بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله تحية مباركة نهديها لكم ونحن نلتقيكم في هذه الدقائق لكي ننور قلوبنا بطائفة من الأحاديث الشريفة التي تعيننا على التحلي بمعالي الأخلاق التي يحبها الله ورسوله –صلى الله عليه وآله- ومنها خلق (الزهد في الدنيا).
ومعنى الزهد في الدنيا ليس الإمتناع عن التمتع بالطيبات من رزق الله بل التحرر من أسر الدنيا والحرص على ما فيها والثقة بما عندالله عزوجل من نعم الدنيا والآخرة.
روى الشيخ الصدوق في كتاب معاني الأخبار والكليني في الكافي والطوسي في كتاب تهذيب الأحكام مسنداً عن مولانا الإمام جعفر الصادق –عليه السلام- قال:
"ليس الزهد في الدنيا بأضافة المال ولا بتحريم الحلال –يعني من طيبات الرزق-، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك- يعني من متع الدنيا- أوثق منك بما في يد الله عزوجل".
والتحلي بهذا الخلق النبيل هو مفتاح صلاح الإنسان، كما يهدينا لذلك حبيبنا الهادي المختار –صلى الله عليه وآله- في الحديث المروي عنه في كتاب (الأمالي) للشيخ الصدوق قال:
"إن صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين وهلاك آخرها بالشح والأمل"
يعني –صلى الله عليه وآله- أن هلاك الإنسان يكون بالبخل وطول الأمل الذي يصده عن العمل الصالح.
ومن هنا كان الزهد والتحرر من أسر التلاهث خلق المتع الدنيويه والحرص عليها معيناً للإنسان على العمل الصالح، قال أمير المؤمنين –عليه السلام- كما هو المروي عنه في كتاب معاني الأخبار:
"الزهد في الدنيا قصر الأمل وشكر كل نعمة والورع عما حرّم الله عليك"
وفي الكافي عنه –عليه السلام- قال: "إن من أعوّن الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا".
وبالزهد في الدنيا يذوق المؤمن حلاوة الإيمان والثقة بما عند الله عزوجل، روي في الكافي عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال: "جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا" ثم قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-:لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا.
ثم قال ابو عبدالله الصادق –عليه السلام-:"حرامٌ على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا".
وأخيراً نسمع من مولانا الإمام زين العابدين –عليه السلام- وهو يبين لنا علامة قرآنية للزهد حيث قال –كما في كتاب الكافي-:
"ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله {هي}: "لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"(سورة الحديد۲۳)."
ومعنى الفرح هنا هو الإغترار بالمتع الدنيوية الزائلة. أعاذنا الله وإياكم منه ببركة التمسك بموالاة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
اللهم أمين وشكراً لكم أيها الأطائب على جميل الصحبة لنا في حلقة اليوم من برنامج معالي الأخلاق دمتم بكل خير وفي أمان الله.