الحمد لله غاية آمال العارفين والصلاة والسلام على آيات الله العظمى في الافق المبين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله، نبقى فيها مع الفقيه العارف زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني علم علماء الامامية في القرن الهجري العاشر.
ألف الشهيد الثاني ثلاثة كتب مهمة يمكن من خلالها التعرف على معالم منهجه في السير والسلوك الى الله الذي استنبطه من هدي الثقلين القرآن الكريم وأحاديث اهل بيت النبوة عليهم السلام.
الاول هو كتاب: (حقائق الايمان) وفيه تناول قضية مميزات الايمان المرضي عند الله تبارك وتعالى واصوله الخمسة مؤكداً على ضرورة توفر اليقين بها لكي يكون الايمان صادقاً وبالتالي جنحاً في السير والسلوك الى الله والتقرب منه عزوجل.
اما الكتاب الثاني فهو: (مُنية المريد في آداب المفيد والمستفيد)، وموضوعه وإن كان بيان الآداب الشرعية لتعلم وتعليم العلوم الالهية، الا انه قد اشتمل على الكثير من آداب السير والسلوك الى الله عزوجل ومحورها العام هو أن يؤدي تعلم العلوم الالهية الى اعانة المعلم والمتعلم على التقرب من الله عزوجل وبذلك يصبحان من الذين تفرش الملائكة اجنحتها لهم حسبما ورد عن طلبة العلوم الدينية.
اما الكتاب الثالث: المبين لمنهج الشهيد لثاني في السير والسلوك فهو كتاب اسرار الصلاة الذي انطلق فيه من كون الصلاة عمود الدين وكذلك بُراق السير والسلوك الى الله عزوجل، ولكي تكون الصلاة على هذا النحو للسالك ينبغي ان تقترن بحضور القلب اولاً وان ينزهها المصلي عن كل ما يحبط ويزيل آثارها من العجب والرياء وأمثالها وان يحليها بما يعطيها حقيقتها وذلك برعاية آدابها قبل البدء بها واثناء ادائها وبعد ختمها.
وهذه هي الموضوعات التي اعتنى الشهيد الثاني رضوان الله عليه ببيانها في كتاب اسرار الصلاة بلغة غلب عليها الخطاب الوجداني المقترن بالشواهد القرآنية والحديثية.
والمهم في كتاب المهم هو اهتمام هذا العارف الامامي الفقيه بالحالة التي ينبغي ان يكون عليها المصلي في جميع اجزاء الصلاة ومقدماتها وتعقيباتها وقد استلهم ذلك من التدبر في الاحاديث الشريفة المبينة لأفعال الصلاة والفاظها.
وقد اكد الشهيد الثاني أن ما يصدق على الصلاة يصدق على جميع العبادات فينبغي ان يكون التوجه الى الله عزوجل هو عماد ادائها، فاذا تعلم السالك صدق التوجه الى الله في عبادته تيسر عليه ان يكون ذاكراً لله في جميع حالاته متوجهاً اليه في جميع حركاته وسكناته وذلك يعني ان يكون ساعيا للتخلق بأخلاق الله في جميع شؤونه.
وعن العلاقة التخلق بالاخلاق الالهية في تقريب السالك من ربه عزوجل يدور حديث ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا وسلام على ضيفنا الكريم خبير البرنامج سماحة الشيخ الصادقي.
الشيخ باقر الصادقي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ بعض العلماء اشار الى ان من الاثار المهمة لدعاء التوسل بالمعصومين عليهم السلام الى الله تبارك وتعالى هو ان فيه تشويقاً وحثاً للمؤمنين على التحلي بأخلاقهم والتخلي عن اخلاق اعدائهم، ما هو اثر التوسل في هذا المجال؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك ان السنخية مطلوبة في كل الحالات، حينما اتوسل بالامام وهناك سنخية بيني وبين الامام بلا شك هذه تؤثر في الاستجابة وقبول الدعاء وفي اهداف الوسيلة المبتغاة اما اذا كنت انا ونعوذ بالله على غير ما عليه الامام من اعتقادات او من الجانب الروحي او من الارتباط بالله عزوجل طبيعي هذا يؤثر في صدق التوسل وفي حدوث الاستجابة لأي مطلب من المطالب، حينما يسمع من الامام الرضا عليه السلام، حينما قال له احدهم سيدي انت من اشرف الناس فكان يقول الامام الرضا لا تقل هكذا، اشرف مني من كان لله اتقى والله اما نسخت هذه الآية: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» فالسنخية في التقوى والسنخية في الطاعة والسنخية في الاعتقادات والارتباط بأهل البيت بلا شك هذا الامر يؤثر حينما يتوسل الانسان بأهل البيت عليهم السلام فلابد من احداث هذا الجانب وله دور في الاستجابة وفي احداث الكرامات، بلا شك نحن نعتقد ان اهل البيت عليهم السلام عندهم كرامات لكن هذه الكرامات لانجدها تحدث لكل انسان او لكل مريض مثلاً حينما يتوسل بأهل البيت او مثلاً لكل صاحب حاجة مثلاً تقضى في العجل حاجته، بلا شك ان الطرف المقابل عنده الاستعداد حتى يفاض عليه، الله عزوجل فيضه مستمر ليس له انقطاع لكن لماذا لم يحصل بعض الناس على هذا الفيض مع انه يا دائم الفضل على البرية بسبب عدم استعداد الطرف المقابل يعني لا توجد لياقة حتى يفاض عليه كذا بالنسبة الى الائمة عليهم السلام بلا شك لابد ان تكون هناك نوع من السنخية و نوع من التوجه والاعتقاد الحقيقي بأهل البيت فحينما يتوسل بهم عن تقوى وعن اعتقاد وعن معرفة بلا شك ستكون هذه ثمرات التوسل.
نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج عرفاء مدرسة الثقلين وحديثنا فيها عن الفقيه العارف الشيخ زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني وننقل لكم الان احباءنا احدى الكرامات التي جرت له والتي تشتمل على اكثر من عبرة سلوكية.
وقد دونها تلميذه الشيخ الزاهد محمد العودي في رسالته بغية المريد في احوال الشهيد ونقلها عنه مباشرة، ضمن نقله لوقائع رحلته من دمشق الى مصر فقال: واتفق له (يعني الشيخ الشهيد) في الطريق الطاف الهية وكرامات جلية حكى لنا بعضها منها ما اخبرني به... انه في الرملة مضى الى مسجدها المعروف بالجامع الابيض لزيارة الانبياء والذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولا وليس في المسجد احد، فوضع يده على القفل وجذبه فانفتح، فنزل الى الغار واشتغل بالصلاة والدعاء، وحصل له اقبال على الله بحيث ذهل عن انتقال القافلة فوجدها قد ارتحلت... واخذ يمشي على اثرها وحده، فمشى حتى اعياه التعب، فلم يلحقها ولم يرها من البعد، فبينما هو في هذا المضيق إذ اقبل عليه رجل... وهو راكب بغلاً، فلما وصل اليه قال له: اركب خلفي.
فردفه ومضى كالبرق، فما كان الا قليلاً حتى الحقه بالقافلة وقال: اذهب الى رفقتك، ودخل هو في القافلة.
قال الشيخ الشهيد: فتحريته مدة الطريق فما رأيته اصلاً.
والى هنا ينتهي لقاءنا بكم ضمن هذه الحلقة من البرنامج، نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله.