البث المباشر

تفسير موجز للآيات 48 الى 52 من سورة غافر

السبت 19 نوفمبر 2022 - 16:32 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 878

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. أحبتنا المستمعين الأكارم تحية طيبة وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة حيث سنواصل فيها مما تيسر تفسير آيات أخرى من سورة غافر المباركة فلنستمع بداية الى تلاوة الآيات الثامنة والأربعين حتى الخمسين:

قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ{48} وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ{49} قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ{50}

أيها الأفاضل، قلنا في الحلقة السابقة بأن زعماء الكفر والشرك وأتباعهم، سوف يتجادلون ويتحاجون فيما بينهم في جهنم، فيقول أتباعهم بأن زعماءهم هم من تسببوا بدخولهم النار فيطلبوا منهم بأن ينجوهم من عذاب النار.

تبين هذه الآيات بأن زعماء الكفر والشرك بما أنه ليس لديهم أي إجابة لطلب أتباعهم فيقولوا لهم: نحن لدينا مصير واحد وسنعذب بعذاب نار جهنم لأن الله يحكم بين عباده وعلى أساس حكمه نحن جميعاً نكون هنا في جهنم، ولو كانت لدينا حيلة لتخلصنا من هنا قبل أن نخلصكم، لكن ليس بيدنا أية حيلة.

إخوتنا الأكارم، عندما يأس الأتباع من زعماء الكفر، توجهوا الى حراس جهنم من الملائكة وطلبوا منهم بأن يخففوا العذاب ولو يوماً واحداً لكي يرتاحوا قليلاً.

ولكن تقول ملائكة جهنم لهم: لماذا لم تتبعوا الأنبياء في الدنيا ألم يأتوكم بالبينات الواضحات ويتموا عليكم الحجة؟ فيقر أهل جهنم ويقولوا بلى قد جاءتنا الرسل وسمعنا ما قالوا، لكن ما قبلنا كلامهم وكفرنا بهم.

فتقول الملائكة لهم: إذاً هو من عندكم فإن يكن هكذا، فلن ينفعكم اليوم إقراركم هذا ولن تنفعكم الندامة ولهذا كلما سألتم الله فلن يجيبكم ولن يخفف عنكم العذاب.

تعلمنا هذه الآيات أيها الأفاضل؛ أولاً: الذين كانوا قد أصيبوا بالكبر والغرور في الحياة الدنيا ولن يخضعوا أمام الحق، سوف يصابوا بالذل والحقارة يوم القيامة ولا خلاص لهم حينذاك.

ثانياً: الحكم العادل بين الناس هو الله، فلا ينبغي أن نحكم على الناس من عند أنفسنا.

ثالثاً: سوف لا ينتهي عذاب جهنم ولا يخفف؛ فلنستغل فرصتنا في الحياة الدنيا ونستغفر ونتوب الى الله لكي نتخلص من ذلك العذاب الأبدي.

رابعاً: سوف يكون عذاب المسيئين والكفار الى درجة بحيث يلجأون الى ملائكة جهنم للتخلص منه أو التخفيف لكن دون جدوى.

وخامساً: هذه هي السنة الإلهية حيث لن يكون هنالك عقاب لو لم تتم الحجة على الناس.

والآن، مستمعينا الكرام، نستمع وإياكم الى تلاوة الآيتين الحادية والخمسين والثانية والخمسين من سورة غافر:

إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ{51} يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ{52}

أيها الأفاضل، كان التابعون لأئمة الكفر، يظن بأن زعماء الكفر وذوا القوة قادرون على مساعدتهم في حال احتياجهم لهم، لكن في يوم القيامة لا يمكن لهم أية مساعدة لهؤلاء، وعلى خلاف الظالمين والكافرين، فإن الأنبياء والصالحين سيتمتعون برحمة الله الواسعة ومساعدته يوم القيامة، كما تقول هذه الآيات صراحة: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد؛ فهنا يعلن الله تعالى حمايته للأنبياء والمؤمنين في الدنيا والآخرة.

فيمد الله المؤمنين بتقوية أنفسهم بإمداده الغيبي وسيرعب قلوب أعدائهم، كما ويبطل مؤامرات أعدائهم وينصر المؤمنين الصادقين على مخالفيهم.

أما القيامة، عزيزي المستمع، فسيكون للكافرين يوم فضيحتهم وشقائهم، حيث يجتمع الجميع ويشهد عليهم الأشهاد في ذلك المشهد العظيم، فسيكون مكوثهم في قعر جهنم وسيعذبون أشد العذاب.

فهذه، إخوتنا الأفاضل، هي طريقة القرآن حيث ينقل تاريخ الأنبياء الماضين، ويبين نماذج حقيقية عن نصرة الله لهم في مواجتهم المستكبرين والظالمين، ففي هذه لعبرة للمؤمنين في كل زمان ومكان ليعتبروا ويتعلموا كيفية مواجهة المستكبرين والظالمين.

تعلمنا هاتان الآيتان:

أولاً: من السنن الإلهية القطعية هي نصرته الأنبياء والمؤمنين وانتصار الحق على الباطل، شريطة أن يكون المؤمن مستقيم وصبور.

ثانياً: آثار وفوائد الإيمان تشمل الدنيا وليس فقط الآخرة.

ثالثاً: وعد الله حول نصرة المؤمنين، هي لتقوية نفوسهم وتشجيعهم ولبعث الأمل فيهم أمام أعدائهم.

إخوة الإيمان، بهذا وصلنا وإياكم الى ختام حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر نستودعكم الله ونسألكم الدعاء.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة