البث المباشر

شرح فقرة (اللهم عرفني نفسك...)

السبت 14 سبتمبر 2019 - 11:54 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم عرفني نفسك " من دعاء عالي المضامين.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء المعروف الذي يقرأ في غيبة الامام المنتظر(ع) والمبادئ بهذه العبارة الاستهلالية(بسم الله الرحمن الرحيم اللهم عرفني نفسك فانك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف رسولك...).
والحديث الان هو عن العبارة الاولى (اللهم عرفني نفسك)... من الممكن ان يتساءل قارئ الدعاء عن السر الكامن وراء استهلال الدعاء المرتبط بشخصية العصر بالاشارة الى ان يعرفنا الله تعالى نفسه؟ طبيعياً ان معرفة الله تعالى هي جوهر المعرفة التي نتطلع الى تحقيقها نسبياً حيث ان معرفته مطلقاً خاصة به تعالى لكن السؤال هو عن صلة المعرفة المشار اليها بشخصية العصر؟ طبيعياً ايضاً الدعاء لم يشر مباشرة الى الصلة بين الله تعالى وبين الامام المنتظر(ع) بل جعل النبي(ص) او الرسول(ص) هو الهم الاول لقارئ الدعاء أي معرفة الله تعالى تقتادنا الى معرفة رسوله حيث ان الفارق بين النبي(ص) والرسول يتدخل ايضاً تحديد ما نعتزم توضيحه.
لكن: لندع الاجابة عن السؤال المتقدم ونتجه الى العبارة الاستهلالية وحدها وهي (اللهم عرفني نفسك)... هنا ينبغي الاشارة الى ان قارئ الدعاء لا يحق له ان يفسر او يستخلص دلالات معينة من اية عبارة شرعية الا في حالة ما اذا وجد ان المعصومين عليهم السلام هم المضطلعون بتحمل هذا التفسير.. لكن تمة سياقات تذوقية يستطيع قارئ الدعاء ان يستخلص من خلالها هذه الدلالة او تلك وهذا على نحو الاحتمال وليس الجزم بخاصة ان كلام المعصومين عليهم السلام "معصوم" من الخطأ فلابد حينئذ ان نحرص على عدم استخلاص دلالة ما نحتمل عدم صوابها مثلاً...
على اية حال لعل السؤال عن عبارة (اللهم عرفني نفسك) ينتسب الى هذا النمط من امكانية الاستخدام لذائقتنا في استشفاف الدلالة على نحو الاحتمال كما قلنا لذلك نتساءل ما المقصود من العبارة المذكورة؟
من الواضح ان الله تعالى فطر البشرية على التوحيد بصريح الآية القرآنية الكريمة كما فطرهم على معرفة الخير والشر ايضاً بصريح الآية القرآنية الكريمة التي تشير الى ان الله تعالى الهم النفس فجورها وتقواها أي الشر والخير... وفي ضوء هذه الحقيقة كيف نتعامل مع الجهاز المعرفي المتصل بالله تعالى. 
قبل الاجابة عن السؤال المتقدم ينبغي ان نشير الى ان المعرفة الفطرية والايمان انهما بطبيعة الحال تتم حيناً بنحوها الاجمالي وحيناً بنحوها التفصيلي فالتوحيد الذي تشير الآية القرآنية الكريمة هي ان الله تعالى فطرنا عليه يظل معرفة اجمالية ثم بعد ذلك يأتي دور الرسل لتوضيح مبادئ التوحيد مفصلاً والامر نفسه بالنسبة الى مبادئ الايمان حيث ان النص القرآني الكريم اوضح بجلاء ان الله تعالى حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا الان ان التفصيلات المرتبطة بمبادئ الايمان ودرجاته ومستوياته.... يظل مرتبطاً بما توصله الرسل الينا من المعرفة وفي ضوء هذه الحقائق ماذا نستهدف الآن؟
ان ما نستهدفه هو ان الله تعالى بعدما فطرنا على التوحيد وحبب الينا الايمان والهمنا الفجور والتقوى حيث هيأنا لان نستقبل المعرفة بنمطيها الفطري المجمل ثم الواعي والمفصل اما الفطري والمجمل فهو نحياه واما المفصل فان المبادئ التي اوصلها الله تعالى الينا بواسطة الرسل فقد وقفنا عندها متعرفين عليها بوضوح والمطلوب هو ان نستخدم معرفتنا في التوصل الى معرفة الله تعالى وبكلمة اكثر وضوحاً ما دام الله تعالى هو العلام المطلق أي المالك للمعرفة غير المحدودة وبما اننا لا يمكن ان نصل الى المعرفة حتى في نطاقها النسبي الى الدرجة المطلوبة عبادياً حينئذ فان الله تعالى هو الذي يتفرد بتقديم المعرفة المتصلة لنا أي هو تعالى يعرفنا نفسه حيث لا احد سواه يمتلك معرفة نفسه تعالى.
اذن: لابد اذا اردنا ان نتعرف على عظمة الله تعالى فان الامر يظل منحصراً في تعريفه تعالى هو لنفسه حتى نتبين ذلك من خلال التعريف المذكور، وهذا ما يسوغ لنا ان نقول (اللهم عرفنا نفسك او اللهم عرفني نفسك)...
اما ما يرتبط بالفقرة التي تلي للاستهلال فسنحدثك عنها ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق... لكن ينبغي الا نقرأ الدعاء المذكور الا وقد استثمرنا قراءته لتعميق معرفتنا بالله تعالى وممارسة الطاعة التي امرنا بنا والتصاعد بذلك الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة