ففي 15 مرداد 1382، قدم قائد الثورة الاسلامية صورة موثقة لجذور هذا العداء منذ الأيام الأولى للثورة، مشيراً إلى أن التحركات الأمريكية بدأت من السفارة الأمريكية وتخطيط الانقلابات، مروراً بالهجوم على طبس وتشجيع نظام صدام على الحرب، وصولاً إلى الهجوم على الطائرات المدنية ومنصات النفط وفرض العقوبات الاقتصادية، بما في ذلك قانون «داماتو». وأكد أن كل هذه الأحداث تشكل سلسلة مترابطة تكشف طبيعة العداء المستمر للولايات المتحدة.
كما أكد سماحة قائد الثورة في 26 آبان 1395، أن تغير الرؤساء الأمريكيين لا يغيّر جوهر السياسة الأمريكية: «أمريكا تبقى أمريكا؛ أي حزب كان في الحكم، لم يجلب لنا خيراً، بل شراً. أحدهم فرض العقوبات، وآخر أسقط الطائرة، وثالث هاجم منصات النفط، ورابع ساعد أعداءنا … ونحن مستعدون لمواجهة أي حادث محتمل».
وفي 14 خرداد 1395، شدد قائد الثورة الاسلامية على ضرورة معرفة العدو ومراقبته باستمرار، قائلاً: «يجب أن نعرف العدو، وأن نكون حساسّين تجاه تحركاته … ونوفر مضادات لأي تهديد محتمل». هذه الحساسية ليست مجرد ريبة، بل هي شرط أساسي للحكم المستقل والحفاظ على السيادة الوطنية.
وفي 19 ارديبهشت 1397، أوضح قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي أن هذا العداء ليس موجّهاً لشخصه أو لشخص قادة النظام، بل للنظام الإسلامي ككل الذي يقبله الشعب الإيراني. حتى حكومة أوباما، التي كانت تدّعي عدم الرغبة في الإطاحة بالنظام، كانت في الواقع تعمل على ذلك. وهدف هذا العداء، كما شرح سماحته، هو السيطرة على إيران ومنع استقلالها، كما تفعل أمريكا في بعض دول المنطقة.
وبتاريخ 12 آب 1404 هـ.ش قال قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي في خطابٍ: «العداء الأمريكي لإيران'>العداء الأمريكي لإيران لم يكن مجرد كلام أو تصريحات، ولم يقتصر على العقوبات فقط؛ بل كان عداءً عملياً. لقد تآمر الأمريكيون ضد الجمهورية الإسلامية كلّما استطاعوا، وساعدوا أعداءها الحقيقيين كلّما تمكنوا، وضربوا مصالح الشعب الإيراني بكل ما أمكنهم من وسائل. إنّ الطبيعة الاستكبارية لأمريكا لا تنسجم مع الطبيعة الاستقلالية للثورة الإسلامية. أريد أن أقول بوضوح: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا ليس خلافاً تكتيكياً ولا ظرفياً، بل هو خلافٌ جوهري».
هذا البيان العميق والشامل يحمل رسائل متعددة، فعلى المستوى الجوهري، يكمن الخلاف في طبيعة الطرفين: الثورة الإسلامية قائمة على الاستقلال والسيادة، بينما الولايات المتحدة قائمة على الهيمنة والسيطرة، ولا يمكن الجمع بين هذين النهجين في خط واحد.
أما على المستوى السلوكي، فإنّ عداء أمريكا لم يكن يوماً مجرّد تصريحات أو بيانات سياسية، بل كان عملاً عدائياً منظماً ومستمراً. فكلّما سنحت لها الفرصة، وجدت سبيلاً لضرب المصالح الوطنية الإيرانية بمختلف الأساليب، السياسية والاقتصادية والأمنية.
ومن هذا المنطلق، إذا كان الخلاف ذاتيّاً وجوهريّاً، فإنّ الحلول التكتيكية المؤقتة – من دبلوماسية ظرفية أو تفاهمات اقتصادية محدودة – لن تكون كافية لتجاوز هذا التناقض البنيوي بين الثورة الإسلامية والنظام الأمريكي.
وفي هذا السياق، يشكّل اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال فيه: «كنت على رأس الهجوم الإسرائيلي على إيران في 23 خرداد، وكنت أسيطر على كامل العملية»، دليلاً صارخاً على عمق هذا العداء الذي حذّر منه قائد الثورة على مدى أربعة عقود.
هذا الاعتراف أشبه بخيطٍ يُسحب من نسيجٍ قديم ليكشف النقش الخفيّ تحته: عداءٌ أمريكيّ متأصّل، ليس سوء تفاهم عابراً، بل صدام وجودي مع مبدأ استقلال إيران وسيادتها الوطنية.
وعند جمع كل هذه التصريحات والوقائع، يتضح أن العداء الأمريكي لإيران:
1. هيكلي وبنيوي وليس مؤقتاً.
2. يتعلق بـ جوهر الثورة واستقلال إيران وليس مجرد السياسات.
3. ليس نتاج رئيس معين، بل نتاج منطق الهيمنة في النظام الأمريكي ككل.
4. لا يبدأ بالتهديدات ولا ينتهي بالمفاوضات أو الابتسامات، بل هو صراع جوهري ومستمر.
واختتم قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي هذه الحقيقة بقوله: «الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا هو خلاف جوهري».