البث المباشر

ما هي الغاية الأساس من خلقنا؟

السبت 11 مايو 2019 - 13:21 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا نستضيء فيه بطائفة مباركة من النصوص الشريفة تعرفنا بالغاية الأساس من خلقنا وما يعود علينا إذ اجتهدنا لتحقيقها..
هذه الغاية يحددها بوضوح القرآن الكريم حيث يقول في الآيات ٥٦ الى ٥۸ من سورة الذاريات:
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{٥٦} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{٥۷} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{٥۸}"
إذن – مستمعينا الأفاضل – فالله هو الرزاق الغني عن عباده وقد جعل العبادة غاية لخلقه الجن والإنس لكي يحصلوا بها عن أسمى مراتب الرزق الإلهي؛ فما هي هذه المراتب من الرزق الخاص؟
نتوجه الى الأحاديث الشريفة سعياً للإجابة، ونبدأ بالحديث القدسي التالي الذي نقله الحر العاملي في كتاب التحفة القدسية وجاء فيه قول رسول الله صلى الله عليه وآله:
"إن الله أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني، أذكروني أذكركم بنعمتي، أذكروني بالطاعة والعبادة أذكركم بالنعم والإحسان والرحمة والرضوان.. قال: وورد في الحديث القدسي: يا بن آدم أنا غني لا أفتقر أطعني فيما أمرتك أجعلك غنيا لا تنفتقر، يا ابن آدم أنا حي لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا لا تموت، أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء كن فيكون".
من هنا يتضح مستمعينا الأحبة، أن من رحمة الله بعباده جعله العبادة غاية يسعون لتحقيقها لكي يصلوا الى الغنى والحياة السرمدية السعيدة والقدرة الحكيمة غير المتناهية لإتصالها بالقادر على كل شيء، فأي نعمة أعظم من هذا؟
من هنا كانت الرحمة بالتالي هي الغاية من خلق الجن والإنس لأن العبادة تثمر الوصول إليها، روى الشيخ الصدوق في كتاب علل الشرائع بسنده عن أبي بصير قال: سألت أباعبدالله (ع) عن قول الله عزوجل: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة قال: وسألته عن قوله الله عزوجل " وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ{۱۱۸} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ" ؟ قال: ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم – يعني أن يتعبدوا لله فينالوا رحمته -.
ونقرأ في الكتاب مسنداً عن محمد بن عمارة قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (ع) فقلت له لم خلق الله الخلق؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً ولم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد.
أيها الأطائب، وتكتمل الرحمة الإلهية بالتيسير الإلهي لأمر عبادته إذ جعل في فطرة الخلق التوجه إليه، والى هذا يشير الحديث التالي المروي في كتاب التوحيد بإسناده الى محمد بن أبي عمير قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: اعملوا فكل ميسر لما خلق له؟ فقال "إن الله عزوجل خلق الجن والإنس ليعبدوه، ولم يخلقهم ليعصوه، وذلك قوله عزوجل وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فيسر كلا لما خلق له، فويل لمن استحب العمى على الهدى".
كما أن هذا التيسير الإلهي والتأييد الرباني يستمر في هداية الله لعباده بصورة تجعل عبادتهم له بالصورة التي تعود عليهم بأفضل البركات كل بما يناسبه، نرجع الى كتاب علل الشرائع لنقرأ ما أسنده الى النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – عن جبرئيل عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: ما يتقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يبتهل إلي حتى أحبه ومن أحببته كنت له سمعاً وبصراً ويداً وموئلاً إن دعائي أجبته وأن سألني أعطيته، وإن من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده، وإن عبادي المؤمنين لمن لم يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو صححت جسمه لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك، أني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإني عليم خبير.
وبهذا ننهي أيها الأطائب حلقة اليوم من برنامج (آيات وأحاديث) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة