البث المباشر

تفسير موجز للآيات 38 الى 42 من سورة غافر

الأحد 3 يوليو 2022 - 17:50 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 876

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الخلق أجمعين حبيب الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أحبة المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته..

تحية طيبة لكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) حيث سنتناول فيها تفسير آيات الثامنة والثلاثين حتى الثانية والأربعين من سورة غافر المباركة فلنستمع على بركة الله تلاوة آيات الثامنة والثلاثين حتى الأربعين منها:

وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ{38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ{39} مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ{40}

أيها الأكارم.. قلنا في حلقات سابقة بأن فرعون أراد قتل موسى (ع) والتخلص منه، كما ادعى. لكن مؤمن آل فرعون الذي كان قد كتم إيمانه بداية، كلّم فرعون وملأه ليصرف فرعون عن قتل موسى، ونتيجة كلامه هذا مع فرعون أن قد أجل فرعون قتل موسى وقد أمر وزيره ليبني صرحاً ليفضح موسى (ع) بصعوده على هذا الصرح وأن يرى ويري الناس بأن هل هنالك إله في السموات كما يدعي موسى (ع).

من الواضح أن موسى (ع) لم يدعي هذا الإدعاء وأن فرعون بهذا الفعل أراد أن يخدع عوام الناس، فلذلك هنا وفي هذه المرحلة وجه مؤمن آل فرعون كلامه الى الناس لتوعيتهم وللحيلولة دون انخداعهم من كلام فرعون وظواهر أعماله.

فقد قال مؤمن آل فرعون للناس: هذا هو السبيل الذي عرفتكم إياه. فهو يشير الى نقطتين مهمتين في كلامه: الأولى هي أن حياة الإنسان لا تتلخص في هذه الدنيا، فحياة هذه الدنيا هي متاع فانية وستمر هذه الأيام من العمر سريع جداً وجميعنا سوف نواجه الموت وسوف ننتقل الى عالم آخر حيث مقامنا الأبدي.

والثانية أن الذي سوف ينفعنا في ذلك العالم هي أعمالنا الصالحة التي فعلناها في هذه الدنيا لأن ذلك العالم هو دار الجزاء والعقاب وهذه الدنيا دار الفعل والعمل وستوفى كل نفس بما كسبت في هذه الدنيا من ثواب وجزاء ومن المؤكد أن لا فرق بين الأنثى والذكر وسيُتعامل بمساواة عند الله.

تعلمنا هذه الآيات أولاً: الإنسان المؤمن يفكر دائما في إرشاد وهداية الآخرين ولن يتخلى عن هذه المهمة أبداً. ثانياً: الدنيا فانية لكن القيامة ستقوم والآخرة ستكون دار القرار الأبدي، وينبغي على الإنسان أن يستغل هذه الفرصة في الحياة الدنيا ويجني فيها ما يفيده في الآخرة. ثالثاً: ليس هنالك أية علاقة بين نوع البشر، إن كانت إمرأة أو كان رجلاً، في تطوير الذات والوصول الى الكمال الإنساني. ورابعاً: لا ينفع الإيمان دون العمل كما أن الأعمال دون الإيمان تبقى في هذه الدنيا ولن تنفع في الآخرة، إذن لن ينجينا الإيمان والعمل بوحدهما.

مستمعينا الأفاضل.. والآن نستمع الى تلاوة الآيتين الحادية والأربعين والثانية والأربعين من سورة غافر:

وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ{41} تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ{42}

تبين لنا هاتين الآيتين بأن مؤمن آل فرعون لن يستمر في كتمان إيمانه وقد اضطر بإظهاره في موضوع إيمانه بالتوحيد ونفي الشرك بالله.

لذلك عندما أوصوه قومه بأن يكف عن كلامه، قال صراحة: أنتم ابتليتم بالشرك و فرعون الذي ليس له أي دور في هذا العالم تعتبرونه إلهاً من دون الله الذي تدبير أموركم بيده. تظنون بأن فرعون يستطيع أن يفعل بكم ما يشاء ويجب عليكم أن تتبعونه، أنتم جعلتم شركاء لله ما دون دليل ولا منطق وقد تقبلتم هذه العقائد فقط على أسس الحدس والظن.

أنتم تدعوني بأن أكفر بالله الواحد وأجعل له شركاء ما ليس لي بهم علم، أنتم تريدون مني أن أتقبل عقائدكم الباطلة، في حين أنا أعلم بأن هذه الأفكار والأعمال التي هي على أساس الشرك بالله لا تنتهي إلا الى نار جهنم وبئس المصير.

تعلمنا هاتين الآيتين أولاً: في دعوة الناس وإرشادهم لا ينبغي أن نخاف من أن نكون بوحدنا بل ينبغي أن نوضح الحق بالدليل والمنطق، ولا يمكن أن يؤثر الناس ولو كانوا كثيرين على الإنسان المؤمن تأثيراً سلبياً. ثانياً: سعادة الإنسان ونجاته تتعلق بقبول التوحيد الإلهي والأعمال الصالحة والإعتقاد بوجود بشريك مع الله في إدارة أمور العالم سوف توصل الإنسان الى الإنحراف والهلاك.

ثالثاً: ليس للشرك أي أساس عقلي ومنطقي، فهو معتقد زائف ينبثق تارة من منطلق الجهل، وتارة أخرى من منطلق أهواء الإنسان النفسية. ورابعاً: رغم أن الله عزيز ومقتدر، ولكن رحمته وعفوه يشمل كل عباده.

إخوة الإيمان.. بهذا وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر نستودعكم الرحمن الرحيم والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة