في علم السياسة، حينما يتحدثون عن عناصر الدولة، يتحدثون عن ارض الدولة وشعبها وحكومتها، وفي دولة الحسين عليه السلام، كل هذه العناصر متحققة، فالارض هي ارض العراق، الذي اعطى لسيد الشهداء ولاءه وحبه وصدقه، وقدمّ الشهداء في هذا السبيل، وعاصمتة الدولة، كربلاء مدينة العشق والشهادة المضمخة بعطر الحسين عليه السلام، وشعب الحسين، الجموع الزاحفة الى عاصمة الحسين عليه السلام، من مختلف بقاع العالم، على اختلاف الاديان والثقافات والملل والنحل.
الحكومات تعاني ازمات حادة، وعجزا في الميزانية؛ لكنّ الامر مختلف مع الحكومة الحسينية في زيارة الاربعين، التي لاتعاني ازمات، ولاعجزا في الميزانيّة، بل الميزانيّة دائما فائضة.
بعض الحكومات تعاني من ازمة خدمات، ولكننا في حكومة الحسين لانجد اثرا لازمة خدمات، بل الخدمات متوافرة، في الحكومة الحسينية، القائد والمسؤول يطلق عليه (خادم)، وفي الحكومات الاخرى، القائد والمسؤول متميز على سائر عباد الله، بحرسه وسياراته المصفحة.
الحكومة الحسينية في الاربعينية، الخدمات يديرها متخصصون، فهناك فرق طبيّة متخصصة، كل الكوادر متطوعة ومندرجة في الخدمة، في حكومة الحسين لاوجود للمجاعات التي تعاني منها بعض الدول، فالطعام والشراب متوافران. في حكومة الحسين عليه السلام كوادرها وموظفوها متطوعون، يعملون بلا مقابل، في حكومة الحسين عليه السلام يعملون بمبدا: (انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكورا).
وبالاضافة الى هذه المظاهر التي ذكرناها، والتي تُجلّي وبشكل واضح، حاكمية الحسين عليه السلام، هناك مظاهر لحاكمية سيد الشهداء (ع)، من نوع اخر.
الامام الحسين تتجلى حاكميته على القلوب والمشاعر، والارتقاء بالاخلاق والقيم، فهناك قيمة التواضع، التي يسحق الانسان فيها كبرياءه وانانيته، ليمسح حذاء زائر، وهناك قيمة الكرم التي لامثيل لها، وهناك قيمة التسامح، فاولياء الدم يتسامحون ويعفون عن القاتل في هذا اليوم، حبا للامام الحسين عليه السلام، حاكمية الحسين عليه السلام، لا استطيع ان استوعبها في هذا المقال المختزل.
هيمنة الامام الحسين (ع) على الحكومات
الامام الحسين عليه السلام له حاكمية ليس فقط على هذه الجموع العاشقة، بل له هيمنة على الحكومات، فالحكومة العراقية تتحول الى حكومة تصريف اعمال، وتجنّد كل قواها، واجهزتها الامنيّة، من اجل توفير الامن، وراحة الزوار.
الكلام كثير، وهذه مجرد لقطات من تجليّات حاكمية الامام الحسين عليه السلام في اربعينيته.
بعض السياسيين يعترضون على هذه المظاهر، وهذا الانفاق الهائل … اقول ان هذه الزيارة بجموعها المليونية تشكل قوة للعراق واهله، لاينبغي لسياسيينا ان يفرطوا فيها.
بعض الاصوات النشاز تثير شكوكا على اغلبية العراقيين، بانهم اقليّة، ولائها للخارج تاتي زيارة الاربعين لتشكل استفتاء يخرس كل الاصوات، وكل الصراخ والضجيج، على التشكيك بالعدد والولاء، والحب لهذا الوطن، الذي دفع اباؤنا واجدادنا المهج والارواح من اجل بقائه.
السلبيات تعالج وترصد وتصحح، ولكن لايجوز التفريط بهذه القوة الهائلة التي نمتلكها.
الزيارة الاربعينية توحد هذه الجموع، وتصهرهم جميعا في بوتقة الحب الحسيني.