندما عاد السيد حيدر الي المنزل الذي إستأجره في كربلاء المقدسة، فتح الباب، فوجد عند رحله سيداً بهي الطلعة ينتظره وهو جالس بوقار عند رحل السيد. لم يفكر في كيفية دخول هذا السيد البهي منزلة والباب قد أقفله بنفسه، فقد شغله عن ذلك التأمل في بهاء هذه الطلعة الرشيدة وملأ فؤاده من نورها وظل مستغرقاً في هذا التأمل وهو يسمع هذا السيد الجليل يقول له: يا سيد حيدر، لقد جئتك في عالم اليقظة بدلاً من عالم الرؤيا فلم يكن تكليفي لعمك بنقل رسالتي إليك إلا لأنك خاطبتني بلقب )يا غيرة الله( وهو لقب عمي العباس فخاطبتك في الجواب عن طريق عمك!
ثم خرج هذا السيد البهي والسيد حيدر يتابع خطواته بقلب مبتهج وعيون مُفعمة بدموع الشوق وهو مسلوب الإرادة عن فعل أي شيء سوي النظر اليه عليه السلام.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة