البث المباشر

تفسير موجز للآيات 82 الى 85 من سورة غافر

السبت 19 نوفمبر 2022 - 16:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 885

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أحبتنا المستمعين الأكارم سلام عليكم وأهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء من برنامجكم (نهج الحياة) حيث سنتناول فيه ما تبقى من آيات سورة غافر المباركة فلنبدأ على بركة الله بالاستماع الى تلاوة الآية الثانية والثمانين منها:

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ{82}

إخوتنا الأفاضل، تشير هذه الآية المباركة الى أن السياحة التي تكون لغاية وهدف أمر مرغوب فيه وممدوح، ومما ذمه القرآن الكريم عدم الهجرة في الأرض لأجل اكتساب التجارب والمعارف لقوله تعالى (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا..)

تعلمنا هذه الآية أيها الأكارم:

أولاً: كافة النعم في الرؤية الكونية الإلهية مقدمة للمعرفة والعبودية لله تعالى.

ثانياً: الإنسان غير الشكور هو الذي يتنعم بنعم الله وينكر صاحب النعمة.

ثالثا: من أسباب سقوط وانهيار الحضارات هو رفضها دعوة الأنبياء والتخلي عن التعاليم الإلهية.

ورابعاً: كل ما نملكه لا يغني شيئاً بل هو هباء أمام العذاب الإلهي.

والآن إخوتنا المؤمنين الأفاضل.. نستمع معاً الى تلاوة الآية الثالثة والثمانين من سورة غافر المباركة:

فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون{83}

تشير هذه الآية، عزيزي المستمع، الى أن على مر التاريخ وجد من الناس من كان يظن في نفسه الاستغناء عن الوحي وعن النبوات نظراً إلى ما يملكه من علم كان سبباً في حضارته وامتلاكه للثروات، أو بسبب ما كان عليه من عقيدة أسلافه. فالإنسان بمجرد أن يتعلم بضع كلمات أو ينال شهادة ما يصاب بالغرور.

فالعلم المحدود يجعل الإنسان في معرض الغرور، فيضل ويبيع دينه، وفي هذه الآية يذكر الله تعالى أن العلم المحدود يمنع من قبول الحق.

أما ما تعلمنا هذه الآية هي أولاً: بعثة الأنبياء لإتمام الحجة سنة من السنن الإلهية.

ثانياً: الأنبياء كانوا يذهبون الى الناس لقوله تعالى (جآءتهم رسلهم) وثالثاً: الغرور العلمي يمنع من القبول بالحق.

أما الآن، إخوة الإيمان، نستمع وإياكم الى تلاوة الآيتين الآخرتين من سورة غافر المباركة وهي الآيتين الرابعة والثمانين والخامسة والثمانين:

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ{84} فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ{85}

أيها الأحبة، تشير هاتان الآيتان الكريمتان الى أنه لا يؤمن بعض الناس حتى يروا العذاب الإلهي كما أنه لا أساس للشرك يقوم عليه، والمشركون سوف يكفرون بشركهم لقوله تعالى (وكفرنا بما كنا به مشركين) ففي حالات الشدة والاضطرار تبرز فطرة الإنسان ويسرع الكفار إلى الإيمان؛ ولكن إيمانهم هذا لا ينفعهم لأنه بعد البأس، فلابد أن يكون الإيمان عن اختيار لا عن اضطرار وبأس.

تعلمنا هاتان الآيتان:

أولاً: نقل مصير الأمم الكافرة ينفع لاعتبار الأمم اللاحقة.

ثانياً: العقاب الإلهي والثواب يسير وفقاً للقانون.

ثالثاً: من السنن الإلهية أن لا فائدة من الإيمان الاضطراري، وسنة الله تجري على كافة الأفراد والمجتمعات.

رابعاً: في لحظة الموت يستبين للإنسان خسرانه لقوله عزمن قائل (وخسر هنالك...)

وخامساً: الإيمان الاضطراري الذي لا يبقى معه مجال لدى الإنسان للعمل هو الخسران.

أحبتنا الكرام، مع نهاية تفسير آخر آيات سورة غافر المباركة وصلنا واياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) فحتى الملتقى في الحلقة القادمة، حيث سنشرع فيها تفسير سورة فصلت المباركة، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة