السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأعزاء، في حلقة سابقة كانت لنا وقفة عند حديث شريف يهدينا فيه مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – الى علاجات قرآنية لأربعة من أهم الحالات التي تسببا الأذى والحزن للإنسان، وقد تناولنا العلاج القرآني للحالة الأولى وهو الخوف الذي ينتج من أي خطر يشعر به الإنسان، ونتناول في هذا اللقاء – بعون الله – العلاجات القرآنية للحالات الثلاث الأخرى؛ تابعونا على بركة الله.
أحبتنا المستمعين، قبل أن نتأمل معاً في نص الحديث الشريف، نشير أولاً إلى إنطلاقه أساساً من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية المصرحة بأن الله عزوجل أنزل القرآن وفيه الشفاء للناس لذلك ينبغي أن نبحث في القرآن الكريم ونستنطقه حسب تعبير الأحاديث الشريفة للحصول على ما نحتاجه، وهذا ما تعيننا على تحقيقه الأحاديث الشريفة وتعلمنا سبله، ومنها الحديث التالي الذي رواه الشيخ الصدوق في عدة كتبه المعتبرة ومنها كتابه القيم (من لا يحضره الفقيه) فقد جاء فيه عن إمامنا الصادق (عليه السلام) قال: "عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع الى أربع: عجبت لمن خاف كيف لا يفزع الى قوله عزوجل: "حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"فإني سمعت الله جل جلاله يقول بعقبها: "فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ"".
وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع الى قوله عزوجل: "لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ".
وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع الى قوله: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" فإني سمعت الله جل وتقدس يقول بعقبها: "فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا"
وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع الى قوله تبارك وتعالى: "مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" فإني سمعت الله عز اسمه يقول بعقبها: "إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدا * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ" وعسى موجبة - يعني موجبة للخير-.
إذن مستمعينا الأفاضل، فالعلاج القرآني الثاني الذي يهدينا إليه الإمام الصادق – عليه السلام – هو ذكر "لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" وهو الذي يعالج حالات الغم التي تصيب الإنسان نتيجة لبلاء يحل به، وهذا الذكر منتزع من الآيتين الكريمتين ۸۷و۸۸ من سورة الأنبياء واللتين تحكيان قصة نبي الله يونس على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام، نستمع لهما متدبرين وخاشعين حيث يقول الله أصدق القائلين:
"وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ{۸۷} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ{۸۸}"
ومن التدبر في هاتين الآيتين الكريمتين نتوصل الى أن العلاج القرآني لدفع أي بلاء تنزل بالإنسان يكمن في أن يتضرع المبتلى لله عزوجل مقراً بتوحيده وألوهيته منزهاً له عزوجل عن أن يكون بلاؤه النازل خلاف العدل ومعترفاً بذنبه وهذا ما يتضمنه الذكر القرآني الجليل "لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ".
ونجد في الآية الكريمة الثانية قوله عزوجل "وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" وفيه بشارة كريمة بأن النجاة من الغم ببركة هذا الذكر لا تختص بيونس – عليه السلام – بل تشمل كل مؤمن يتوسل الى الله لرفع أي غم وبلاء يصيبه بهذا العلاج القرآني.
أيها الإخوة والأخوات، أما العلاج القرآني الثالث فهو يشمل جميع حالات الكيد والمكر التي يعرض لها المؤمن مثلما عرض لها مؤمن آل فرعون – رضوان الله عليه – وهذا العلاج مفتاحه الذكر الوارد في الآية الرابعة والأربعين من سورة غافر الواردة ضمن حكاية القرآن لقصة هذا العبد الصالح وهو "أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ"، فتفويض الأمر الى الله جل جلاله ثقة بأنه البصير العليم بالعباد، وسيلة دفع أي مكر وكيد يوجهه الأعداء أو الشيطان للإنسان.
ويبقى مستمعينا الأطائب العلاج القرآني الرابع المشار إليه في هذا الحديث الشريف وهو ما يدفع الأذى الذي يصيب الفقراء بسبب تفاخر الأغنياء عليهم، وهو ما سنتحدث عنه بإذن الله عزوجل في حلقة مقبلة من برنامجكم (آيات وأحاديث).
نشكر لكم طيب المتابعة ولكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران أصدق الدعوات، دمتم في أمان الله.