وفي التجارب المعملية، وجد باحثون أمريكيون أن الأشخاص الذين يشاركون في تعدد مهام الوسائط في المنزل لديهم قدرة ضعيفة على تذكر العناصر على شاشة الكمبيوتر.
ويمكن أن يتضمن تعدد المهام في الوسائط مشاهدة التلفزيون في نفس الوقت أثناء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي على الهاتف الذكي واستخدام كمبيوتر محمول للعمل.
ويزعم الخبراء أن التقدم في قياس التذكر يبشر بفهم أفضل للأمراض أو الظروف الصحية التي تؤثر على الذاكرة.
وقال الدكتور أنتوني فاغنر من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة: "أثناء تقدمنا في الحياة، لدينا تلك الفترات التي نشعر فيها بالإحباط لأننا غير قادرين على نقل المعرفة إلى الذهن، والتعبير عما نعرفه".
ولحسن الحظ، يمتلك العلم الآن أدوات تسمح لنا بتوضيح سبب فشل الفرد، من لحظة إلى أخرى، في تذكر شيء مخزّن في ذاكرته.
وأضاف فاغنر: "إن الأشياء التي تحدث حتى قبل أن تبدأ في التذكر ستؤثر على ما إذا كان يمكنك بالفعل إعادة تنشيط الذاكرة أم لا".
وفي مجموعة من 80 بالغا تتراوح أعمارهم بين 18 و 26 عاما، فحص الباحثون ما إذا كان تعدد المهام في الوسائط مرتبطا بفقدان الانتباه العفوي، وما إذا كان هذا الاهتمام بدوره يرتبط سلبا بالتذكر.
ولاختبار الذاكرة، عُرض على المشاركين لفترة وجيزة صور أشياء على شاشة الكمبيوتر، مثل قبعة أو وعاء أو سوار أو حشرة أو مغسلة مطبخ.
وبعد تأخير مدته عشر دقائق، عُرض عليهم جولة ثانية من الصور وكان عليهم تحديد ما إذا كانت أكبر أو أصغر، أو أكثر متعة أو غير سارة، أو ما إذا كانوا قد رأوا الصورة من قبل.
تم تطوير هذه التقنية سابقا بواسطة الدكتور فاغنر وتم تفصيلها في دراسة أجريت عام 2005 في Cerebral Cortex.
وأثناء المهام، وقع تسجيل قياسات حجم بؤبؤ العين ونشاط المخ، وتحديدا موجات الدماغ المشار إليها باسم "قوة ألفا" الخلفية التي تم الحصول عليها باستخدام مخطط كهربية الدماغ (EEG)، كمقياس لانقطاع الانتباه.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، كيفين مادور، الذي يعمل أيضًا في جامعة ستانفورد: "لقد ارتبطت زيادة قوة ألفا في مؤخرة الجمجمة بفقدان الانتباه، وشرود الذهن، والتشتت وما إلى ذلك".
وأضاف: "نعلم أيضا أن القيود في قطر البؤبؤ خاصة قبل القيام بمهام مختلفة، مرتبطة بفشل الأداء مثل أوقات رد الفعل البطيئة والمزيد من الشرود الذهني".
وفي الوقت نفسه، تم تقييم تعدد المهام الإعلامية من خلال جعل الأفراد يبلغون عن مدى قدرتهم على التفاعل مع مصادر إعلامية متعددة، مثل الرسائل النصية ومشاهدة التلفزيون.
وقال مادور: "لقد عرّفنا تعدد المهام على أنه عدد الوسائط التي تعمل في نفس الوقت خلال ساعة استهلاك نموذجية".
والأشخاص الذين يقومون بمهام متعددة لوسائل الإعلام الأثقل هم الأفراد الذين يشاهدون التلفزيون، أثناء إرسال الرسائل النصية، وتصفح الإنترنت، وربما الاستماع إلى الموسيقى أو لعب لعبة على الهاتف، في حين أن الذين يقومون بمهام متعددة في الوسائط الأخف هم أفراد قد يشاهدون التلفزيون بمفردهم أو ربما أثناء إرسال الرسائل النصية.
ثم قارن العلماء أداء الذاكرة بين الأفراد ووجدوا أن أولئك الذين لديهم قدرة أقل على الانتباه المستمر والوسائط المتعددة الأثقل كان أداؤهم أسوأ في مهام الذاكرة.
ولم يكن ضعف الذاكرة مرتبطا فقط بتعدد المهام في الوسائط الأثقل، بل ارتبط ضعف الذاكرة أيضا بفقدان الانتباه.
ويوضح الباحثون أن إدراكنا الواعي لمدى انتباهنا والحد من عوامل التشتيت المحتملة، مثل هواتفنا الذكية، يمكن أن يساعد في تقليل هفوات الانتباه وبالتالي ضعف تذكر الذاكرة على المدى القصير.
ولكن قد تكون هناك أيضا في نهاية المطاف تمارين أو تدخلات موجهة لتدريب الانتباه، مثل أجهزة استشعار العين التي يمكن ارتداؤها والتي يمكنها اكتشاف ثغرات الانتباه في الوقت الفعلي بناء على حجم البؤبؤ.
ويمكن القيام بهذه الإحراءات لإعادة توجيه انتباههم إلى المهمة المطروحة للمساعدة في التعلم أو استدعاء المعلومات في العمل أو في قاعة المحاضرات، على سبيل المثال.
وقد يكون للدراسة أيضا آثار على حالات الذاكرة مثل مرض ألزهايمر ويمكن أن تؤدي إلى تطبيقات لتحسين الانتباه والذاكرة في الحياة اليومية.
وشدد الخبراء على أنهم وجدوا صلة بين ضعف الذاكرة وتعدد المهام في الوسائط، إلا أنهم لا يستطيعون الجزم بأن أحدهما يسبب الآخر.
وبعبارة أخرى، لا يزال من غير المؤكد كيف يمكن لوفرة الأجهزة أن تؤثر على الذاكرة.