الحمد لله جاعل الحقوق الواجبة لمن يشاء رأفة منه ورحمة ليسال بها سائل ويأمل اجابة دعائه بها آمل والصلاة والسلام على من جعل الله صلاته على المؤمنين سكناً لهم محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته ها نحن نلتقيكم على بركة الله مرة اخرى في هذا البرنامج وفي الحلقة الرابعة عشرة منه فاهلاً بكم ومرحباً.
تعلمون اعزاءنا بان الله تبارك وتعالى اخبرنا بان الشهداء احياء عند ربهم يرزقون وهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم متواصلين معهم فما بالك بسادات الشهداء نعني اولياء الله المقربين؟ فكيف يمكن ان لا تكون لهم مثل هذه الحياة الطيبة بعد وفاتهم؟ وكيف لا تكون لهم هذه الحياة وقد خرجوا من الدنيا شهداء في سبيل الله بالسيف او السم؟ وما ابعد الانصاف عن قول جملة الشوائب الاموية والسفيانية الذين ينهون عن التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) لانه مات فلا حياة له ولا قدرة على الاستجابة لتوسل المتوسل به؟ تعالوا نستعرض معاً بعض النصوص الداحضة لهذا القول ومن عمل الصحابة الذين يقولون انهم يتبعونهم.
روى الطبراني في العجم الكبير بسند صحيح صححه علماء الرجال والحديث من حفاظ اهل السنة، ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان ايام خلافته في حاجة له فكان عثمان لا يتفت اليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن نيف فشكا اليه ذلك فقال له: ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد يعني مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم اني اسألك واتوجه اليك بنيك محمد نبي الرحمة، يا محمد اني اتوجه بك الى ربي فتقضي حاجتي.
قال ابن حنيف: وتذكر حاجتك ورح اليه حتى اروح معك، تقول الرواية فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم اتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى اخذ بيده فادخله على عثمان بن عفان فاجلسه معه في الطنفسة وقال له ما حاجتك فذكر حاجته فقضاها له.
ثم ان الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت الي حتى كلمته في فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد اتاه رجل ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبي او تصبر؟
فقال: يا رسول الله انه ليس قائد وقد شق عليّ.
فقال له النبي: ائت الميضاة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات.
قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وما طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط، أي رد اليه بصره على افضل ما يكون ببركة التوسل الى الله برسوله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته.
*******
مستمعينا الاكارم ثمة ملاحظات اخرى بشأن الرواية المتقدمة سنشير اليها ان شاء الله ولكن بعد الاستماع لتوضيحات ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند بهذا الخصوص في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا معه نستمع معاً:
المحاور: سماحة الشيخ فيما يرتبط بالشبهات التي يثيرها البعض فيما يرتبط بالتوسل الى الله عزوجل بالوسائل التي امر التوسل اليه بها قضية الحياة والموت، يقولون إذا استدللتم بآية «إذا جاءك الامر» بالمجيء للرسول والاستغفار واستغفار الرسول له فأن هذا يصدق في حياته (صلى الله عليه وآله) فلا يجوز بعد وفاته، ما هو الرد على هذه الشبهة.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. وبعد فأنما قاله القرآن احق بالتصديق والاعتقاد مما يدعوه هؤلاء حيث ان القرآن الكريم يصف الدار الاخرة بأنها مفعمة بالحياة ومشتدة بالحياة اكثر من النشأة الدنيوية «وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون»، مظهر عنفوان الحياة هو الدار الاخرة وليست هي دار الدنيا، الدنيا على اية حال «الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا» وبالتالي في نشأة دار الدنيا الكثير ربما يصف القرآن الكريم الذين لا يؤمنون بأنهم موتى او في كثير من لسان الروايات الواردة عن النبي واهل بيته ان من يجهل الشيء او يجهل اشياءهم اموات والعماء احياء والعلم هو الحياة وماشبه ذلك، الحقيقة وهذا يؤيده الوجدان من العلم نوع من الادراك ونوع من الشعور بما يحيط بالانسان وما هو موجود في المخلوقات وبالتالي فأن الشعور هو احد ابرز امتيازات الحياة فأذا كانت الدار الاخرة حينئذ يشتد فيها الشعور «كلا لو تعلمون علم اليقين / لترون الجحيم / ثم لترونها عين اليقين» نحن لا نشعر بكثير من ما هو في البرزخ، ما هو في الاخرة، مما يدلل على اننا ليست لدينا تلك المقدرة من الحياة والشعور الموجودة في البرزخ وفي الاخرة.
المحاور: هذا لعامة الناس فكيف بسيد الخلق.
الشيخ محمد السند: نعم «لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون» إذا كانوا شهداء فكيف بأن هو رئيس الشهداء وهو رسول رب العالمين الذي صنع ما لا يعد ولا يحصى من الشهداء وهو سيد الكائنات، وكذلك ما ورد في روايات الفريقين من ان الاعمال تعرض على رسول الله بل في الاية الكريمة «اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» هنا اسندت الرؤية الى رسول الله، الرؤية التي هي لله هي مشاهدة العمل حين وقوعه.
المحاور: والخطاب عام للامة الى يوم القيامة؟
الشيخ محمد السند: نعم «فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» يرى الاعمال من العباد من الاولين والاخرين حين صدورها وتعرض عليه ولذلك وصفها الله بآيات عديدة بأنه شاهد على الشهداء وهم الائمة (عليهم السلام) الذين يشهدون على اعمال العباد، هو شاهد على الشهداء، ليس فقط شاهد على الاعمال، فهو رئيس الخلقة الالهية.
المحاور: سماحة الشيخ بقية شبهة اساسية ايضاً ترد في كلام الناهين عن التوسل الى الله بالوسائل اليه او بالوسائط اليه هي شبهه دعوة غير الله تبارك وتعالى، لو سمحتم يكون هذا موضوع الحديث للحلقة القادمة.
*******
نتابع اعزاءنا المستمعين تقديم الحلقة الرابعة عشرة من برنامج التوسل الى الله بذكر بعض الملاحظات على رواية الصحابي عثمان بن حنيف رضوان الله عليه التي نقلناها في مقدمة اللقاء.
فنشير اولاً الى ان هذه الرواية رواها جملة من ائمة الحديث عند اهل السنة وصححوا اسانيدها منهم ابن السني في عمل اليوم والليلة والبيهقي في دلائل النبوة باسناد صحيح البخاري والمنذري في الترغيب والترهيب وصحح السند ايضاً ابن حجر في مجمع الزوائد.
اما الملاحظة الثانية فهي انها تثبت صراحة ان الصحابي عثمان بن حنيف كان قد فهم بوضوح ان حكم التوسل الى الله بنبيه الاكرم (صلى الله عليه وآله) جار في حياته وبعد وفاته دون تفريق.
والملاحظة الثالثة ان عثمان بن حنيف كان على يقين من جدوى هذا التوسل ولذلك لم يذهب الى الخليفة عثمان بن عفان للتوسط في حاجة الرجل.
ايها الاخوة والاخوات ولنختم هذه الحلقة من برنامج التوسل الى الله بنقل رواية اخرى عن توسل آخر بالنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته رواها البيهقي في سننه بسند صحيح ايضاً، جاء في الجزء الثالث من سنن البيهقي انه جاء رجل في ايام خلافة عمر بن الخطاب الى قبر نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) فقال يا محمد استسق لامتك فسقوا.
اعاذنا الله واياكم احباءنا من الغفلة عن ابتغاء الوسيلة الى الله عز وجل ختاماً نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******