بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين، مستمعينا الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا لقاء قرآني جديد نبدأ فيه تفسير من سورة آل عمران المباركة وهي ثالث سور القرآن الكريم بعد أن انتهينا بعون الله تعالى من تفسير فاتحة الكتاب وسورة البقرة، أطول سور ذكر الحكيم، وسورة آل عمران مدنية وتشتمل على مئتي آية وقد مجدت هذه السورة، آل عمران وتحدثت عن قصة ولادة عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام، فتابعونا.
يقول تعالى في الآية الأولى من سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم.
نعم، مستمعينا الكرام كما ذكرنا في بداية سورة البقرة تصدرت الحروف المقطعة وفيها غير (الألف واللام والميم) حروف أخرى تصدرت تسع وعشرين من سور القرآن العظيم وهي من أسرار هذا الستر الإلهي الخالد ولعلها تشير الى إعجازه كذلك حينما تومئ الى أن هذا القرآن إنما هو مؤلف من حروف الأبجدية ومع هذا عجز البشر عن الإتيان حتى بآية مثله بأنه حقا كلام الله القادر المتعال.
ثم تأتي الآية الثانية لتتحدث عن بعض صفات الذات الإلهية المقدسة، الله تعالى واحد أحد حي قيوم، صفاته عين ذاته، منزه عن كل عيب ونقص، تبارك اسمه وتعالى شأنه.
ويقول تعالى في الآيتين الثالثة والرابعة من هذه السورة الكريمة:
نزل عليك الكتاب بالحق...............والله عزيز ذو انتقام.
بعد أن صدع رسول الله (ص) بالرسالة الخاتمة وبعد أن نزل القرآن الكريم رحمة للعالمين، ظهر من بين أهل الكتاب اليهود والنصارى من عارض الدعوة الاسلامية الثرة، فجاء القرآن الكريم ليبين هذه الحقيقة وهي أنه تعالى أرسل على مدى العصور الرسل والأنبياء عليهما السلام، وأنزل الكتب المقدسة لدعوة البشرية للإيمان الخالص، ومن هذه الكتب، القرآن الكريم؛ إن الله تعالى هو الذي بعث موسى وعيسى ومحمد بالنبوة وهو الذي أنزل التوراة والإنجيل والقرآن.
وما يمكن أن نتعلمه هنا أن الهدف من بعثة الأنبياء عليهم السلام ونزول الكتب السماوية، هو هداية البشرية الى طريق النور واختلاف الأنبياء والكتب لا ينبغي أن يكون مدعاة الفرقة بل الحافز للوحدة على النهج الإلهي الوضاء.
وإذا ما شقت الحيرة الى نفس الإنسان سبيلا، فعليه بالقرآن لأنه الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل وبودنا أن نذكر هنا، عزيزي المستمع، قولا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث يقول؛ واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لايغش والهادي الذي لايضل والمحدث الذي لايكذب.
مستمعينا الكرام، مازلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة يقدم لحضراتكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، كما تستمعون الى آياته دائما بصوت القارئ الأستاذ برهيزكار.
يقول تعالى في الآيتين الخامسة والسادسة من سورة آل عمران:
إن الله لا يخفى عليه.............إلا هو العزيز الحكيم.
نعم عزيزي المستمع؛ إن أحد جذور الإثم والمعصية يكمن في غفلة ذكر الله وكان الإنسان ينسى أنه في محضر الذات المقدسة وإن ما يقول أو يسمع أو يعمل، يعلمه الله تعالى؛ إن ربنا، جلت عظمته، عالم بما في السموات والأرض، لايخفى عليه خافية، إنه يصورنا في الأرحام كيف يشاء.
ويقول تعالى في الآية السابعة من سورة آل عمران؛
هو الذي أنزل عليك الكتاب..................... اولوا الألباب
نعم مستمعينا الكرام، من واضحات الأمور كما يستفاد من هذا النص القرآني الشريف، إن آي الذكر الحكيم على نوعين؛ الأول: آيات محكمات، هي أساس القرآن. والثاني: آيات متشابهة تفسر على أساس محكم التنزيل، وكمثال على الآيات المحكمات قوله تعالى: (قل هو الله أحد) ومن متشابه الآيات قوله تعالى: (يد الله فوق أيديهم) والمراد من اليد هنا القدرة الربانية لا اليد الإعتيادية، لأنه تعالى ليس جسماً حتى تكون له يد، إنه ذات مقدسة واجبة الوجود، لا يحدها زمان ولا يستوعبها مكان، فتكون له الجوارح والأعضاء، لذا نزل القرآن سهلا يسرا، كيف له وهو كتاب الإسلام، دين الفطرة والحنيفية البيضاء، ظاهرها كباطنها ومع هذا فإنما يعرف القرآن متحوط به، والرسول الهادي البشير محمد (ص) وأهل بيته الطاهرين عدل القرآن، وأحد الثقلين فهم الراسخون في العلم الذي أشارت الآية المباركة اليها.
وتعلمنا هذه الآية الدروس التالية:
أولا: في حال عجز الإنسان عن فهم آية من القرآن لاينبغي له إنكارها أو تحريفها بل عليه الرجوع الى من هو يعلم بتفسيرها.
ثانيا: أن تحذر ممن يستغل اسم الإسلام والقرآن في ترويج عقائده الباطلة، وعلينا أن ننهل من المنهل الفياض، سيدنا محمد وآل بيته الأطهار.
ثالثا: أن نعي حقيقة الفتنة، فأكبر الفتن، تحريف الحقائق الدينية وتفسير الآيات الإلهية بما تشتهي الأنفس.
عصمنا الله واياكم مستمعينا الكرام من الخطر والزلل ووفقنا للعلم والعمل وهو المستعان وعليه التكلان.
أعزائي مستمعينا الكرام، من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، قدمنا لحضراتكم برنامج نهج الحياة، نشكركم على حسن المتابعة دمتم سالمين وفي أمان الله.