وذكر الباحثون أن ما تقوله الفطريات والبكتيريا، خلال هذا التواصل، له علاقة كبيرة بالتنوع اللذيذ من نكهات الجبن المختلفة.
ووجد فريق البحث في جامعة تافتس الأمريكية، خلال دراسة نشرت تفاصيلها صحيفة "الشرق الأوسط" نقلاً عن مجلة الأحياء الدقيقة البيئية، أن البكتيريا الشائعة الضرورية لنضج الجبن يمكن أن تستشعر وتستجيب للمركبات التي تنتجها الفطريات الموجود في قشرة الجبن، والتي تُطلق في الهواء، ما يعزز فرص نمو بعض أنواع البكتيريا عن أنواع أخرى.
ويقول بنجامين وولف، أستاذ علم الأحياء في كلية الآداب والعلوم بجامعة تافتس، في تقرير نشره أول من أمس الموقع الإلكتروني للجامعة: "لقد قدر البشر النكهات المتنوعة للجبن لمئات السنين، ولكن لم تتم دراسة كيفية تأثير هذه الروائح على بيولوجيا ميكروبيوم الجبن (المجتمع الميكروبي للجبن)، وتظهر نتائجنا الأخيرة أن ميكروبات الجبن يمكنها استخدام هذه الروائح لتغيير بيولوجيتها بشكل كبير".
وينتج عديد من الفطريات مركبات كيميائية محمولة جواً تسمى المركبات العضوية المتطايرة، وعندما تنمو الفطريات على الجبن الناضج، فإنها تفرز الإنزيمات التي تكسر الأحماض الأمينية لإنتاج الأحماض والكحول والألدهيدات والأمينات ومركبات الكبريت المختلفة، بينما تقوم الإنزيمات الأخرى بتفكيك الأحماض الدهنية لإنتاج الإسترات وكيتونات الميثيل والكحولات الثانوية، وتسهم كل هذه المنتجات البيولوجية في نكهة ورائحة الجبن، وهي السبب وراء روائح الكاممبير (نوع من الأجبان الفرنسية الطرية الدسمة المصنعة من حليب البقر)، والجبن الأزرق (الريكفورد)، والليمبرغر (الشيدر).
ووجد باحثو جامعة تافتس أن المركبات العضوية المتطايرة لا تسهم في رائحة الجبن فقط، ولكنها توفر أيضاً وسيلة للفطريات للتواصل مع البكتيريا وإطعامها في ميكروبيوم الجبن.
ومن خلال اختبار 16 نوعاً مختلفاً من أنواع الجبن الشائعة مع 5 فطريات شائعة من قشر الجبن، وجد الباحثون أن الفطريات تسبب استجابات في البكتيريا، تتراوح من التحفيز القوي إلى التثبيط القوي.
ووجدوا أن أحد أنواع البكتيريا، وهي بكتريا الضمة، نمت بشكل سريع في وجود المركبات العضوية المتطايرة المنبعثة من الفطريات الخمسة، ونمت بكتيريا أخرى مثل بكتيريا الجراثيم النفسية استجابة لواحد من الفطريات، وهو جالاكتوميسيس، وانخفض عدد بكتيريا الجبن الشائعة بشكل ملحوظ عند تعرضها للمركبات العضوية المتطايرة التي ينتجها هذا الفطر.
ويقول وولف إن فهم هذه العملية بشكل أفضل يؤدي إلى تمكين منتجي الجبن من التلاعب ببيئة المركبات العضوية المتطايرة، لتحسين جودة وتنوع النكهات.