البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 6 من سورة التحريم

الأربعاء 3 مايو 2023 - 10:43 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1023

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله كما هو أهله ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين.. حضرات المستمعين سلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركات.. تحية لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون إلى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنشرع فيها بإذنه تعالى تفسير سورة التحريم المباركة..

أيها الأكارم، تتحدث الآيات الأولى من سورة التحريم عن التصرف غير اللائق الذي قامت به بعض زوجات الرسول معه، والآيات التالية لها تخاطب المؤمنين وتأمرهم بحفظ أهلهم وتربيتهم حتى يقوهم نار جهنم، وبعد ذلك تتعرض الآيات لأمثلة سيئة وأخرى إيجابية من النساء وتقدم امرأتين كمثال على كل فئة.

فلنبدأ شرح الآيات على بركة الله بالإستماع إلى تلاوة الآيتين الأولى والثانية من سورة التحريم..

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{1} قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{2}

أيها الأحبة، ذكرت أسباب عدة في سبب نزول الآيتين والقدر المسلم هو أن الرسول كان له زوجات عدة وكانت تصرفاتهم النابعة عن الحسد والغيرة تضيق عليه أحياناً فيضطر إلى التنازل عن بعض حقوقه المشروعة لإرضائهن. مع أن هذه التحريمات كانت أمراً شخصياً إلا أن الرسول (ص) باعتباره أسوة للمجتمع فقد كان من المحتمل أن يعتبر بعضهم هذا الأمر حكماً شرعياً فيتبعونه، لهذا حذر الله رسوله لكي يفهم الناس أن تصرفات النبي هذه شخصية ولا يجب أن يتخذها الآخرون ملاكاً لأعمالهم.

ومن إشارات هاتين الآيتين أن لحن التأنيب لرسول الله الذي تتسم به بعض آيات القرآن هو أحد الدلائل على أن القرآن نزل من قبل الله تعالى، فلا أحد يؤنب نفسه في كتاب رسمي يكتبه بيده وهذه المعاتبات دليل على أن الوحي الإلهي لم يحرّف.

كما لا يجب أن ننسى الأهم والمهم، فرغم أن القَسَم مهم ولكن حفظ أحكام الدين أهم، لذا من يقسم بتحريم حلال على نفسه، عليه أن يحل قسمه بدفع الكفارة.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيتين الثالثة والرابعة من سورة التحريم المباركة..

وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ{3} إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ{4}

كلمة (صغت) أيها الكرام، من الصغو بمعنى الميل إلى الإنحراف، ويقال "إصغاء" للإستماع الذي يميل فيه المستمع إلى جهة المتكلم.

ومن تعاليم هاتين الآيتين المباركتين يمكن القول أولاً: يجب على المرأة أن تكون حافظة للسر حتى يستطيع زوجها أن يخبرها بأسراره.

ثانياً: لم تكن زوجات الرسول معصومات؛ لأن بعضهن لم يحافظن على سرّ الرسول الأعظم (ص).

ثالثاً: لا ينبغي إلقاء التهمة على الجميع إثر خطأ واحد.

رابعاً: إنحراف الروح والقلب أخطر من الإنحراف في العمل، ينحرف فكر الإنسان وقلبه أولاً وبعد ذلك يرتكب الذنب.

وخامساً: الإمدادات الإلهية شاملة لكل الجوانب الظاهرة والغيبية.

إخوة الإيمان، في هذه اللحظات، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الخامسة والسادسة من سورة التحريم المباركة..

عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً{5} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{6}

القنوت، أيها الأفاضل، هو الطاعة المصاحبة للخضوع. وكلمة "سائحات" من السياحة بمعنى المهاجرات الصائمات.

وتبين الآية الخامسة نوعاً ما إعجاز القرآن وفصاحته وبلاغته، وذلك لأن صفات من مثل الإيمان والتواضع يمكن لها أن تجتمع في شخص واحد لذا وردت هذه الصفات في الآية متتالية من دون إستخدام حرف عطف، ولكن الثيب والباكرة لا تجتمعان في شخص واحد، لذا جاء حرف الواو بين الصفتين.

وحول الآية السادسة فقد ورد في الروايات أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو السبيل لحفظ الأقرباء من نار جهنم.

وقد يكون المقصود من "وقودها الناس" في الآية هو الإشارة إلى تجسم أعمال الإنسان في يوم القيامة، إذ تصبح صفاته وأعماله السيئة في الدنيا، ناراً في الآخرة.

ومما نستلهمه من هاتين الآيتين أولاً: عليكم بكسر الغرور الكاذب للأشخاص ومواجهة الظنون الباطلة.

ثانياً: لا يكفي الإتصاف بالإيمان، بل يجب المحافظة عليه من الضرر والأخطار.

ثالثاً: الخطوة الأولى في الإصلاح هي إصلاح النفس والمقربين ومن ثم إصلاح المجتمع.

ورابعاً: تقع على عاتق رب الأسرة مسؤولية التربية الدينية للأبناء.

بهذا، إخوتنا الأكارم، وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" قدمناه لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لحسن استماعكم وكرم متابعتكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة