البث المباشر

مصداق النعيم(۳)

السبت 11 مايو 2019 - 11:40 بتوقيت طهران

سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات..
أطيب التحيات نهديها لكم مقرونة بخالص الدعوات لقبول الطاعات..
معكم – أيها الأحبة – في حلقة جديدة من هذا البرنامج، نتناول فيها الإستنارة بالنصوص الشريفة التي تهدينا الى مصداق (النعيم) الذي صرحت به الآية الأخيرة من سورة التكاثر بأن الله عزوجل سيسأل عنه عباده يوم القيامة.
وقد أفادنا التدبر في سياق آيات هذه السورة المباركة أن هذا النعيم ليس من سنخ النعم المادية فالله أكرم من أن يسأل عباده عن طعام وشراب بل إن السؤال عنه في مقام الإحتجاج عليهم بنعيم من نوع خاص يتميز بكونه وسيلة إلهية لإنقاذ الناس من الضلالة والإغترار بالنعم المادية وبالتالي التهاوي في نيران الجحيم.
ولذلك صرحت الأحاديث الشريفة بأن النعيم في هذه السورة هو الرسول الأكرم وأهل بيته المعصومين عليهم صلوات الله أجمعين.
مستمعينا الأفاضل، لقد استنرنا في حلقات سابقة بطائفة من الأحاديث الشريفة تؤكد المصداق المتقدم ونضيف إليها نماذج أخرى منها ما روي في كتاب (تأويل الآيات) وتفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق وغيرها عن الشيخ المفيد، بإسناده الى محمد بن السائب الكلبي، قال: لما قدم الصادق (عليه السلام) العراق، نزل الحيرة، فدخل عليه أبو حنيفة وسأله عن مسائل – الى أن قال – قال أبو حنيفة: أخبرني – جعلت فداك – عن قول الله عزوجل: (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) قال: فما هو عندك يا أباحنيفة؟ قال: الأمن وصحة البدن والقوت الحاضر؛ قال: يا أبا حنيفة، لئن وقفك الله وأوقفك يوم القيامة، حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها، وشربة شربتها، ليطولن وقوفك.. قال: فما النعيم جعلت فداك؟ قال: النعيم نحن الذين أنقذ الله الناس بنا من الضلالة، وبصرهم بنا من العمى، وعلمهم بنا من الجهل.
أيها الإخوة والأخوات، وهذا المعنى تؤكده الآيات القرآنية الكريمة التي حددت للعالمين مصداق النعمة التامة بإكمال الدين الإلهي في واقعة الغدير الشهير، وفيها نزل أولاً قوله تبارك وتعالى في الآية ٦۷ من سورة المائدة:
"يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"
وبعد أن بلغ الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – أمر الله بإعلان خلافة وصيه المرتضى – عليه السلام – ودعوة المسلمين للتمسك بولاية أئمة عترته الطاهرة للنجاة من الضلالة وبلوغ النعيم الأبدي، بعد ذلك نزل جبرئيل – عليه السلام – بقوله تعالى المدون في الآية الثالثة من سورة المائدة:
"الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً"
وقد استدل الإمام علي – عليه السلام – مراراً بهذه الآيات في تذكير المسلمين بأنه وولده المعصومين هم بعد رسول الله – صلى الله عليه وآله – مصداق (النعيم) الذي يسألون عنه، وقد ورد ذلك في عدة من خطبه، منها ما روي في كتاب (الفضائل) للمحدث الجليل (شاذان بن جبرئيل) حيث قال عليه السلام:
"أنا الذي قال الله سبحانه وتعالى فيّ "بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" أنا عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها.. أنا باب الله الذي يؤتى.. أنا "عمّ يتسائلون" عن ولايتي يوم القيامة، أنا نعمة الله تعالى التي أنعم الله بها على خلقه، وفيّ قوله تعالى "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" أنا الذي قال الله تعالى فيّ "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"... أنا الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - فيّ: من كنت مولاه فعلي مولاه.. أنا الذي قال الله تبارك وتعالى فيّ وفي عدوي "وقفوهم إنهم مسؤولون" أي عن ولايتي يوم القيامة".
مستمعينا الأكارم، وبهذا نصل الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (آيات وأحاديث) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، جزيل الشكر لكم على كرم المتابعة ودمتم في رعاية الله وبركاته منعمين والحمد لله رب العالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة