وتذكَّر المُساعدون ذلك اليوم أوائل عام 2017، قائلين إنَّ تهديد ترامب لم يكُن مُبهماً، إذ يُمكنه بتغريدةٍ أن يبعث بتوجيهاته إلى العالم، ولم يكُن هناك شيءٌ يستطيعون فعله حيال الأمر، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.
تويتر وسيلته لإدارة سلطته الرئاسية
حين وصل ترامب إلى البيت الأبيض، كان تويتر مُجرَّد أداةٍ سياسية ساعدت في انتخابه، ومدفع هاوتزر رقمي كان يتلذَّذ بإطلاقه. وعلى مدار الأعوام التالية، أدمج تويتر بالكامل داخل نسيج إدارته، ليُعيد تشكيل طبيعة الرئاسة والسلطة الرئاسية.
وبعد أن تدخلت تركيا عسكرياً في شمالي سوريا الشهر الماضي، صاغ ردّه في صورة اجتماعات البيت الأبيض وسلسلةٍ من التغريدات المُتضاربة أيضاً.
وفي الصيف، أعلن زيادة التعريفات الجمركية المفروضة على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار بتغريدةٍ زادت حدة التوتُّرات بين البلدين.
ضرب 50 عاماً من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عبر تغريدة
وفي مارس/آذار، ضرب ترامب بـ50 عاماً من السياسة الأمريكية عرض الحائط، حين غرَّد مُعترفاً بسيادة "إسرائيل" على هضبة الجولان. وأعرب عن سعادته برد الفعل الذي أثارته تلك التغريدة.
إذ استرجع ترامب تلك الذكريات بعد أشهر، خلال مؤتمرٍ حضرته شخصياتٌ مُحافظةٌ على الشبكات الاجتماعية داخل البيت الأبيض: «بوووم. أضغط على الزر، وفي غضون ثوانٍ تصير لدينا أخبارٌ عاجلة".
وفي وقتٍ مُبكِّر من رئاسته، حاول كبار مُساعديه كبح جماح عادة الرئيس التغريدية، لدرجة أنَّهم فكَّروا في مُطالبة الشركة بفرض حظرٍ على التغريد لمدة 15 دقيقة بين تغريدات ترامب. لكن، وبعد 11,390 تغريدة حتى وقت نشر هذا التقرير، اعتنق العديد من المُشرِّعين ومسؤولي الإدارة هوسه بتويتر، وتوافدوا على مسؤول الشبكات الاجتماعية في إدارته حاملين مُقترحاتهم.
وتنشغل اجتماعات السياسة حين ينزل الإلهام على ترامب بفكرة تغريدة، إذ يطلب من أعضاء حكومته وغيرهم نصائحاً لنسج كلماتها. وبصفته رئيساً يخوض حرباً مع بيروقراطية حكومته؛ فهو يستغل تويتر لاجتياز الطرق المسدودة وتجاوز أو إهانة مُستشاريه المُتمرِّدين واستباق موظفيه.
وقالت كيليان كونواي، مستشارته في البيت الأبيض، خلال مقابلة: "يحتاج إلى التغريد كما نحتاج نحن إلى تناول الطعام".
وفي رئاسةٍ تختلف عن غيرها، حيث يستيقظ ترامب في الصباح على تويتر ويخلد للنوم في المساء معه، ويشعر بالراحة لأن عالم تويتر يدور حوله؛ فإنَّ أكثر شخصٍ أثنى عليه ترامب كان هو ترامب نفسه، إذ مدح نفسه أكثر من ألفي مرة بحسب التحليل الذي أجرته صحيفة New York Times.
وصار ترامب يُغرِّد الآن أكثر من أيّ وقتٍ مضى. إذ كان الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول أكثر أسابيعه انشغالاً، حين نشر 271 تغريدة.
وهو معتادٌ على استغلال تويتر في انتقاد أعدائه المُفترضين. بل في الواقع، يُهاجم ترامب شيئاً أو شخصاً في أكثر من نصف تغريداته.
وتأتي غالبية تلك الهجمات في الصباح الباكر أو أواخر المساء، حين يكون ترامب مُنفرداً بنفسه بعيداً عن مُستشاريه على الأرجح.
وفحصت الصحيفة الأمريكية استخدام ترامب لتويتر منذ تنصيبه، وراجعت كل تغريدة وإعادة تغريدة ومُتابع، وأجرت مقابلاتٍ مع قرابة الـ50 من مسؤولي إدارته والمُشرِّعين ومسؤولي تويتر وموظفيه الحاليين والسابقين.
وخرجت الصحيفة بتقريرٍ غني، وتحليلٍ جديد، ووقائع لم ترد في السابق، وتفاصيل جديدة حول كيفية استغلال الرئيس للمنصة في ممارسة سلطته.
عدد تغريدات ترامب وفقاً لأهدافه منها
هاجم فيها شيئاً أو شخصاً : 5,889
مدح فيها شيئاً أو شخصاً : 4,876
هاجم فيها الديمقراطيين : 2,405
هاجم فيها التحقيقات : 2,065
مدح فيها الرئيس ترامب : 2,026
روَّج فيها لنظريات المؤامرة : 1,710
هاجم فيها مؤسّساتٍ إعلامية : 1,308
هاجم فيها الأقليات : 851
مدح أو روَّج فيها لشبكة Fox News وغيرها من وسائل الإعلام المُحافِظة : 758
هاجم فيها المُهاجرين : 570
هاجم فيها الإدارات الرئاسية السابقة : 453
أجرى فيها المهام الرئاسية عبر تويتر : 417
هاجم فيها هيلاري كلينتون : 256
هاجم فيها دولةً حليفة : 233
تباهى فيها بحجم الجماهير والتصفيق : 183
مدح فيها حاكماً دكتاتورياً : 132
أشار فيها إلى إحدى أعماله التجارية : 95
روَّج فيها لنظريات المؤامرة التي تدور حول التلاعب الانتخابي : 40
وصف فيها وسائل الإعلام الإخبارية بـ»عدو الشعب» : 36
أشار فيها إلى نفسه بوصفه الرئيس «المُفضَّل» لدى الجميع : 16
التغريدات من يوم 20 يناير/كانون الثاني عام 2017 وحتى 15 أكتوبر/تشرين الأول عام 2019
ويفعل ترامب ذلك عادةً من خلال آلية التكرار البوهيمية نفسها. إذ استغل تويتر في المطالبة بالتحرُّك ضد المُهاجرين ومن أجل بناء جداره الحدودي 1,159 مرة، وهي أولويةٌ قُصوى لإدارته، في حين طالب بالتحرُّك في ما يتعلَّق بالتعريفات الجمركية 521 مرة، وهي عنصرٌ رئيسيٌ آخر على أجندته.
ويُعَدُّ تويتر أيضاً إحدى أدوات سياسته الخارجية: إذ أثنى على الحُكَّام الدكتاتوريين أكثر من مائة مرة، إلى جانب شكواه أكثر من مائتي مرة من حُلفاء أمريكا التقليديين. وصار تويتر يُؤدِّي دور إدارة شؤون الموظفين بالحكومة الأمريكية فعلياً: إذ أعلن الرئيس مغادرة أكثر من عشرين مسؤولاً كبيراً من خلاله، وبعضهم أُقيل بتغريدة.
وجاءت أكثر من نصف تغريدات الرئيس في صورة هجوم على شيءٍ أو شخص، بـ5,889 تغريدة، ولا يقترب أيّ تصنيفٍ آخر من هذا الرقم.
وشملت قائمة المُستهدفين التحقيقات في التدخُّل الروسي، والاحتياطي الفيدرالي الذي لا ينصاع لرغباته، والإدارات السابقة، ومُدناً كاملة يرأسها الديمقراطيون، وخصومه من الرياضيين ووصولاً إلى كبار المديرين التنفيذيين الذين يُزعجونه. وبعكس أيّ رئيسٍ مُعاصر، هاجم ترامب الأعمال التجارية علناً لتعزيز أهدافه السياسية وإسكات المُنتقدين، بالحديث عن التدخُّل الحكومي عادةً. فباستخدام تويتر؛ هدَّد ترامب برنامج Saturday Night Live بتحقيقٍ تُجريه لجنة الاتصالات الفيدرالية، واتَّهم شركة Amazon -بقيادة جيف بيزوس مالك صحيفة Washington Post- بالاحتيال على خدمة البريد الأمريكية.
ويُعَدُّ تويتر بمثابة شبكة البث الرسمية لواقع ترامب السياسي الموازي، أو «الحقائق البديلة»، والتي يستخدمها لنشر نظريات المؤامرة والمعلومات الزائفة والمُحتوى المُتشدِّد، ويشمل ذلك بعض المواد التي تُثير نشاط قاعدته الانتخابية.
وتسارع استخدام ترامب لتويتر بمُعدَّلٍ حاد منذ انتهاء تحقيق المستشار الخاص في التدخُّل، وبلغ أعلى مُعدَّلاته بالتزامن مع بدء الديمقراطيين في إجراءات عزله بحسب التحليل.
إذ غرَّد أكثر من 500 مرة خلال الأسبوعين الأوَّلين من أكتوبر/تشرين الأول، وهو مُعدَّل وضعه على الطريق إلى مضاعفة مُتوسِّطه الشهري ثلاث مرات.