البث المباشر

المراقبة والمحاسبة من عمل الصادقين

الأحد 17 فبراير 2019 - 10:46 بتوقيت طهران
المراقبة والمحاسبة من عمل الصادقين

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 357

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
روى المرحوم الصدوق وهو ابن بابويه في كتابه الخصال عن الامام الصادق(ع) انه قال لا خير في هذه الدنيا الا لرجلين يعني لا قيمة للدنيا رجل يزداد كل يوم احساناً ورجل يتدارك ذنوبه بالتوبة ثم عقب الامام قائلاً وانا له بالتوبة والله لو سجد حتى‌ ينقطع عنقه ما قبل الله منه ذلك الا بولايتنا، هذا اصل الحديث، طبعاً‌ المغزى في الحديث هو مراقبة النفس ومحاسبة النفس بحيث يزداد الانسان احساناً يزداد من الايجابيات يدقق فأول ما يراد من هذا الحديث التربوي للامام الصادق(ع) ان لا نغفل عن مراقبة تصرفاتنا لحظة واحدة، النبي(ص) يقول لابي ذر في حديث مطول، ان الانسان لا يمكن ان يجعل نفسه في مصاف المتقين الا بعد ان يحاسب نفسه كل يوم بدقة عن لباسه عن طعامه، فلينظر الانسان الى طعامه الى مسكنه الى ماله، الى كلماته الى لحظاته، الى كل تصرفاته وكل جزئية من جزئيات حياته، اذكر هنا بالمناسبة ايضاً حديثاً للامام الكاظم(ع) «ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم او ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم فأن عمل حسناً استزاد وان عمل سيئاً استغفر الله»، لهذا كان رسول الله(ص) «يطوف بالاسواق وينادي ايها الناس حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا» طلاب المرحوم السيد الطباطبائي اعلى الله مقامه صاحب تفسير الميزان ومعروف في شخصيته ومعروف في تقواه، الشهيد المطهري يصف العلامة الطباطبائي يقول لو كان للامام الرضا زائران لكان احدهما السيد الطباطبائي، من حيث يقيم زيارته وتأثره بالزيارة‌ وموقفه وكيفية اداءه للزيارة، المرحوم العلامة‌ الطباطبائي يذكرون تلاميذه وبالخصوص الموجودين الآن وينقلون عنه انه دائماً كان دؤوباً في وصيته لتلاميذه يوصيهم ان كل واحد منكم لما يتوسد الوسادة يومياً في الليل يتذكر ما عمله من الصباح الى ان نام فأن كان خيراً المفروض ان يستزيد ولا يكتفي واذا بالعكس فعليه ان يستغفر الله سبحانه وتعالى ويتوب كما هو في متن الحديث فبعض تلاميذ المرحوم الطباطبائي رحمه الله يقول ان السيد في اواخر حياته كان يصعب عليه الكلام ومع ذلك كان يركز على هاتين الحالتين محاسبة النفس والاستزادة من الخير اذن فالامام الصادق يقول «لا خير في هذه الدنيا الا لرجل رجل يزداد كل يوم احساناً، يقوم بعملية محاسبة والمفروض يوم بعد يوم يزداد احساناً»، هذه قضية الاحسان ورد الحديث عنها في القرآن ان الله يأمر بالعدل والاحسان، اسماء الله سبحانه وتعالى يا محسن او يا قديم الاحسان وصفات الله عين ذاته او مثلاً نقرأ ان الله يحب او في مجال لا يحب، لا يحب كل مختال، لا يحب كل خوان، لا يحب المتكبرين، اما الذين يحبهم، يحب التوابين، يحب المتطهرين، يحب الذين يقاتلون في سبيله ومن جملة هؤلاء يحب المحسنين، الاحسان هو من اجمل ما يتجمل به الانسان في صدر الكمالات:

احسن الى الناس تستعبد قلوبهم

فطال ما استعبد الانسان احسان

الاحسان له دوافع مرة يكون الاحسان بأحسان، رجل صنع لي خيراً فأنا اصنع له خير ومرة احسان لتقية وخوف ومرة ارقى يكون الاحسان بحيث لا هذا ولا ذاك وانما كون الاحسان فعلاً جميلاً وهذا طبعاً من صفات الخالق كما نجد في دعاء‌ الحسين في يوم عرفة وهذا الدعاء‌ مدرسة وقاموس وهذا الدعاء‌ موسوعة من ارقى الموسوعات في بناء الانسان وفي تهذيب النفس، ترد هذه الجملة في دعاء‌ الحسين(ع) «الهي كيف يرجى سواك وانت ما قطعت عادة الاحسان وكيف يطلب من غيرك وانت ما بدلت عادة الامتنان»، اذن اجمل انواع احسان هو الاحسان الذي يفعله صاحبه اعتزازاً بطبيعة العمل بذات العمل لا للدوافع كون العمل هو فعل الخير، ابو الطيب المتنبي يقول:

ما صنعت الجميل الا لاني

قد رأيت الجميل شيئاً جميلاً

اصنع الخير ما استطعت فأن

الخير يصنعك ما استطاع جزيلاً

مرة يكون الاحسان بالمال ومرة يكون الاحسان بالجوارح، مساعدة معاونة، بالاحسان، بالكلمة الجميلة.

لا خيل عندك تهديها ولا مال

فليسعد النطق ان لم يسعد الحال

احياناً نحن نشاهد انساناً يعاني ضغطاً نفسياً، ربما يأتي شخص حتى لو يدفع له حتى لو يدفع له الملايين لا يرفع عنه الضغط لكن يدخل انسان آخر ولكن يخاطبه بكلمة واحدة يبدد كل آلامه، الامام الحسن(ع) وقف عليه سائل وكان الامام قريب من المقبرة فطلب من الامام الحسن قال له اني لا اجد عندي شيئاً ولكن ادلك على مكان، التفت الامام الى السائل وقال انظر الى ذلك القبر، نظر واذا قبر ورجل جالس عند القبر يكفكف بدموعه ومنفعل يبكي فقال له الامام الحسن(ع) ان هذا الرجل جالس على قبر ابنته شابة ماتت قبل ايام اذهب وقف عند رأسه وقل له الحمد لله الذي سترها بجلوسك عند قبرها ولم يفضحها بجلوسها عند قبرك حفظ الاعرابي هذه الكلمة وجاء الى الرجل فخاطبه قائلاً الحمد لله الذي سترها بجلوسك عند قبرها ولم يفضحها بجلوسها عند قبرك الرجل سمع الكلمة انقلب رأساً على عقب معناها ثري وجميل فقال له يا اخ العرب لمن هذا الكلام فأشار الى الامام الحسن من بعيد فنهض الرجل واعطاه صرتين من المال وقال هذه لك وهذه كرامة لمن علمك هذه الكلمة والله لقد اذهبت كل احزاني هذا الاحسان بالنطق فالامام الصادق(ع) يقول الدنيا لا تستحق الا لرجلين يزداد كل يوم احساناً‌ ورجل يتدارك ذنوبه بالتوبة ‌وانى له بالتوبة فلا تقبل منه الا بولاية اهل البيت.
اللهم لا تخرجنا من الدنيا الا بولايتهم ومحبتهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة