السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم ومرحباً في حلقة جديدة من هذا البرنامج نخصصها – بعون الله – لموضوع الإستشفاء بالقرآن الكريم من الأمراض والعلل البدنية المستعصية.
وقد عرفنا في حلقة سابقة أن في إطلاق الآيات الكريمة تصريح بأن الكتاب العزيز فيه شفاء لجميع الأمراض المعنوية منها والمادية، والأحاديث الشريفة متواترة في مضمون الدعوة للإستشفاء بالقرآن من الأمراض المعنوية مثل الكفر والنفاق والأمراض الأخلاقية كالحسد والتكبر والغرور والبخل وغيرها، وإضافة لذلك فقد وردت في الأحاديث الشريفة كثير من وصفات علاجية لأمراض مادية أيضاً فيها ما يعجز عنه الطب الطبيعي، واشتملت هذه الوصفات العلاجية على تلاوة آيات كريمة معنية لكل مرض مادي؛ ونماذج هذه الأحاديث الشريفة مروية في المصادر المعتبرة عند مختلف الفرق الإسلامية؛ ولكن ما هي شروط الإستشفاء بالقرآن الكريم من مختلف العلل المادية منها والمعنوية؟
مستمعينا الأفاضل، لنتدبر معاً أولاً في قول الله تبارك وتعالى في الآية الكريمة الثانية والثمانين من سورة الإسراء حيث يقول:
""وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارا"
وهنا نلاحظ أن الإيمان شرط أساسي للإستشفاء بما في القرآن الكريم، فالظالم الذي يشرك بالله أو يهزأ بآياته أو يرتكب أي ظلم تجاه القرآن الكريم لا يزداد إلا خساراً من العلاجات القرآنية.
أما المؤمن فهو يستشفي بالقرآن ويستغني به فلا يفتقر لعلاج معه، قال رسول الله – صلى الله عليه وآله – في المروي عنه من طرق الفريقين كما في بحار الأنوار وكنز العمال: "القرآن غنىً، لا غنى دونه ولا فقر بعده".
وقال الوصي المرتضى الإمام علي – عليه السلام – كما في نهج البلاغة:
"إعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غنىً، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم - يعني الشدائد التي تنزل بكم -".
أيها الإخوة والأخوات، وتهدينا الأحاديث الشريفة الى أن من شروط الإستشفاء بالقرآن إخلاص النية بطلب الشفاء من الله عزوجل بوسيلة كتابه والإعتقاد بذلك.
روى الحافظ الزيات – رضوان الله عليه – في كتابه القيم (طب الأئمة عليهم السلام) قال: قال أبو عبد الله الإمام الصادق عليه السلام: "ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاة قط فقال بإخلاص نية ومسح موضع العلة "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" إلا عوفي من تلك العلة أية علة ومصداق ذلك في الآية حيث يقول شفاء ورحمة للمؤمنين".
أما الشرط الثالث للإستشفاء بالقرآن الكريم فهو أخذ علاجاته من أهل بيت النبوة المحمدية، فهم – عليهم السلام – أبواب مدينة علم رسول الله – صلى الله عليه وآله – والعارفون بأسرار القرآن الكريم وعدله الذي لا يتحقق التمسك به إلا بولايتهم كما صرح بذلك حديث الثقلين المتواتر، جاء في كتاب (طب الأئمة) أيضاً وفي جواب للإمام الصادق – عليه السلام – عن سؤال بشأن التمائم قال:
"لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن؟ أليس جل جلاله يقول: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" أليس يقول تعالى ذكره وثناؤه "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعاً من خشية الله" سلونا نعلمكم ونوقفكم على قوارع القرآن لكل داء".
وقال – عليه السلام – أيضاً في حديث رواه الحافظ الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: "إنما الشفاء في علم القرآن لقوله " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" فهو شفاء ورحمة لأهله لا شك فيه ولا مرية، وأهله الأئمة الهداة الذين قال الله: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا"".
إذن فالشروط الثلاثة للإستشفاء بالقرآن الكريم من كل مرض – مادياً كان أو معنوياً – هي: الإيمان والإعتقاد القلبي بالشفاء القرآني، والإخلاص لله في طلب الشفاء منه تبارك وتعالى، وثالثاً أخذ العلاجات القرآنية من العارفين بأسرار الكتاب الإلهي وورثته وهم محمد وآله الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين.
وبهذه النتيجة ننهي أيها الأكارم حلقة اليوم من برنامج (آيات وأحاديث) شاكرين لكم كرم المتابعة، لكم دوماً خالص الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم في أمان الله.