عندما تصل المركبة الفضائية المريخية التابعة لوكالة ناسا "بيرسفيرانس"، وهي عبارة عن معمل آلي للبيولوجيا الفلكية معبأ داخل كبسولة فضائية، إلى المرحلة الأخيرة من رحلتها التي استمرت سبعة أشهر من الأرض هذا الأسبوع، فمن المقرر أن تصدر تنبيها لاسلكيا أثناء توغلها في الغلاف الجوي الرقيق للمريخ.
وبحلول الوقت الذي تصل فيه هذه الإشارة إلى مديري المهام على بعد حوالي 127 مليون ميل في مختبر الدفع النفاث (JPL) بالقرب من لوس أنجلوس، ستكون مركبة "بيرسفيرانس" هبطت بالفعل على الكوكب الأحمر، ويأمل العلماء بأن تتمكن المركبة من الوصول إلى السطح سالمة وأن تكون قطعة واحدة، بعد هذه العملية الصعبة.
ومن المتوقع أن تستغرق المركبة ذات الست عجلات سبع دقائق لتهبط من أعلى الغلاف الجوي للمريخ إلى سطح الكوكب في وقت أقل من وقت الإرسال اللاسلكي إلى الأرض الذي يزيد عن 11 دقيقة. وبالتالي، من المقرر أن يحدث الهبوط النهائي للمركبة الفضائية يوم الخميس بالتوجيه الذاتي خلال فترة زمنية مفصلية يشير إليها مهندسو مختبر الدفع النفاث بمودة على أنها "سبع دقائق من الرعب".
ووصف آل تشين، رئيس فريق الإنزال والهبوط في مختبر الدفع النفاث، بأنه الجزء الأكثر حسما والأكثر خطورة من المهمة البالغة كلفتها 2.7 مليار دولار.
وقال تشين في إفادة صحفية حديثة: "النجاح غير مضمون. وهذا صحيح بشكل خاص عندما نحاول إنزال أكبر مركبة متجولة وأثقلها وأكثرها تعقيدا قمنا ببنائها في أخطر موقع حاولنا الهبوط فيه على الإطلاق".
وقد تمهد مركبة "بيرسفيرانس" الطريق للعلماء لإظهار ما إذا كانت الحياة موجودة خارج الأرض بشكل قاطع، كما تمهد الطريق لمهام بشرية في نهاية المطاف إلى الكوكب الرابع من الشمس. والهبوط الآمن، كما هو الحال دائما، يأتي أولا.
وسيتوقف النجاح على سلسلة معقدة من الأحداث التي تتكشف دون وجود عوائق، من تضخم المظلة العملاقة الأسرع من الصوت إلى نشر "رافعة سماء" تعمل بالطاقة النفاثة تنزل إلى نقطة هبوط آمنة وتحوم فوق السطح أثناء إنزال العربة الجوالة على السطح بالحبل.
وأشار تشين: "بيرسفيرانس يجب أن تفعل كل هذا بمفردها. لا يمكننا مساعدتها خلال هذه الفترة".
وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، سيتلقى فريق ناسا إشارة متابعة لاسلكية قبل الساعة الواحدة بعد الظهر بقليل، بتوقيت المحيط الهادئ، وهو ما سيؤكد أن بيرسفيرانس هبطت على تربة المريخ على حافة دلتا، نهر قديم ومختفٍ منذ فترة طويلة.
من هناك، ستبدأ المركبة التي تعمل بالبطاريات النووية، بحجم سيارة دفع رباعي صغيرة تقريبا، في الهدف الأساسي لمهمتها التي تستغرق عامين، إشراك مجموعة معقدة من الأدوات في البحث عن علامات الحياة الميكروبية التي ربما تكون ازدهرت في المريخ منذ مليارات السنين.
وستقوم الأدوات الكهربائية المتقدمة بحفر عينات من صخور المريخ وإغلاقها في أنابيب بحجم السيجار لإعادتها في نهاية المطاف إلى الأرض لإجراء مزيد من التحليل.
وهناك بعثتان مستقبليتان لاستعادة تلك العينات إلى الأرض في مراحل التخطيط من قبل وكالة ناسا، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية.
وتعد "بيرسفيرانس"، المركبة الخامسة والأكثر تطوراً التي أرسلتها وكالة ناسا إلى المريخ منذ "سوجورنر" في عام 1997، وتتضمن أيضا العديد من الميزات الرائدة التي لا تتعلق مباشرة ببيولوجيا الفضاء.