البث المباشر

المقاتل الحسينية -۳

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 08:42 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۳

الحمد لله رب العالمين، وازكى الصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين، محمد المصطفى الهادي الامين، وعلى اله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لنا وقفة اخيرة مع (مقتل كتاب الحسين عليه السلام) للخوارزمي الحنفي، حيث دعته ضرورة او ضرورات الى كتابة هذا المؤلف النافع، مع ان الرجل لم يكن من اتباع اهل البيت عليهم السلام، لا فقها ولا موالاة، وانما هو احبهم واعجب بهم، وتالم لمظلوميتهم، وتاسف على مصابهم، حتى انه غضب على اعدائهم، فلعنهم في مقدمة كتابه هذا، ثم لم يكتف بذلك، بل جرد يراعه للكتابة في امرين: مناقب آل البيت، ومثالب اعدائهم.. فضائل ال البيت، وجرائم اعدائهم معهم.
وقد اتضح ذلك جليا في كتابه (مقتل الحسين عليه السلام) كما سنرى بعد هذه الوقفة القصيرة ان شاء الله تعالى.
صحيح ان عنوان كتاب الخوارزمي هو (مقتل الحسين)، حيث يستوحى منه ان بحثه يدور حول شخصية الامام الحسين عليه السلام، بل و حول مقتله سلام الله عليه على الخصوص، الا ان المؤلف سلك في الكتاب مسلكا خاصا، اذ جعل الجزء الاول منه دائراً حول الفضائل، وبعض الوقائع الخاصة التي سبقت واقعة طف كربلاء، ثم تفرغ في الجزء الثاني الى الواقعة المفجعة بتفاصيلها... فكان منه ان ذكر شيئا من فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت بنت اسد، ونماذج من فضائل امير المؤمنين وذريته الطاهرة، عطف عليها فضائل فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه واله، هذا ما استغرق خمسة فصول من كتاب (مقتل الحسين)، بعد ذلك كتب الخوارزمي الحنفي شيئاً من فضائل الحسن والحسين عليهما السلام، عاطفا عليها في فصل لاحق اخبارات النبي صلى الله عليه واله ما سيجري على سيد شباب اهل الجنة ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه من الظلم والقتل، منبئا صوات الله عليه وآله بما كان بعد ذلك ووقع، وطابق الوقائع.
ثم يدخل الخوارزمي بعد هذا الى ذكر بعض الحوادت التي سبقت معركة يوم عاشوراء، في المدينة... ثم في مكة... ثم ما كان من السبط الشهيد من الخروج الى العراق وما جرى عليه في طريقه حتى نزوله بالطف من ارض كربلاء. بعدها يفصل في مقتل الامام الحسين يوم عاشر محرم عام واحد وستين، في تلك الوقائع الرهيبة، والغريبة. ويفرد بعد هذا فصلا في بيان عقوبة قاتلي الحسين وخاذليه، ولعن قاتليه، وفصلا في ذكر المصيبة به ومراثيه، وفصلا في زيارة قبره... حتى اذا بلغ الفصل الاخير من الكتاب ـ وهو الفصل الخامس عشر ـ، خصصه لذكر انتقام المختار بن ابي عبيد الله الثقفي رحمه الله من قاتلي الحسين وخاذليه.
واخيراً ... اذا اردنا التعرف على خصائص كتاب (مقتل الحسين) للخوارزمي ابي المؤيد الموفق محمد بن احمد المكي اخطب خوارزم، لابد من مطالعته بدقة، ومقارنته بالمقاتل الاخرى، فاذا كان ذلك وقفنا على هذه الخصائص:
الاولى: جامعية هذه المقاتل والماميته.
الثانية: الجمع بين الروايات المحضة والاخبار التاريخية، فالخوارزمي يصح ان يعد مؤرخا وراويا في الوقت ذاته.
الخاصية الثالثة: امتياز هذا المقتل بثبوت اسانيده الخاصة، وامتدادها الى زمن المعصومين عليهم السلام.
الرابعة: انصافية المؤلف وعدم تعصبه ضد التشيع.
الخامسة: اعتماد المؤلف على كتاب (الفتوح) لابن اعثم الكوفي.
والخصيصة السادسة: امتداد طرق الخوارزمي في الرواية الى الصحابة وائمة اها البيت.
اما الخصيصة السابعة: فهي ربما عد الخوارزمي من المتساهلين في اسناده، الا ان التحقيق اثبت خلاف ذلك. واذا كان الخوارزمي ـ من اجل اكمال سير الحوادث والوقائع ـ يروي كثيرا من المراسيل، فان مراسيله كان يعضدها الاعتبار.
وتبقى الطبعتان طبعة النجف الاشرف، وطبعة قم المقدسة ـ دار انوار الهدى، كلاهما يحتاجان الى تنقيح الاسانيد والمتون وضبطها، وبالجملة يحتاج كتاب الخوارزمي (مقتل الحسين) الى تحقيق جديد ادق.
ونبقى شاكرين تلك الاقلام التي متشقت غضبا للحسين، وحبا وغيرة، واكراماً واجلالاً.. فدونت بعض فضائله التي لاتعد، ووقفت على مصيبته المذهلة التي احزنت الملايين، وابكت الاف الملايين.. جيلاً بعد جيل، وامة بعد اخرى، وذلك حين نشات النياحة يتلى فيها مقام الامام الحسين صلوات الله عليه، فاعتصرت القلوب على مظلوميته، والتهبت النفوس غضباً على قاتليه ومبغضيه، وانطلقت الالسن والاقلام بعد ذلك تنشر فضائل اهل البيت وافضليتهم، واولويتهم في خلافة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة