السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات
معكم في لقاء آخر من هذا البرنامج ونموذج من أهل الايمان الصادق وأسوة خالدة لأهل الاستقامة على الولاء الحق من نصيرات الوصي المرتضى سلام الله عليها انها الزرقاء بنت عدي الهمدانية …
هي الزرقاء بنت عدي الهمدانية الكوفية، خطيبة مصقعة، من ذوات الشجاعة والرأي ورجاحة العقل والتدبير، توفيت نحو سنة 60 للهجرة. عرفت بالولاء والاخلاص لأميرالمؤمنين علي عليه السلام وناصرته عليه السلام يوم صفين، حيث كانت تدعو المؤمنين الى نصرة الحق معه عليه السلام، وتحرضهم على قتال القاسطين .
روى ابن طيفور في كتاب بلاغات النساء باسناده عن سعد بن حذافة الجمحي، قال: سمر معاوية ليلة، فذكر الزرقاء بنت عدي وكانت ممن تعين علياً عليه السلام يوم صفين .
فقال لأصحابه: ايكم يحفظ كلام الزرقاء؟ فقال القوم: كلنا نحفظه ياأمير المؤمنين .
قال: فما تشيرون علي فيها؟ قالوا: نشير عليك بقتلها قال: بئس ماأشرتم علي به، أيحسن بمثلي أن يتحدث الناس أني قتلت امرأة بعد ماملكت وصار الامر لي؟
ولايخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أن الطاغية الأموي كان يتجنب قتل المؤمنات علانية لكي لاتصير سبة عليه أما خفية وبالسم بواسطة جلاوزته، فالتاريخ يحدثنا أنه ارتكب ذلك بحق عدة من المؤمنات منهم الشهيدة آمنة بنت شريد زوجة الشهيد عمرو بن الحمق الخزاعي رضوان الله عليها وعليه ..وعلى أي حال نعود الى قصة الزرقاء الهمدانية فقد أمر معاوية بأحضارها الى الشام لكي يستميلها ويجعلها من الدعاة اليه يقول الراوي:
فلما قدمت على معاوية قال لها: مرحبا وأهلا خير مقدم قدمه وافد، كيف حالك ياخالة؟ وكيف رأيت مسيرك؟ قالت: خير مسير، كأني كنت ربيبة بيت، أو طفلاً ممهدا .
قال: بذلك أمرتهم، فهل تعلمين لم بعثت اليك؟
قالت:سبحان الله، أنى لي بعلم مالم أعلم، وهل يعلم ما في القلوب الا الله؟
قال: بعثت اليك ان أسألك ألست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين بين الصفين توقدين الحرب، وتحضين على القتال، فما حملك على ذلك؟
قالت: ياأمير المؤمنين، انه قد مات الرأس، وبتر الذنب، والدهر ذو غير ومن تفكر أبصر، والامر يحدث بعده الامر .
قال لها: صدقت،فهل تحفظين كلامك يوم صفين؟
قالت ماأحفظه.. قال: ولكني والله أحفظه، لله أبوك لقد سمعتك تقولين: أيها الناس، انكم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم، وجارت بكم عن قصد المحجة، فيالها من فتنة عمياء صماء،أيها الناس، ان المصباح لايضيء في الشمس، وان الكوكب لايقد في القمر، وان البغل لايسبق الفرس، ولايقطع الحديد الا الحديد . ألا من أسترشدنا أرشدناه، ومن استخبرنا أخبرناه، ان الحق كان يطلب ضالته فأصابها، فصبراً يامعشر المهاجرين والأنصار، فكأن قد اندمل شعب الشتات، والتأمت كلمة العدل، وغلب الحق باطله، فلايعجلن أحد فيقول: كيف وأني؟ ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ألاأن خضاب النساء الحناء، وخضاب الرجال الدماء والصبر خير في الامور عواقبا، ايها الى الحرب قدما غير ناكصين، فهذا يوم له بعده .
ثم قال معاوية: والله يازرقاء، لقد شركت علياً في كل دم سفكه،
فقالت: أحسن الله بشارتك ياأمير المؤمنين، وأدام سلامتك، مثلك من بشر بخير، وسر جليسه . قال لها: وقد سرك ذلك؟ قالت نعم والله، لقد سرني قولك .
فقال معاوية: والله لوفاؤكم له بعد موته (أعجب) الي من حبكم له في حياته، اذكري حاجتك . قالت: ياأمير المؤمنين، اني قد آليت على نفسي أن لاأسأل أميرا أعنت عليه شيئا أبدا، ومثلك أعطى عن غير مسألة، وجاد عن غير طلب .قال: صدقت، فأقطعها ضيعة أغلتها في أول سنة عشرة آلاف درهم، وأحسن صفدها، وردها والذين معها مكرمين .
مستمعينا الأفاضل، لقد كان معاوية يتوقع أن تعتذر هذه المؤمنة عن موقفها ضده في صفين فلما وجدها ثابتة على الولاء الحق خاب أمله ويأس من استمالتها اليه فأضطر لاكرامها والغصة تعتصر روحه . فسلام على الزرقاء الهمدانية يوم ولدت ويوم عاشت في رحاب الولاء الحق ويوم تحشر مع محمد وآله الطيبين الطاهرين .شكراً لكم اخوتنا مستمعي اذاعة طهران على جميل المتابعة لهذه الحلقة من برنامج (من أعلام المؤمنات)
الى لقاء آخر طابت أوقاتكم بكل خير والسلام عليكم .