بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله الطيبين الأطهار أهلاً بكم - ايها الاعزاء - في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتا طيبا ومفيدا.
قال أميرالمؤمنين عليه السلام في وصف حال الناس في الدنيا:"أيها الناس، إنما أنتم في هذه الدنيا غرضٌ، تنتضل فيه المنايا مع كلّ جرعةٍ شرق، وفي كلّ أكلةٍ غصص، لا تنالون منها نعمةً إلاّ بفراق أخرى، ولا يعمّر معمّرٌ منكم يوما من عمره إلاّ بهدم آخر من أجله، ولا تجدّد له زيادةٌ في أكلةٍ إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه".
مستمعينا الأعزاء: في كلمته النورانية هذه يعرّف الامام عليه السلام حقيقة الدنيا لكل الناس، وينبغي لكل عاقل أن لا يغتر بزخارفها وزينتها حيث تدفعه الى ارتكاب المعاصي والابتعاد عن طاعة الله تعالى، وهنيئاً لمن يعتبر ويزدجر.
مستمعينا الأفاضل: كلمة "الغرض" أي الهدف الذي يرميه الرماة و"تنتضل" أي تترامى إليه و"المنايا" أي الموت. و"مع كل جرعة شرق"أي إنّ نعيم الدنيا مشوبٌ بالآلام والمشاق، فالماء الذي هو أهم ما في الحياة قد يصحبه شرق يؤدي للهلاك... "ولا يعمر معمر منكم يوماً من عمره إلاّ بهدم آخر من أجله" فكل يوم يعيشه ينقص من عمره الذي سجله الله تعالى في اللوح المحفوظ.
ويقول أميرالمؤمنين عليه السلام: "انفاس المرء خطاه الى اجله" …فعليه أن يستغل هذا العمر في طاعة الله تعالى: "ولا تجدّد له زيادةٌ في أكلةٍ إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه" فهو لايأكل حتى يفني ما قبله، والمراد: أنه في سياق استنفاد رزقه المقدّر له، وبهذا تذهب لذة الأكل منه لسعيه في استيفاء رزقه الذي يوشك أن ينتهي.
مستمعينا الأعزاء: ونستمر بالاستماع لكلمات أميرالمؤمنين البليغة النورانية
حيث قال عليه السلام: "ولا يحيا له أثرٌ إلّا مات له أثرٌ، ولا يتجدّد له جديدٌ إلاّ بعد أن يخلق له جديد، ولا تقوم له نابتةٌ إلاّ وتسقط منه محصودةٌ، وقد مضت أصولٌ نحن فروعها فما بقاء فرعٍ بعد ذهاب أصله". وهنا أيضاً أيها الأكارم تنبيهٌ لطيف وبديع من قبل الامام عليه السلام لنا جميعاً فقوله "ولا يحيا له أثر إلا مات له أثر" أي لا يعرف بشيء حتى يذهب ما عرف به سابقا، فمثلاً: لا يعرف بالعلم إلاّ بعد ما كان معروفاً بالجهل.
وكلمة (يخلق) أي: يبلى (ولا تقوم له نابته) وهم الأولاد والأحفاد (إلاّ وتسقط منه محصودة) وهي موت الآباء والأجداد (وقد مضت أصول) وهم الآباء.
مستمعينا الأعزاء: ويختم الامام عليه السلام قائلاً: "وما أحدثت بدعةٌ إلاّ ترك بها سنّةٌ، فاتّقوا البدع، والزموا المهيع إنّ عوازم الأمور أفضلها، وإنّ محدثاتها شرارها".
البدعة: ما استحدث في الدين، والسنّة: ما أثر عن الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم من قول وفعل، والمراد: انّ ظهور البدع والعمل بها يستلزم ترك السنة، "فاتقوا البدع والزموا المهيع" وهو الطريق الواسع و"عوازم الأمور": ما تقادم منها وكان على عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم و"محدثاتها": ما استحدث وألصق بالشريعة.
أيها الأحبة الكرام: إنتهى الوقت المخصص للبرنامج، نشكركم على حسن المتابعة وجميل الإصغاء وحتى اللقاء المقبل نترككم في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم.