اكتسبت الجمال، بسبب قدرتها الفريدة، العديد من الألقاب، حيث أطلق عليها اسم "سفينة الصحراء"، لاستخدام العرب لها قديما كوسيلة نقل أثناء عملهم التجاري على طول خط الحرير وصولا إلى شبه الجزيرة العربية.
وأطلق العرب على الجمال الكثير من الألقاب التي ترتبط بأساليب شربها للمياه، مثل "الغب" وهي الإبل التي تشرب الماء كل يومين. و"الربع" وهي الإبل التي تشرب الماء كل 3 أيام. و"الظاهرة" وهي الإبل التي تشرب الماء مرة واحدة كل يوم. و"الرفة" وهي الإبل التي تشرب الماء في أي وقت. و"القصريد" وهي الإبل التي تشرب كمية قليلة من الماء، أما لقب "العرجاء"، فهو من نصيب الإبل التي تشرب الماء مرة صباحاً ومرة مساءً.
الإبل تمتلك حيلا بيولوجية فريدة
تمتلك الإبل مجموعة حيل بيولوجية فريدة تستخدمها للحفاظ عي حياتها في أوقات الجفاف وندرة المياه، منها فتحات أنوفها الكبيرة والمعقدة القادرة على منع تبخر المياه من أجسادها، بالإضافة إلى دمها المعدل الذي يمكنه تحمل الجفاف.
بالإضافة إلى ذلك، تستطيع الإبل ابتلاع مئات اللترات من المياه في غضون دقائق عندما يكون الماء متوفرا، ثم تمتصها ببطء لتجنب الصدمة التناضحية (الناتجة عن زيادة السوائل في الجسم)، وتستطيع أيضا التحكم بدرجات حرارة أجسامها وتتقلب بها من 31 إلى 41 درجة مئوية (87 إلى 105 درجة فهرنهايت) لتقليل التعرق.
وبحسب المقال المنشور في مجلة "sciencealert" العلمية، تحت عنوان (مكون سري وراء قدرة الإبل على عدم الشرب لأسابيع)، عندما ينخفض مستوى الماء لدى الإنسان، تقوم الكليتان بتغيير تموضع وعمل الأهرامات الكلوية للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الماء. يتم ترشيح الماء إلى أنابيب في منطقة تسمى القشرة، حيث يتدفق إلى أجزائها الداخلية. وتُضخ أيونات من الملح المذاب عبر الأغشية لإحداث خلل يجبر جزءًا من الماء على العودة إلى الدم، أما الباقي فيحمل الفضلات بعيدًا عن طريق البول.
لكن الإبل تستطيع الحفاظ على المياه في دمائها لدرجة كبيرة جدا، حيث تستطيع تركيز بولها بنسبة عالية، لا نستطيع نحن كبشر الوصول إليها.
كلى الجمال تقوم بمهمة رائعة
وقام فريق من الباحثين من جامعة "بريستول" بتنفيذ دراسة ضخمة لفحص الجينات في خلايا كلى الإبل العربية (Camelus dromedarius)، وقارن الفريق بين الإبل المصابة بالجفاف والإبل التي شربت مؤخرًا الماء.
وقال عالم فيزيولوجيا الحيوانات في جامعة بريستول، فرناندو ألفيرا إيرايزوز: "حددنا مئات الجينات والبروتينات التي تغيرت بشكل كبير في كل من قشرة الكلى وداخلها في الحيوانات المصابة بالجفاف مقارنة مع أقرانها غير المصابة".
وبحسب المقال، فإن العديد من الجينات التي غيرت من طبيعتها في الإبل المصابة بالجفاف تشارك في تثبيط مادة الكوليسترول الدهنية في خلايا الكلى.
وقام ألفيرا إيرايزوز وزملاؤه بقياس كمية الكوليسترول في أغشية بلازما الكلى لدى الإبل المصابة بالجفاف وقارنوها بالعينات الصحيحة (المضبوطة)، فوجدوا أن الإبل المصابة بالجفاف تحتوي بالفعل على نسبة أقل من الكوليسترول في أغشية الخلايا الكلوية هذه مقارنة بالأغشية الرطبة.
ونوه البحث، إلى أن هذا التعديل على ترميز الجينات ساهم بنقل أيونات الماء عبر أغشية خلايا الكلى بشكل أكبر لدى الإبل المصابة بالجفاف.
وتدعم هذه النتائج مجتمعة، بحسب الدراسة، حدس الفريق الذي تنبأ بأن "قمع الكوليسترول الناجم عن الجفاف يسمح للجمال بالتشبث بمزيد من الماء في الكلى".
وقال عالم الغدد الصماء من جامعة بريستول، بنيامين جيلارد، إن "انخفاض كمية الكوليسترول في غشاء خلايا الكلى من شأنه أن يسهل حركة المواد المذابة والماء عبر أقسام مختلفة من الكلى، وهي عملية مطلوبة لإعادة امتصاص الماء بكفاءة وإنتاج بول عالي التركيز، وبالتالي تجنب فقد الماء".
يعمل الباحثون الآن على تحليل مماثل لدماغ الجمل، ويخططون للنظر في الاستجابة الجينية لحالة الجفاف الشديد في الثدييات التي تعيش في المناطق القاحلة الأخرى، مثل القوارض التي يطلق عليها اسم الجربوع.