البث المباشر

صدقة لله طوعاً وكرهاً -۲

الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 - 12:00 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 23

 

مع قصة ذلك الشيخ الشاب الذي صبر على صحاب الفاقة والبعد عن الاهل رغبة في جوار امير المؤمنين (عليه السلام)، وفي التعلم عن السيد العارف علي القاضي الذي كان يرعى طلاب المعرفة والتربية الالهية في النجف الاشرف.
وقد عرفنا أن الأزمة المالية لهذا الشاب قد بلغت ذروتها في تلك الايام، وقد بلغ حاله في ذلك اليوم الذي توجه في صباحه لدرس إستاذه القاضي أنه لم يكن لديه من المال سوى ما يشتري به رغيفين من الخبر هل كل طعامه لذلك اليوم، فاذا بفقير قد أنهكه الجوع يعترض طريقه ويستعطيه ما يسدّ به جوعه، همّ الشاب أن يعطيه ما عنده لكنه تذكّر حاله فاحجم ودعا له ثم مضى لسبيله لنتابع بقية هذه القصة!
مضى خطوات في طريقه الى درسه ولكن قلبه لم يطاوعه في المسير فقد كان متوجهاً الى ذلك الفقير مشفقاً عليه هتف به، وما يدريك ان احداً سيمر عليه ويرق قلبه لحاله ويعطيه مايسد به جوعه لعله سيبقى جائعاً الى المساء ولا يمر عليه الا من هو مثلك لا يفكر سوى بنفسه، اهتز الشاب لما هدف به قلبه وهم بالعودة الى الفقير وهو يمد يده الى جيبه ليخرج منه تلك النقود القليلة التى لا تكفي لشراء اكثر من رغيفين من الخبز ويعطيها للفقير الجائع فصدته نفسه عن ذلك صارخة، ويحك ما تفعل ارفق بي فاني لا اطيق الجوع كفاني ما اعانيه من شظف العيش لا اطيق ان اقضي يومي في جوع.
تراجع الفتى عن عزمه واستدار ليمضي في سبيله فهتف به قلبه قبل ان يتابع مسيره ان كنت لا تطيق ان تعطيه كل ما عندك فواسيه بنصف ما عندك وليكن لك رغيف وله رغيف اقتنع الفتى واتجه نحو الفقير ولم يصغ هذه المرة لاعتراض نفسه واخرج من جيبه نصف مالديه واعطاه للفقير ودعا له وتابع مسيره الى محل درسه.
احس بلذة وبهجة روحية من هذا الانتصار على عقبات نفسه فقد شعر انه اقتحم العقبة ولكن يده كانت في جيبه تتلمس ما تبقى فيه من نقود وكأن نفسه كانت تجد في تلمس تلك القطعة النقدية ما يبعث فيها الاطمئنان بان رزقها سيأتيها في المساء وكأن الذي سيأتي به هي تلك الثمالة من النقد التي خصصها لشراء رغيف الخبز لمسائه.
دخل مجلس الدرس وما ان وقعت عيناه على استاذه السيد القاضي حتى اخرج يده من جيبه فقد اغنته رؤية السكينة الايمانية في وجه هذا السيد عن الاطمئنان الموهوم الذي تجده نفسه في تلك القطع النقدية وفي تلمسها وبعثت في قلبه وروحه طمأنينة لا يمكن وصفها.
كانت الطمأنينة تملأ وجوده وهو يستمع لحديث استاذه وكلمات السيد تنفذ الى اعماق قلبه وهذه ميزة بارزة في درس السيد اجمع عليها جميع تلامذته فقد كانت رؤيته تبعث الطمأنينة في القلوب تذكرهم بربهم ويقربهم منه جل وعلا منطقه ويجلي ارواحهم عمله فكل حركاته وسكناته كانت موعظة.
كان السيد يتابع حديثه عندما دخل مجلسه مسكين يطلب معونة ومن بين جميع الحاضرين في المجلس توجهت عينا السيد نحو صاحبنا! اشار اليه وقال: هل عندك ماتعطيه لهذا المسكين؟!
ادخل الفتى يده طواعية بل وكأنه مسلوب الارادة الى جيبه واخرج تلك القطع النقدية المتبقية التى كان قد غفل عنها ونساها عندما دخل مجلس السيد قدمها للسيد الذي اخذها واعطاها بدوره للمسكين ثم تابع درسه بالسكينة ذاتها!
ولكن في قبال هذه السكينة في قلب الاستاذ، ما هو حال الفتى الذي لم يبق لديه ما يسد جوعه في ذلك اليوم، وكيف سيقضي يومه وليلته وهو الذي لا يطيق أن يطلب من أحد من خلقه شيئاً، فقد صورّه التعفف في أعين أساتذته وزملائه من الاغنياء!
لكي نعرف على الاسئلة نتابع تتمة هذه القصة في الحلقة الآتية بأذن الله من هذه القصص الواقعية، نستودعكم الله والسلام عليكم.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة