البث المباشر

دولة اكتمال النور الالهي/حوار مع السيد محمد الشوكي حول حال غير المسلمين في الدولة المهدوية/تلك خدمة لنا

الإثنين 11 مارس 2019 - 17:01 بتوقيت طهران

(الحلقة : 242)

موضوع البرنامج:
دولة اكتمال النور الالهي
حوار مع السيد محمد الشوكي حول حال غير المسلمين في الدولة المهدوية
تلك خدمة لنا

 

في فجرك الثاني تطل بآية

للعالمين بها قيام النوّم

وتغير خيل الله في صبح الصفا

وتطهّر الأرضون من رجس عمي

فتصير فردوساً تفيض جنانها

من كل رزق بالزكي الأكرم

عن طلعة بيضاء تسفر ضاحكاً

فالارض تشرق بالضياء الأدوم

في الدولة البيضاء دوله فاطم

بشموسها موت المساء المظلم

فيها لأحمد غرة محمودة

عدل بلا ظلم يحل بأبكم

فيها لحيدر رجعةٌ يبدو بها

في حسنه المستور وجه مهيم

هي دولة لله يعبد جهرة

فيها بلا خوف ولا متهكمّ

لاشرك فيها ظاهراً أوما خفي

تزهو بتوحيد الصراط القيّم

*******

بسم الله وله الحمد والمجد لا معبود سواه وأسمي صلوات المصلين علي صفوته الطيبين محمد وآله الطاهرين.
في مطلع هذا اللقاء قرأنا لكم مقطعاً آخر من قصيدة لأحد أدباء الولاء فيه إشارات الي أهم خصائص الدولة المهدوية، لنا وقفة عندها تحت عنوان:
- دولة اكتمال النور الالهي
- تليها إجابة من سماحة السيد محمد الشوكي عن سؤال هو: حال غير المسلمين في الدولة المهدوية
- ثم حكاية أخري من حكايات الفائزين بالالطاف المهدوية عنوانها: تلك خدمة لنا

*******

منذ عدة حلقات نقدم لكم وقفات عند قصيدة لأحد أدباء الولاء تشتمل علي بلورة مهمة لخلاصة ما ذكرته النصوص الشريفة بشأن القضية المهدوية ونتوقف عند مقطع هذه الحلقة تحت العنوان التالي:

دولة إكتمال النور الالهي

إهتمت النصوص الشريفة - قرآناً وسنة - ببيان خصائص عصر ظهور المهدي الموعود (عجل الله فرجه) وما يحققه الله جل جلاله علي يديه وفي ظل دولة أهل البيت العالمية.
وقد تحدثنا في عدة حلقات من برنامج شمس عن خصائص هذه الدولة المباركة طبقاً لما أخبرت عنه النصوص الشريفة.
ونجد في الأبيات التي إفتتحنا بها هذا اللقاء خلاصة بليغة للخصائص العامة للدولة المهدوية مع تأكيد خاص علي دور النبي الأكرم وأهل بيته عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام في هذه الدولة وتحقيق ما يريده الله عزوجل للمجتمع البشري من مختلف أشكال الكمالات.
في الحلقة السابقة تقدمت الإشارة الي رجعة المؤمنين وإحياء الله تبارك وتعالي لطوائف منهم لكي يفوزوا بنصرة المهدي (عليه السلام) وبلوغ ما يرجونه من مراتب الكمال بذلك وهذا أمر اكدته كثير من الأحاديث الشريفة.
أما في هذه الأبيات ففيها إشارة الي رجعة قادة الخلائق وأمناء الرحمان في خلقه لكي يعينوا المؤمنين علي بلوغ ما يرجونه من مراتب الكمال.
في بداية هذه الأبيات يشير الأديب الولائي الي المرحلة الأولي من مراحل قيام الدولة المهدوية العادلة وهي المرحلة الجهادية التي تطهر فيها الأرض من جميع أشكال حاكمية الظلم والجور والشرك أي تزال حاكمية أئمة الكفر والضلال التي تمنع المجتمع البشري من الرقي والتكامل.
ومع زوال هذه الحاكمية تفتح الافاق لتحول الأرض الي جنة تخرج كنوزها وتنزل السماء بركاتها بأوفر ما شهده التأريخ الإنساني من الناحية الكمية وبأزكاها من الناحية الكيفية وهذا الأمر يصدق علي البركات والأرزاق المعنوية والمادية.
وقد بينت الأحاديث الشريفة هذه الخصوصية من خصائص عصر الدولة المهدوية بصورة مفصلة كما أن لها منطلقاً في القرآن الكريم حيث تصرح الآيات الكريمة بأن إيمان أهل القري وتقواهم سبب لظهور مختلف أنواع البركات الأرضية والسماوية، قال أديب الولاء:

وتغير خيل الله في صبح الصفا

وتطهر الأرضون من رجس عمي

فتصير فردوساً تفيض جنانها

من كل رزق بالزكي الأكرم

ثمة ملاحظة مهمة في الأحاديث الشريفة فيما يرتبط بتسمية الدولة الإلهية العالمية التي تقام بعد ظهور المهدي الموعود (عجل الله فرجه) فالأحاديث الشريفة تنسب هذه الدولة الي أهل بيت النبوة (عليهم السلام) جميعاً وتتحدث بصراحة عن رجعتهم وإحيائهم جميعاً فيها كما أشرنا.
وقد جمع المحدث الخبير الشيخ الحر العاملي الكثير من الأحاديث الشريفة الواردة في هذا المجال في كتابه (الإيقاظ من الهجعة في إثبات الرجعة) وقد أفتي المرجع الشهير آية الله السيد ابو الحسن الإصفهاني في جواب عن سؤال بثبوت رجعة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) إستناداً الي تواتر أحاديثها.
ورجعتهم (عليهم السلام) تكون مقرونة بنشرهم أنوار الهداية الإلهية والتربية الربانية بأكمل صورها فيصل المجتمع البشري الي أرقي مراتب الكمال العلمي والمادي والروحي والعبادي والأخلاقي حتي يصبح المؤمنون مظاهر لمحمد وعلي عليهما وآلهما السلام كما يقول العارف الرضوي الحاج محمد إسماعيل الدولابي (رضوان الله عليه).
ومما تقدم يتضح أن دولة أهل البيت المحمدي (عليهم السلام) تشهد أكمل صور الإنتفاع من بركاتهم الوجودية (عليهم السلام) التي جعلها الله وسيلة لإيصال بركاته الي الخلائق وهي البركات التي حال الطواغيت دون إنتفاع البشرية بالكثير من هذه البركات منذ قيام الدولة المحمدية والي اليوم.
وعلي ضوء هذه الحقيقة نفهم سر تسمية الأحاديث الشريفة هذه الدولة المباركة بأنها دولة الله عزوجل في مقابل دولة الشيطان، لأن فيها يتحقق التوحيد الخالص وتزول جميع مظاهر الشرك والجور.
وهذه الحقائق يلخصها أديبنا الولائي في أبيات هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب حيث يقول:

عن طلعة بيضاء تسفر ضاحكاً

فالأرض تشرق بالضياء الأدوم

في الدولة البيضاء دولة فاطم

بشموسها موت المساء المظلم

فيها لأحمد غرة محمودة

عدل بلا ظلم يحلّ بأبكم

فيها لحيدر رجعة يبدو بها

في حسنه المستور وجه مهيّم

هي دولة لله يعبد جهرة

فيها بلا خوف ولا متهكم

لا شرك فيها ظاهراً أو ما خفي

تزهو بتوحيد الصراط القيّم

*******

مع جزيل شكرنا لكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران علي طيب المتابعة ندعوكم للفقرة اللاحقة من البرنامج وإجابات عن أسئلتكم بشأن القضية المهدوية:

حال غير المسلمين في الدولة المهدوية

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احباءنا شكراً لكم على طيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب، معنا مشكوراً على خط الهاتف في هذه الفقرة سماحة السيد محمد الشوكي ليتفضل مشكوراً بالاجابة عن اسئلتكم للبرنامج، سماحة السيد سلام عليكم:
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة السيد الاخ اكرم الموحد من المانيا يعرض سؤالاً فيما يرتبط بطبيعة تعامل الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) مع اهل الكتاب بعد قيام دولة اهل البيت (عليهم السلام)، كيف يكون هذا التعامل؟ تفضلوا سماحة السيد.
السيد محمد الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين.
الحقيقة هذا من المواضيع المهمة انصافاً والتي يسأل عنها كثيراً وللمزيد اذا اراد الاخوة المزيد من التفاصيل فبأمكانهم مراجعة كتابنا "آخر الدول"، دراسة عالمية للامام المهدي هناك فصل يتحدث عن هذا الامر لكن على نحو الاجمال وعلى نحو الايجاز الروايات مختلفة في ذلك يعني لدينا طائفتان من الروايات، الطائفة الاولى تقول ان الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه سوف يتعامل مع اهل الكتاب بنفس السياق وبنفس التعامل الذي كان يتعامل به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع اهل الكتاب يعني يقرون على دينهم وعلى شعائرهم وعلى طقوسهم ويحق لهم ان يعيشوا في الدولة المهدوية المباركة، الدولة الاسلامية بشروط مذكورة في كتب الفقه، ان يدفعوا ضريبة مالية معينة في مقابل ما توفره لهم الدولة الاسلامية من خدمات، ان يحترموا النظام العام وماشابه ذلك من امور فقهية مفصلة في كتب الفقه فلدينا طائفة من الروايات، مجموعة من الروايات تصب في هذا المنحى وانه تعامل الامام المهدي عليه السلام مع اهل الكتاب سوف لن يختلف عن سنة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعامل النبي معهم.
هناك في الاتجاه الاخر ايضاً مجموعة روايات تتحدث انه لا، طبعاً هذا هو ليس مخالفة فلو قبلنا هذه الروايات ليس مخالفة لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن الامام المهدي (عليه السلام) انما يعمل بعهد من جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن لكل ظرف ولكل واقع حكم فمن مجموع الروايات نفهم ان لعصر الغيبة وقيام الدولة المهدوية المباركة هناك احكام ربما تخالف بعض الشيء بعض الاحكام التي كانت تراعي ظروفاً معينة، على اية حال لدينا في الاتجاه الاخر روايات تقول ان الامام المهدي (سلام الله عليه) سوف يعرض عليهم الاسلام فأن قبلوه فبها واصبحوا مسلمين وعليهم ما عليهم وان لن يقبلوا فلا يقبل منهم ذلك يعني لا يقبل منهم الا الاسلام ولايقرهم على حالهم السابق ويرجئ نظام الذمة، يسمى نظام الذمة في الاسلام اذن لدينا طائفتان من الروايات هما في ظاهرهما متنافيتان طبعاً لو استقر التعارض بينهما يعني لو قلنا ان التعارض بين الطائفتين مستقر يرجع الى كتاب الله تبارك وتعالى يعني يرجح من هذه الروايات ما يتفق مع كتاب الله وما من شك ان الطائفة الاولى هي الاوفق بكتاب الله تبارك وتعالى لكن قبل ان يصل الامر الى التعارض المستقر يمكن ان يقال ان القضية تخضع لمرحلية معينة يعني الامام (سلام الله عليه) في البداية سوف يتعامل معهم على اساسية التعامل السابق طبعاً مع المسالمين منهم لا الذين ينصبون له العداء ويشنون الحروب لا هؤلاء محاربون يعتبرون، لا الذين هم مسالمون سوف يسمح لهم بأن يبقوا في الدولة الاسلامية وعلى دينهم وفي مرحلة ثانية سوف يدخل الكثيرون منهم في الاسلام وتذوب هذه الفئة في الاسلام بعد ان ترى نور الاسلام وعدل الاسلام وعدل الامام المهدي وبعد ان ترى المسيح (سلام الله عليه) هو يقتدي بالامام المهدي (سلام الله عليه) فالذي اعتقد ان القضية يمكن ان يجمع بين هذه الروايات والجمع اولى من الطرح كما تعلمون لأن القضية خاضعة لمسألة مرحلية والله العالم.

*******

قد إخترنا لكم حكاية هذا اللقاء من كتاب عشاق الإمام المهدي (عليه السلام) ينقلها مؤلفه حجة الاسلام الشيخ أحمد القاضي الزاهدي عن العبد الصالح الحاج ابي الحسن الشريفي. عنوان حكاية هذه الحلقة هو:

تلك خدمة لنا

ترتبط حكاية هذه الحلقة بسائق شاحنة نقل بضائع توجه ذات يوم بشاحنته بعد أن حملّها بالبضائع من مدينة مشهد المقدسة لنقلها الي إحدي المدن الايرانية.
وفي الطريق واجه الرجل عاصفة ثلجية أدت الي إغلاق الطريق وإحداث عطب في شاحنته لم يستطع معالجته.
يقول هذا السائق واصفاً حاله في تلك الساعات: بسبب شدة البرد رأيت الموت بعيني وإنقطعت بي الأسباب فتوجهت الي الله قائلاً: يا ربي ما السبيل الي النجاة، إهدني يا الهي!
وإثر ذلك تذكرت كلمة سمعتها منذ سنين طويلة من خطيب كان يرتقي المنبر الحسيني في مجالس عزاء في منزلنا، لقد قال: أيها الناس! متي ما أحاطت بكم شدة ويأستم من كل سبيل للنجاة فتوسلوا بمولانا إمام الزمان (عليه السلام) لكي ينجيكم بمشيئة الله.
يقول الرجل: وجدت نفسي دون إنتخاب مني مندفعاً للتوسل بمولاي إمام الزمان. ثم نزلت من الشاحنة وسعيت لتشغيل ما كنتها ولكن دون جدوي فسيطر عليّ الغم والهم.
ويتابع هذا السائق نقل ما جري فقال: في تلك اللحظات وسوس لي الشيطان قائلاً: إنك تتوسل بمن لا وجود له.
أدركت أن هذه من وساوس الشيطان الذي جاء لسرقة إيماني في آخر عمري، فإزداد همي وغمي وطلبت من الله إما أن يسرع في قبض روحي - قبل أن يضلني إبليس اللعين - وإما أن ينجيني.
في تلك اللحظات عاهدت الله عزوجل بالتوبة عما كنت إرتكبه من المعاصي والتورع عن الإستخفاف بالصلاة التي كنت أتهاون في أدائها وأصليها قضاءً أحياناً وفي أواخر أوقاتها أحياناً أخري، عاهدت الله عزوجل أن ألتزم بأدائها في أول أوقاتها إن أنجاني من هذه المحنه.
وإثر ذلك شاهدت فجأةً شخصاً يتوجه نحوي وسط ركامات الثلوج سلّم علي وسألني: لماذا أنت حائر؟
فأخبرته بما جري لي وعطب شاحنتي فقال: أنا أصلح لك الشاحنة.
فأصعد وإجلس خلف مقودها ففعلت وبمجرد أن حركت مفتاح التشغيل إشتغلت الماكنة.
فقال لي: إذهب الآن، فقلت إن الجادة مغطاة بالثلوج ومغلقة وستتوقف الشاحنة مرة أخري.
فقال جازماً: تحرك فلن تعطب شاحنتك ولن تتوقف في الجادة مرة أخري!!
في تلك اللحظات سأل السائق منقذة عن السيارة التي جاء بها الي هذا المكان وعرض عليه مساعدته فقال: لا إحتاج الي مساعدة، أراد أن يقدم له مكافأة مالية علي إصلاحه السريع لشاحنته فأبي وقال: لا حاجة بي لنقودك.
فأثاره هذا الموقف وقال: لن أغادر المكان مالم أقدم لك خدمة. فأنا من السواق ذوي روح الفتوة ولا بد أن أجازيك علي ما قدمته لي!
وهنا إبتسم الرجل وقال: وما الفرق بين السائق الذي فيه روح الفتوة عن غيره؟
أجاب: من ليس فيه روح الفتوة يتجاهل من أحسن اليه لكن السائق الذي فيه روح الفتوة إذا أحسن إليه يبقي ضميره غير مرتاح حتي يجازي الإحسان بالإحسان. لا أقول أنني ذو روح فتوة ولكنني لست لئيماً فلن أذهب ولن يرتاح ضميري حتي أقدم لك خدمة جزاءً علي إنقاذك لي.
فأجاب الرجل بلطف: حسناً، إن أردت أن تخدمنا فآعمل بما عاهدت الله عليه ففي ذلك خدمة لنا!
فسأله السائق بتعجب: أي عهد تعني؟
قال: التوبة من المعاصي والإلتزام بالصلاة في أول أوقاتها!

*******

 

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة