السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله
أهلا بكم في حلقة أخري من هذا البرنامج نخصصها للحديث عن إحدي عظيمات التأريخ الإسلامي هي السيدة الهاشمية فاطمة بنت أسد بن هاشم زوجة أبي طالب سلام الله عليه، أولي المبايعات لرسول الله – صلي الله عليه واله – وأمه الثانية ووالده وصيه المرتضي عليها السلام، نبدأ حديثنا عنها بأحدي كبري خصائصها من بين أعلام المؤمنات وهي كونها الوحيدة التي ولدت وليدها الوصي في الكعبة المعظمة.
روي عدة من المؤرخين بإسنادهم إلي سعيد بن جبير،
قال يزيد بن قعنب: كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزي بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وكانت حاملا به لتسعة أشهر، وقد أخذها الطلق
فقالت: رب، إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، وإنه بني البيت العتيق، فبحق النبي الذي بني هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني بما يسرت علي ولادتي.
قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا، والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عزوجل. ثم خرجت في اليوم الرابع وبيدها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام)،
ثم قال: إني فضلت علي من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عزوجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا وأن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتي أكلت منها رطبا جنيا.
بعد أن أوحي إليها أن أخرجي من بيت المقدس فإنه بيت عبادة لا بيت ولادة، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف:
يا فاطمة، سميه عليا فهو علي، والله العلي الأعلي يقول: إني شققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي، ووقفته علي غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني، فطوبي لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه.
والسيدة فاطمة بنت اسد هي من المسلمين الأوائل وأولي المبايعات للنبي، فقد روي ابو الفرج الإصفهاني في كتابه مقاتل الطالبين بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: كانت فاطمة بنت أسد بدرية (من النساء اللواتي حضرن بدرا بعد الوقعة).
ثم روي ابوالفرج الأنصاري بسنده عن الزبير بن العوام قال: لما نزلت الآية: (َا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) سمعت النبي يدعو النساء إلي البيعة، فكانت فاطمة بنت أسد أول امرأة بايعته ( صلي الله عليه وآله).
وروي الكليني في " الكافي" بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: إن فاطمة بنت أسد كانت أول امرأة هاجرت إلي رسول الله (صلي الله عليه واله) من مكة إلي المدينة علي قدميها ( وكانت السيدة فاطمة بنت اسد من الذين نزلت الآيات الأواخر من سورة آل عمران وهم في طريق هجرتهم الي المدينة مع ولدها الأمام علي، فقد ذكرا المؤرخون أنه – عليه السلام – في طريق الهجرة الي المدينة بات ليلة ومعه الفواطم: أمه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت رسول الله، وفاطمة بنت الزبير يصلون ويذكرون الله قياماً وقعودا وعلي جنوبهم، ولم يزالوا كذلك حتي طلع الفجر فصلي بهم علي (عليه السلام) صلاة الفجر، ثم سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله، وكذلك الفواطم حتي قدموا المدينة، وقد نزل الوحي قبل قدومهم بما كان من شأنهم (فتلاه عليهم) رسول الله – صلي الله وعليه وآله – وهي من قوله تعالي: " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ لَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً " و الي قوله فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ " فالذكر علي ( عليه السلام) والأنثي الفواطم المتقدم ذكرهن ومنهم كما عرفتم فاطمة بنت اسد رضي الله عنها.
ومولاتنا فاطمة بنت اسد – وكما أجمع المؤرخون – كانت لرسول الله ص بمنزلة الأم ربي في حجرها وكان شاكرا لبرها وكان يسميها أمي وكانت تفضله علي أولادها في البر، كان أولادها يصبحون شعثا رمضا ويصبح رسول الله (ص) كحيلا دهينا وروي الحاكم في المستدرك علي البخاري ومسلم بسنده انها كانت بمحل عظيم من الايمان في عهد رسول الله (ص) اه سبقت إلي الاسلام وهاجرت إلي المدينة ولما توفيت كفنها رسول الله(ص) في قميصه وأمر من يحفر قبرها فلما بلغوا لحدها حفره بيده واضطجع فيه وقال " اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها فقيل يا رسول الله رأيناك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه بأحد قبلها فقال ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة واضطجعت في قبرها ليوسعه الله عليها وتأمن ضغطة القبر انها كانت من أحسن خلق الله صنعا إلي بعد أبي طالب.
وروي الحاكم في المستدرك بسنده أنه لما ماتت فاطمة بنت أسد كفنها رسول الله (ص) في قميصه وصلي عليها وكبر عليها سبعين تكبيرة ونزل في قبرها فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوي عليها وخرج من قبرها وعيناه تذرفان وجثا في قبرها فقال له عمر بن الخطاب يا رسول الله رأيتك فعلت علي هذه المرأة شيئا لم تفعله علي أحد فقال له أن هذه المرأة كانت أمي بعد أمي التي ولدتني ان أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة وكان يجمعنا علي طعامه فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبنا فأعود فيه.
وروي الموفق الخوارزمي بسنده عن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب عليه السلام دخل عليها رسول الله صلي الله عليه وآله فجلس عند رأسها
فقال: رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسوني وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني تريدين بذلك وجه الله تعالي والدار الآخرة،
ثم أمر أن تغسل ثلاثا" فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلي الله عليه واله بيده الشريفة، ثم خلع قميصه فألبسها إياه وكفنت فوقه.
مستمعينا الأفاضل، ونختم حديثنا عن هذه السيدة الجليلة بحديث شريف عن بركة التوسل بها الي الله عزوجل في قضاء الحوائج.
ففي الكافي روي الشيخ الكليني بسنده عن داود الرقي قال: دخلت علي أبي عبدالله (عليه السلام) ولي علي رجل مال قد خفت فواته (أي ضياعه) فشكوت إليه ذلك
فقال لي: إذا صرت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافا وصل ركعتين عنه وطف عن أبي طالب طوافا وصل عنه ركعتين وطف عن عبدالله طوافا وصل عنه ركعتين وطف عن آمنة طوافا وصل عنها ركعتين وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا وصل عنها ركعتين ثم ادع أن يرد عليك مالك،
قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا وإذا غريمي واقف
يقول: حبستني تعال أقبض مالك.
والي هنا ينتهي اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران لقاؤنا بكم ضمن حلقة أخري من برنامج من أعلام المؤمنات.
طابت أوقاتكم والسلام عليكم.