البث المباشر

شاعر اهل البيت(ع) ابو تمام الطائي (حبيب ابن اوس الطائي)

الإثنين 11 فبراير 2019 - 11:40 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 204

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن ركب الصادقين في ولاءهم لاهل البيت الشاعر البطل ابوتمام الطائي وكنيته ابو تمام واسمه حبيب ابن اوس الطائي الحوراني رحمة الله عليه هو من مواليد عام 190 هـ وتوفي بالموصل عام 232 هـ يعني عن عمر يناهز الاثنين والاربعين عاماً، يقول ابن خلكان رأيت قبره بالموصل خارج باب الميدان وعليه قبة معمورة ويتردد على‌ قبره الناس، ابوتمام هو من قبيلة طي المشهورة وكان ابوتمام فصيحاً‌ عالماً عذب الكلام والسيرة ويصف بالظرف وحسن الاخلاق وكرم النفس وجاء في الاخبار انه كان كثير الفكاهة وقد عده النجاشي في رجاله ووصفه بأنه شاعر امامي الهوى وله شعر غزير في اهل البيت وقال عنه الشريف المرتضى اعلى الله مقامه في كتابه الشهاب في الشيب والشباب حينما ذكره مع البحتري وقال عنهما:

وللفحلين المبرزين الطائيين

ابو تمام والبحتري

ووصفهما بالفحلين، وقال عنه السيد الامين في موسوعته اعيان الشيعة قال: وقد وصلتنا اخباره وقرأنا في اشعاره فرأيناه عالي الهمة، حسن الاخلاق طيب المعاشرة، كريم الطبع، حاد الذهن، حاضر الجواب، سريع البديهة مولعاً‌ بالافتخار بقومه وعشيرته، وهو القائل: 

انا الذين استرضع الجود فيهم

وسمي فيهم وهو كهل ويافع

مضوا وكأن المكرومات لديهم

لكثرة ما اوصوا لديهم شرائع

كان ابوتمام اعجوبة من عجائب الزمن خصوصاً‌ في حافظته فكان يحفظ عن غيب اربعة عشر الف ارجوزة من اراجيز العرب اضافةً الى القصائد والمقاطع وكتبوا عنه انه حفظ اربعة آلاف ديوان من الشعر ووجدت في بعض الكتب ان ابا تمام وقف على وراق "صاحب مكتبة" فوقعت عينه على كتاب من بين الكتب فساوم صاحب الدكان على سعر الكتاب فلم يتفقا وبقي ابو تمام يتصفح الكتاب طويلاً ثم تركه وسار فناداه الوراق وقال له خذه بالسعر الذي اردته فقال ابو تمام مبتسماً بعد هذا لاحاجة لي به فأصر الوراق بسعر اقل فهنا ضحك ابوتمام وقال للوراق اضبط كتابك بيدك فأخذ يقرأ ما فيه على حافظته، فأنبهر الوراق وهو يقول: ‌الله اكبر ما هذه الحافظة، هنا نمر مروراً خاطفاً على نماذج من شعره ومن منوعات نظمه فنقرأ له مثلاً في الحكمة والموعظة يقول: 

أتأمل في الدنيا تجد وتعمر

وانت غداً فيها تموت وتقبر

ورزقك لا يعدوك اما معجل

على حاله يوماً‌ واما مؤخر

فلا تأمن الدنيا وان هي

اقبلت عليك فما زالت تخون وتغدر

واخلص لدين الله صدراً ونية

فأن الذي تخفيه يوماً سيظهر

تذكر وفكر في الذي انت صائر

اليه غداً ان كنت ممن يفكر

فلابد يوماً ان تصير لحفرة

بأثناءها تطوى الى يوم تنشر

اما شعره في آل البيت فهو متنوع ولذيذ وقد اورد ابن شهرآشوب في مناقبه قصيدة له يذكر فيها الائمة الاثني عشر(ع) والظاهر انه ذكره فيها ما بعد الامام الجواد وهذه لفتة لانه لم يدرك ايامهم وهو عاش ايام الامام الجواد(ع) الا ان هذه لفتة مهمة تدل على عقيدته بأهل البيت ومحبته لهم فالقصيدة جميلة وطويلة يقول فيها:

ربي الله والامين نبيي

صفوة الله والوصي امامي

ثم سبطا محمد ثالثاه

وعلي وباقر العلم حامي

والتقي الزكي جعفر الطيب

مأوى الفقير والمعتا

ثم موسى ثم الرضا علم الفضل

الذي طال سائر الاعلام

والمصفى ‌محمد بن علي والمعرى

من كل سوء وذام

والزكي الامام مع نجله القائم

مولى الانام نور الظلام

هؤلاء الاولى اقام بهم حجته

ذو الجلال والاكرام

وقرأت لابي تمام قصيدة جميلة في الامام امير المؤمنين(ع) تربو على الثمانين بيتاً ويقول فيها واصفاً ‌الامامة بأبي هو وامي يقول:

وشد به ازر النبي محمد

كما شد من موسى بهارونه الازر

يشير بها الى قول رسول الله(ص) وهو حديث المنزلة «انت مني بمنزلة هرون من موسى» فهو يشير الى هذا المعنى‌ ابوتمام:

هو السيف سيف الله في كل مشهد

وسيف رسول لاودان ولا اثر

كما للمنايا الحمر حتى تكشفت

واسيافه حمر وارماحه حمر

وفي هذه القصيدة اشار ابوتمام الى ‌يوم الغدير والى هذه المناسبة الكبرى ولذلك المرحوم الاميني(رض) اعتبر ابا تمام من شعراء الغدير انطلاقاً من هذه المقطوعة التي وردت في هذه القصيدة الرائية يقول واصبحت هذه القصيدة واضحة وقضية الغدير ايضاً ‌واضحة اوضح من الشمس في رابعة النهار، التاريخ الاسلامي فيه حوادث لامعة ومن المع هذه الحوادث قضية يوم الغدير، يقول ابو تمام:

ويوم الغدير استوضح الحق اهله

بفيحاء ما فيها حجاب ولا ستر

اقام رسول الله يدعوهم بها

ليقربهم عرف وينهاهموا نكر

يمد بضبعيه ويعلم انه ولي

ومولاكم فهل لكموا خبر

الائمة احتفلوا او بعض الائمة التي سنحت لهم الظروف احتفلوا بمناسبة يوم الغدير والامام الهادي(ع) طوال سنتين او ثلاث كان يقيم احتفالاً حسب الظرف ربما من خمسة نفرات او عشر نفرات وكان الامام يحضر فيه خطيباً او اديباً يتحدث بالمناسبة فمن هذه المناسبات التي اقامها الامام الهادي(ع) يوم الغدير امر شاعراً ان يقرأ ابيات ابي تمام وهذه المقطوعة فأخذ الشاعر يقرأ شعر ابي تمام: 

ويوم الغدير استوضح الحق اهله

والامام(ع) يبكي

طبعاً بكاءه نابع من تأثر لنسيان الامة لهذه الواقعة او نكران البعض منها، نسأل الله الرحمة والرضوان لشاعر اهل البيت ابي تمام وان يزيد في علو درجاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة