البث المباشر

دلالة سورة القدر على وجود الامام المعصوم في كل عصر

الأحد 10 مارس 2019 - 14:48 بتوقيت طهران

الحلقة 125

السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله...
تحية مباركة طيبة نحييكم بها ونحن نلتقيكم أيها الأعزاء في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
كيف يمكن الإستدلال بسورة القدر على أن الأرض لا تخلو من إمام معصوم في كل عصر وإلى يوم القيامة؟
هذا هو مستمعينا الأفاضل هو سؤال لقاء اليوم من البرنامج، فلنتدبر معاً في هذه السورة المباركة سعياً للحصول على الإجابة.
أيها الأفاضل، نلاحظ أولاً أن سورة القدر المباركة تتحدث عن إنزال القرآن الكريم في ليلة القدر المباركة وتبين فضيلتها، مع التأكيد على ذكر حديثين مهمين فيها.
الأول تذكرة بصيغة الفعل الماضي وهو نزول القرآن "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ"؛ أما الحدث الثاني فهو الذي تذكره بصيغة الفعل المضارع الذي يفيد الإستمرارية وعدم الإنقطاع، وهو المذكور بقوله تبارك وتعالى "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ".
وهذه الملاحظة نجدها أيضاً في المورد الثاني الذي ذكر القرآن به ليلة القدر المباركة وقد جاء في مطلع سورة الدخان حيث يقول عزوجل:
"حم{۱} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{۲} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{۳} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{٤} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{٥} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{٦}"
إذن فالحدث المستمر في كل ليلة قدر هو تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر إلهي حيث يفرق فيها كل أمر حكيم.
وقد صرح النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – بأن ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، وعليه عمل المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم وإن اختلفوا في تحديد يومها بين ليلتي الثالث والعشرين والسابع والعشرين في شهر رمضان، وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: على من تتنزل الملائكة والروح في ليلة القدر في كل سنة بالأمر الإلهي وتفصيلاته التي بها يفرق كل أمر حكيم إلى ليلة القدر من السنة المقبلة؟
الإجابة نتلمسها معاً أيها الأفاضل في كتاب الله الكريم نفسه فأبقوا معنا.
أعزاءنا المستمعين، فنطلق في الحصول على جواب السؤال المتقدم من آيات سورة القدر وسورة الدخان نفسها؛ فهي تشتمل على التصريح بأن الملائكة والروح تتنزل من الله عزوجل بأمر أي من كل أمر حكيم يفرق في ليلة القدر؛ وعندما نرجع إلى القرآن الكريم نجده يصرح بأن الذين يهدون بأمر الله هم الذين جعلهم الله أئمة للناس، قال تبارك وتعالى في الآية ۷۳ من سورة الأنبياء:"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ"
وقال عز من قائل في الآية ۲٤ من سورة السجدة: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"
إذن فالملائكة والروح تتنزل بإذن ربهم ومما يفرق ويفضل من أمر هدايته لشؤون خلقه في كل ليلة قدر على من جعله الله – أي نصبه واختاره – إماماً للناس يهدي بأمره.
وما دامت ليلة القدر باقية في كل سنة إلى يوم القيامة، فلابد من وجود إمام منصوب من قبل الله عزوجل تتنزل عليه فيها الملائكة والروح بما يفرق من كل أمر إلهي حكيم في تدبير شؤون العباد.
وهذه الحقيقة القرآنية أكدتها كثير من الأحاديث الشريفة وحددت مصاديقها بكل وضوح نختار بعض نماذجها:
فمثلاً روي في الكافي مسنداً أن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال لأصحابه: "آمنوا بليلة القدر، إنها تكون لعلي بن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي".
وفيه عن أمير المؤمنين – عليه السلام – أنه قال لإبن عباس:
"إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون".
وفيه أيضاً عن الإمام السجاد زين العابدين – عليه السلام – ضمن حديث عن سورة القدر ذكر فيه فتنة الذين ارتدوا بإنكار بقاء ليلة القدر في كل عام ثم علل إنكارهم بقوله: "لأنهم إن قالوا: لم تذهب [ليلة القدر] فلابد أن يكون لله فيها أمر وإذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب بد".
أي لابد من وجود إمام معصوم يتنزل عليه الأمر الإلهي في ليلة القدر، وعن الإمام الباقر – عليه السلام – في حديث يبين سبل الإحتجاج في إثبات الإمامة واستمرارها على منكريها قال: "يا معشر الشيعة، خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا، فوالله إنها لحجة الله على الخلق بعد رسول الله – صلى الله عليه وآله – وإنها لسيدة دينكم ومبلغ علمنا.. يا معشر الشيعة خاصموا بـ "حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين" فإنه لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله".
وملخص ما تقدم هو أن تصريح القرآن الكريم في سورة القدر ومطلع سورة الدخان على تنزل الأمر الإلهي في ليلة القدر من كل عام دليل على وجود الإمام الهادي بأمر الله في كل زمان لكي يتلقى هذا الأمر الإلهي ويتولى الهداية للعباد به؛ وبهذه النتيجة ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة